أكد الخبير في الإعلام والقانون وحقوق الإنسان ماجد عاروري أن قانون الضمان الاجتماعي، الذي وقع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نهاية آذار (مارس) الماضي النسخة النهائية منه؛ خلق أزمة ثقة حادة في الشارع الفلسطيني.
وقال عاروري في حديث لصحيفة "فلسطين": "إنّ الموظفين في القطاع العام والخاص، وشرائح العمال، حتى أرباب الأسر باتوا مع تطبيق القانون وفرضه يعيشون في أزمة حقيقية، إذ لمسوا أن أضرار القانون عليهم أكثر من منافعه".
وشدد على وجود إشكاليات حقيقية تواجه القانون لا تتعلق فقط بانتهاك حقوق الإنسان، إنما أيضًا في التفاصيل القانونية المتعلقة بالحقوق، والامتيازات التي ستحصل عليها القطاعات المتأثرة بالقانون.
وبين عاروري أن الجمهور الفلسطيني شعر بإجحاف كبير لحقوقه التقاعدية، وهو يؤمن بأن قانون الضمان الاجتماعي لا يمثل أي نوع من التضامن الاجتماعي، وأنّ السلطة تستفيد بدرجة أكبر بكثير مما يستفيدونه.
وأشار إلى أن المتأثرين بتنفيذ القانون من شريحة الموظفين والعمال ينظرون إلى القانون أنه فُصّل على مقاس أفراد وأشخاص بعينهم، بعيدًا عن المصلحة العامة، وينتهك إدارة مال الأفراد لا يحافظ عليه.
ورأى عاروري أن القانون فعليًّا يمثل نتاج سياسات السلطة وحكوماتها المتعاقبة على مدار ربع قرنٍ، التي عمادها وجود حالة من تزاوج السياسة ورأس المال، وقد ذاب بموجبها غالبية المواطنين المنتمين للطبقة الوسطى.
وأكد أن الحكومة في رام الله كان من الواجب عليها من باب مسؤوليتها ألا تفرض القانون فرضًا، وأن تستمع إلى ملاحظات الجمهور واعتراضه على بنوده، مشيرًا إلى أن الأجسام السياسية والحقوقية والنقابية والاجتماعية الفلسطينية فشلت في فهم ماهية التحركات الاحتجاجية على قانون الضمان التي لم تتوقف حتى اللحظة.
ورأى أنّ عدم استجابة السلطة والجهات التي أقرت القانون يُظهر غياب حالة الخوف من عقاب الجمهور التي يولّدها صندوق الاقتراع، مضيفًا: "عندنا حالة عدم اكتراث بمطالب الجمهور فيما يتعلق بموقفهم من القضايا العامة، ولا تشعر بأن للجمهور قيمة كما لو كان هناك انتخابات".
وذكر عاروري أنّه رغم حالة الاحتجاج الشعبية على القانون لا يوجد ما يؤشر على تراجع الحكومة، أو قبولها الاعتراض على بنوده، مشيرًا إلى أنّ الحكومة فشلت في لمس وجود بوادر تمرد مدني على تطبيق القانون من العديد من الشركات والنقابات والمؤسسات المحلية.
ونبه إلى أن لحالة التمرد هذه عواقب كارثية تنتظر الجميع، قائلًا: "في حال سنت الحكومة قانونًا ورفض مجتمعيًّا وخرج على إثره الجمهور معتقدين أنه قانون مجحف؛ ذلك يوصف في عرف مبادئ الأمم المتحدة بأنه تمرد مدني، وهي بوادر يجب أن تنتبه إليها السلطة، وتتراجع عن موقفها".
وبين عاروري أن عدم استجابة السلطة للجمهور من شأنه أن يقود إلى أزمة حقيقية، واتساع حالة التمرد، وهو الأخطر على الحالة الفلسطينية، منبهًا إلى وجود فرص تقتضي إجراء تعديل عادل على القانون من شأنه نزع فتيل الأزمة.
وشدد على أن القانون يمثل نقطة في توسيع الفجوة الطبقية في المجتمع الفلسطيني، التي سببت اليقظة الحقوقية المدنية التي لم ترتق حتى هذه اللحظة إلى يقظةٍ حقوقيةٍ سياسية، مذكرًا بأن أسباب رئيسة معظمها اقتصادية كانت وراء إشعال الانتفاضة الأولى التي نعيش ذكرى انطلاقتها، وفق تقديره.
وقال عاروري: "إن حل الأزمات التي يعيش فيها المواطن وبرزت أخيرًا بتطبيق قانون الضمان الاجتماعي يكمن في الذهاب نحو انتخابات عامة، تشريعية ورئاسية، يجد الجمهور الآن فيها الثقة التي يأتمنها على حقوقه".