فلسطين أون لاين

​تضارب المصالح في "قانون الضمان".. التساؤلات مشروعة

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ طلال النبيه:


عابدين: تنصيب أبو شهلا لرئاسة المؤسسة يناقض القانون الأساسي الفلسطيني

عبد الكريم: الحراك ضد القانون بسبب أزمة الثقة مع حكومة الحمد الله


في ظروفٍ غير موضوعية بدأت حكومة الحمد الله تطبيق قانون الضمان الاجتماعي في تشرين الآخر (نوفمبر) الماضي، وشكل مجلس إدارة مؤسسته نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2017م، بعضوية 18 شخصًا، منهم نائب رئيس سلطة النقد رياض أبو شحادة، ويرأسهم وزير العمل بحكومة الحمد الله مأمون أبو شهلا، في مخالفةٍ واضحة للأسس التي أنشئت عليها المؤسسة أن تكون مستقلة ولا ترتبط بالسلطة التنفيذية.

و"الضمان الاجتماعي" قانون صدق عليه رئيس السلطة في ديسمبر 2016م، بهدف توفير منافع التأمينات الاجتماعية للمؤمّن عليهم وعائلاتهم لضمان مستقبل آمن لهم، بالاعتماد على مبادئ الإنصاف والشفافية والكفاءة، والعدالة الاجتماعية، والشفافية والإفصاح، والكفاءة والاستقلالية والحوكمة، وبعيدًا عن المصالح.

لكن منذ تأسيس المؤسسة شاب عملها عدد من الإشكاليات، لخصها عدد من المختصين والمراقبين للقانون في غياب الحوكمة والشفافية، وعدم مأسسة مجلس إدارتها مأسسة تليق بأهمية وجوده، من حيث الكفاءة والخبرة والأداء الاستثماري.

صحيفة "فلسطين" تسلط الضوء في هذا التقرير على "تضارب المصالح" الذي يعيشه رئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي مأمون أبو شهلا، وعدد من أعضاء المجلس، إذ أكد القانون استقلاليته الإدارية والمالية الكاملة عن السلطة التنفيذية والحكومة.

رئيس المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق لحقوق الإنسان عصام عابدين بين أنه لا يجوز وفقًا للقانون الأساسي الفلسطيني الجمع بين رئاسة مؤسسة مجلس الضمان الاجتماعي والسلطة التنفيذية.

وقال عابدين في حديث لـ"فلسطين": "في الواقع يوجد تناقض مع القانون نفسه، الذي يتحدث عن الاستقلالية الإدارية والمالية الكاملة لمؤسسة الضمان عن الحكومة والسلطة التنفيذية، وعلى ذلك لا يجوز أن يرأس وزير العمل مؤسسة الضمان الاجتماعي".

واستدل القانوني بأن "هيئة التقاعد العام المختصة بالموظفين العموميين يرأسها شخص ليس وزيرًا ولا من الحكومة، في حين أن من يرأس مؤسسة الضمان الاجتماعي التي هي أصلًا المخاطبون فيها من القطاع الخاص والأهلي هو من الحكومة"، مضيفًا: "هذه مفارقة غير قانونية أولًا، وغير منطقية ثانيًا".

التفرغ لمهامه

وعن مهام وزير العمل في مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي بين عابدين أن على أبو شهلا التفرغ وزيرًا لتطبيق قانون العمل، وألا يكون أصلًا في المجلس، مضيفًا: "عليه التفرغ لقانون العمل؛ فهناك أجزاء كبيرة جدًّا منه غير مطبقة، أيضًا إن تفتيش وزارته على المؤسسات لا يجرى بالطريقة السليمة، وهو كذلك يرأس لجنة الأجور التي لم تجتمع منذ مدة طويلة لمراجعة تطبيق الحد الأدنى للأجور".

