فلسطين أون لاين

​31 عامًا من المحن.. وما زلات بوصلة حماس نحو القدس

...
تصوير/ ياسر فتحي
غزة/ يحيى اليعقوبي:

على مدار (31 عامًا) مرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بمحطات ومنعطفات هدفت في كل مرة إلى اجتثاث الحركة وإضعافها ووقف برنامجها المقاوم، ولكنها في كل مرة تعود أكثر قوة وانتشارًا؛ ما أهلها لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

حماس التي تعد امتدادًا لثورة الشهيد عز الدين القسام عام 1936، انطلقت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة" وذلك في 14 ديسمبر/ كانون الأول عام 1987، وواجهت بعد ذلك حملة الاعتقالات بحق قياداتها عام 1989، الذين كان من ضمنهم مؤسس الحركة الشهيد أحمد ياسين، وكبار قياداتها كعبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة.

يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: إن "حركة حماس ليست حركة متجمدة بل هي ديناميكية متحركة، بدأت مع الانتفاضة الأولى كما بدأ كل الشعب بالحجر ثم تطورت أدواتها، وبات السلاح عنصر أساسي في مواجهة الاحتلال".

وأضاف الصواف لصحيفة "فلسطين" أن هذه المراحل التي مرت بها حماس كانت جديرة بجعلها تنمو وتتطور وتتحدى، مبينًا أنه في عام 1989 كانت الضربة الأولى لحماس بعدما شن الاحتلال حملة اعتقالات طالت الصف الأول من قياداتها وظن الاحتلال بأن حماس يمكن أن تنتهي ولكنها ازدادت قوة.

واستمرت محاولات الاجتثاثللحركة، ففي ديسمبر/ كانون أول عام 1992 أبعد الاحتلال 417 قياديًّا بحماس إلى منطقة "مرج الزهور" جنوب لبنان، كان الهدف منها محاولة التأثير على حماس وإذا بها لم تتأثر، كما أضاف الصواف.

اغتيالات وانتخابات

ثم جاءت بعد ذلك عمليات الاغتيالات، التي طالت قيادات الحركة كصلاح شحادة عام 2002 وإسماعيل أبو شنب عام 2003، ومؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين ود. عبد العزيز الرنتيسي اللذين اغتالهما الاحتلال عام 2004، بحسب الصواف.

وأشار إلى أن الاحتلال ظن أن بسياسة الاغتيال يمكن تحجيم دور حماس ولكنها انتشرت بشكل كبير وامتلكت قوة كبيرة، وباتت تشكل عمودًا فقريًّا للمقاومة بما حققته من إنجازات.

في عام 2006 خاضت حماس الانتخابات التشريعية وأثبتت أنها حركة قوية ولديها ما يمكن تقديمه، وحازت ثقة كل الشعب الفلسطيني بقيادة المشروع الوطني، معتقدًا أن الانقسام الفلسطيني لم يبدأ في هذا العام بل بدأ منذ اتفاق أوسلو.

وقال الصواف: "اعتقد الاحتلال أنه بدخول حماس الانتخابات العامة، يمكن طيها تحت إبط مشروع التسوية الذي تقوده السلطة ضمن اتفاق "أوسلو" لكن حماس استغلت الوضع من أجل تغيير مفاهيم أوسلو، وكانت عملية "الوهم المتبدد" في الأشهر الأولى لتولي حماس الحكومة، وهو دليل قناعتها بالمقاومة".

ولفت إلى فرض الحصار على قطاع غزة من قوى دولية أكبر من (إسرائيل) عندما تولت حماس الحكومة ثم لم تستجِب لشروط الرباعية التي تطالبها بالاعتراف بـ(إسرائيل) واستطاعت أن تخرج من عنق الزجاجة رغم كل المضايقات.

وواجهت الحركة عدوان جيش الاحتلال على القطاع في أعوام (2008-2012-2014)، وأبرمت صفقة تبادل عام 2011 مع الاحتلال أسفرت عن الإفراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا.

وأعلنت حماس في عام 2014 عن أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول أرون، في معركة العصف المأكول، ونشرت صورة لأربعة جنود إسرائيليين، الذي فسره مراقبون على انه إيحاء غير مباشر بإمكانية وقوعهم أسرى لديها دون إعلان رسمي من الحركة.

عام 2017 أصدرت حماس ورقة سياسية جديدة كتطوير للميثاق وليس إلغاء له، لأن طبيعة الحركة تغيرت وباتت عالمية تتحدث مع العالم لذا تغير الخطاب ولم يتغير المنهج.

4 تحديات

الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، يعتقد أن حماس تعيش تحديات كبيرة على كل المستويات الداخلية والخارجية والدبلوماسية، مشيرًا إلى أن التوسع الذي شهدته حماس خلال السنوات الماضية أضاف لرصيدها قوة ومنعة كبيرة، من خلالها جرى تأهيل الحركة لمواجهة التحديات.

وقال محيسن لصحيفة "فلسطين": إن "حماس أضحت عنوانًا رئيسًا يحتذى به، ويلتف حوله فصائل وقوى عديدة حول برنامج المقاومة الذي تتبناه، ورغم محاولات تذويب المقاومة نجد هناك قدرة على تجاوز العقبات وتخطيها بكل قوة".

وحول التحديات التي تواجه حماس، رأى أن التحدي الأول حالة الانقسام الفلسطيني والتي باتت تشكل حالة استنزاف لقدرة الحركة على إنشاء حالة من الإجماع الداخلي حول برنامج المقاومة، وأبعد الحركة عن ساحة الفعل القوية في الضفة الغربية في ظل وجود السلطة وفتح المتمسكة بخيار المفاوضات مع الاحتلال.

والتحدي الثاني، وفق محيسن، الموقف الإقليمي والدولي تجاه المقاومة التي تجدف بمحيط يرفض وجودها ويتبنى سياسات تصطدم ببرنامجها، مشيرًا إلى أن المقاومة تحاول عدم الاصطدام بهذه المكونات الإقليمية والدولية وانتظار المتغيرات التي قد تخلق بيئة مغايرة، في ظل تباين المواقف العربية والإسلامية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.

وأشار محيسن إلى أن التحدي الثالث يتمثل بنظم العلاقة بشكل متطور مع الاحتلال، بمعنى أنه لا يكفي أن يتم الاعتماد على قوة السلاح والتهديد بمواجهة الاحتلال، فهناك أدوات أخرى يجب تعزيزها سواءدبلوماسيا وسياسيا وقد تجد أطرافا دولية عديدة تتقاطع معها في هذه الأدوات.

ولفت النظر إلى أن التحدي الرابع هو تعدد أدوات المواجهة، من خلال خطاب يتماهى مع قناعات المجتمع الدولي الذي تختلف نظرته للاحتلال عن نظرة الفلسطينيين، فما يصلح أن يستخدم بالداخل ليس بالضرورة أن يستخدم بالخارج، فكل مجتمع يحتاج للون وطبيعة خطاب مختلفة.