لم يكن الجدل الذي أثاره قانون الضمان الاجتماعي إلا بفعل بنود نص عليها ولاقت استياءً شديدًا من العاملين في القطاعين العام والخاص، وكان ذلك واضحًا في الضفة الغربية المحتلة التي شهدت سلسلة فعاليات مناوئة لا تزال مستمرة للمطالبة بإسقاطه، بعدما تضمن بنودًا "مجحفة" أغفلت تطبيق الحد الأدنى للأجور، والعلاوات الاجتماعية، وفرضًا للغرامات، حسبما ذكر قانونيان.
وفي هذا الصدد أكد المستشار القانوني لمركز الميزان لحقوق الإنسان علاء سكافي أن اللوائح التنفيذية والتفسيرية لنصوص القانون لم تُستكمل، رغم علم القائمين عليه أن الأصل إقرار 22 لائحة تنفيذية لتنفيذ القانون، لكن خمس لوائح تنفيذية فقط صدرت، مستندًا في ذلك إلى موقع مؤسسة الضمان الاجتماعي.
ونبَّه سكافي في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى أن القانون لا يضمن تطبيق الحد الأدنى للأجور المصدق عليه من مجلس الوزراء، بقيمة 1450 شيكلًا تقريبًا، إضافة إلى غياب التغطية القانونية وتنظيم عمالة الأحداث، وعدم وجود علاوات اجتماعية تشمل الوالدين والزوجات والأبناء.
أيضًا القانون كما يقول المستشار القانوني لم ينظم عملية انضمام أصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين إلى قانون الضمان الاجتماعي، إضافة إلى مشكلة الاستقطاعات عن العمال في الأراضي المحتلة سنة 1948م، متسائلًا: "كيف سيتناول صندوق الضمان هذه الاستقطاعات وآليات توزيعها والاستفادة منها؟!".
وبين أن القانون تناول 8 تأمينات للمواطنين، منها تأمين يتعلق بتقاعد الشيخوخة الاختياري، ونص على تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة الطبيعية وإصابة العمل والتأمين على الأمومة،وفعلها، لكن لم يفعل التأمين على المرض والصحة والبطالة والتعويضات العائلية، ولم يحدد سقفًا زمنيًّا لتفعيل باقي التأمينات الأخرى.
وذكر أن مجلس إدارة صندوق الضمان يتكون من رئيسه وزير العمل بحكومة الحمد الله، مأمون أبو شهلا، ومديرين عامين من وزارات: التنمية الاجتماعية، والاقتصاد الوطني، والمالية، والعمل، وشخصين من خارج الإطار أو من المختصين، عادًّا ذلك "سطوةً من السلطات التنفيذية على الصندوق، وتغولًا على إدارة مجلسه".
وتابع: "يفترض تقليل عدد ممثلي الوزارات، ووضع أشخاص لهم خبرة وذوي اختصاص من الإدارة والمالية؛ لتنظيم الأموال واستثمارها بطريقة صحيحة".
ويشمل القانون فرض غرامات -حتى لو كانت هناك ظروف قاهرة وطارئة- في حال تأخر صاحب العمل عن توريد استقطاع المبلغ وتصديره إلى صندوق الضمان، في حين أنه حسب القواعد القانونية يُلغى ذلك في الظروف الطارئة لأسباب خارجة عن الإرادة.
بدوره قال المستشار القانوني عبد الله أبو لولي: "إن قانون الضمان الاجتماعي ليس قانونًا ولا يرقى إلى مستوى مشروع قانون، لأنه صادر عن أشخاص لا يملكون سلطة إصدار التشريعات أو سن القوانين".
وشدد أبو لولي (وهو مدير الوحدة القانونية في المجلس التشريعي بغزة) على أن إصدار القوانين والتشريعات "مهمة ثابتة في نص القانون الفلسطيني الأساسي للمجلس التشريعي".
وأضاف لـ"فلسطين": "إن قانون الضمان الاجتماعي لم تتخذ له الإجراءات السليمة التي يُعرض بها القانون ويُقر، وهو في نظرنا مجرد أفكار، وضعها أحد الأشخاص وعلى الجهات الرسمية أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها"، مطالبًا بـ"النظر في شرعية الجهة التي عرضت القانون".
وبين أن "المادة (79) في فقرتها الرابعة من القانون الأساسي المعدل نصت صراحة على أنه "لا يجوز لرئيس الوزراء أو لأي من الوزراء مزاولة مهامهم قبل أن يحوزوا الثقة بها من المجلس التشريعي"، متابعًا: "لما كان النص هكذا؛ لا يجوز بتاتًا -إن لم يحصل القانون على الثقة- أن يتحكم في مصير مجتمع تسوده الديمقراطية والقانون (...) الأولى أن يصحح مجلس الوزراء في رام الله وضعه القانوني، ثم يأتي لتصحيح أوضاع المجتمع الفلسطيني".