وأضاف: "إن الحد الأدنى للأجور 1450 شيكلًا، وهو لا يتناسب مع خط الفقر المدقع"، مجددًا موقفه أن "هناك العديد من المهام التي يجب أن يتفرغ لها وزير العمل ويتابعها، لا أن يجمع بين كل هذه المهام ومجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي".

ودعا رجل القانون إلى إعادة هيكلة مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي على أساس الخبرة والكفاءة والتخصص، ورفده بشخصيات مستقلة وفق شروط ومعايير واضحة، وأن يكونوا منتخبين، على أن ينتخبوا رئيس مجلس المؤسسة وألا يعين تعيينًا بهذه الطريقة.

وقال: "الأداء على الأرض مقلق جدًّا، فهناك هيمنة واضحة من وزير العمل ورئيس مجلس إدارة المؤسسة على المجلس، وهذا يعكس هشاشة المجلس"، مشيرًا إلى وجود عدة تجارب واقعية في الحالة الفلسطينية.

وعن اتفاقية الحافظ الأمين التي وقعت بين بنك فلسطين ومؤسسة الضمان الاجتماعي بين عابدين وجود تضارب مصالح واضح في الاتفاقية، وهو أحد أسباب إنهاء العضوية، موضحًا أن "وزير العمل شغل سابقًا منصب نائب رئيس مجلس إدارة هذا البنك".

وأشار إلى أن اتفاقية مؤسسة الضمان الاجتماعي مع وزارة الصحة المتعلقة بنقل المنافع التأمينية الصحية للقطاع الصحي العام "افتقرت كذلك للشفافية، ووجود مناقصات فيها".

وذكر أن تصريحات وزير العمل بدمج صناديق التقاعد في صناديق الضمان، إضافة إلى عدد من الإجراءات يقوم بها الوزير "غير قانونية وغير دستورية ومخالفة للمعايير الدولية، وتعكس مدى هشاشة مجلس إدارة مؤسسة الضمان".

أزمة ثقة

وعن الحراك التي يشهده الشارع الفلسطيني ذكر أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت نصر عبد الكريم أن هذا الحراك المتمثل في موظفي وعمال القطاع الخاص جاء بسبب أزمة الثقة مع حكومة الحمد الله.

وأكد عبد الكريم في حديث لـ"فلسطين" ضرورة العمل على مأسسة القرارات، ورسم السياسات في إدارة الشأن العام الفلسطيني بعيدًا عن التفرد والارتجالية، والاحتكام إلى قواعد الحوكمة الرشيدة في التوافق على القانون.

وعن تأثير القانون اقتصاديًّا على المجتمع قال الخبير الاقتصادي: "إنه سيكون سلبيًّا لأنه سيسحب السيولة المالية من الأسواق، وسط انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، لكن إن أخذ بالملاحظات المتعلقة به وحَسُن استثمار الأموال فسيكون إيجابيًّا".

ولفت إلى وجود وجهة نظر مشروعة تتعلق بتساؤلات: "أين فرص الاستثمار التي يمكن أن تكون مجدية وذات مردود في الوقت نفسه وليست خطرة؟، وهل الاقتصاد الفلسطيني يتحمل إمكانية الاستثمار بأموال كبيرة داخل الاقتصاد المحلي؟".

وبالعودة إلى عابدين إنه يرى ضرورة نشر مجلس إدارة مؤسسة الضمان الرؤية والآلية الواضحة لاستثمار الأموال في الأسواق، فضلًا عن نشر الأنظمة الإدارية والمالية، والخطط والتقارير الاستثمارية، ومنها السنوية والربعية وغيرها، والمحافظ الاستثمارية، والتنوع الاستثماري، وجغرافيا الاستثمار.

وتساءل هو كذلك عن حصة قطاع غزة من الاستثمار، قائلًا: "يجب أن تكون الاستثمارات الداخلية موزعة على الضفة الغربية وقطاع غزة، توزيعًا يساهم في مساعدة الاقتصاد الذي يترنح هنا وهناك