قائمة الموقع

​في الإسلام.. يسّر ولا تعسّر

2018-12-14T12:00:35+02:00
روح التشريع مبني على اليسر وليس العسر

الدين الإسلامي دين الوسطية والواقعية، وفي ذلك قال عز وجل في كتابه العظيم: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا"، لذا إذا نظرنا إلى التكاليف الشرعية التي كلفنا الله بها لوجدنا أنها تكاليف ميسورة، وهذا دليل على الواقعية ومراعاة القدرات البشرية.

حتى أن هذه التكاليف المقدورة إذا تعثر الالتزام بها يمكن القيام بها في وقت آخر، فالصيام على سبيل المثال فرض مقدر على الإنسان الذي يكون بصحة معتدلة، ولكن إذا كان هذا الإنسان مريضا أو مسافرا؛ فإنه يسقط عنه الصيام ويجوز له الإفطار، لقوله تعالى " فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ".

دين يسر

الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله د. زياد مقداد، قال: "إن الدين دين اليسر وليس العسر وفي ذلك قال تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ""، مشيرًا إلى أن العبادة كلها والتكاليف التعبدية من صلاة وصيام المقصود منها أن تنعكس على السلوك وتقيّمه وتجعل الإنسان يتعامل بسلوك حسن.

وأضاف د.مقداد: "فمن لم تمنعه صلاته عن الفحشاء والمنكر لا قيمة لصلاته لقول الرسول الكريم "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ وَالنَّصَبُ"".

وتابع قوله: "هذا الحديث يدلل على أن العبادة أهم مقاصدها تحسين السلوك وتقويمه بعيدًا عن التنطع والغلو ثم إن الغلو في الدين عمومًا، مرفوض ولعل من أهم الأشياء التي جعلت بني إسرائيل يفرطون في الدين ويتركونه ويحرفونه هو غلوهم في الدين".

منع التنطع

وأكد د. مقداد أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه إلى عدم جواز التشدد في الدين لقوله :""إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، وقوله: "إن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهْرا أبقى"، لافتًا إلى أن هذا الحديث يدل على أن الإسلام رفض ومنع التنطع والتشدد في الدين.

وقال: "والذي يؤكد ذلك قصة أولئك النفر الثلاثة الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وظنوا أن كثرة الدين بالإكثار من العبادة فقال أحدهم إني أصلي ولا أرقد وقال الثاني أصوم ولا أفطر والثالث قال أنا لا أتزوج النساء، فرد عليه النبي وقال إني لأخشاكم لله وأتقاكم له وإني أصلي وأرقد وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".

مصادر الغلو

وأشار إلى أن هناك حقوقًا أخرى يجب أن تراعى وتركها فيه نوع من الغلو والاضطراب في الدين، مضيفًا:" على المؤمن أن يعطي في هذا المجال كل ذي حق حقه".

ومن الغلو، الغلو في العقائد كاليهود والنصارى الذين غالوا في أنبيائهم فجعلوهم آلهة "فقالت النصارى المسيح ابن الله" فالمغالاة مرفوضة والرسول كان يؤكد على أصحابه أنه بشر وليس إله وأنه سيموت، كما أضاف مقداد.

وتابع قوله:" طبيعة الدين التوازن وعدم الغلو ومن مصادر الغلو التمسك بالرأي والتعصب له مع احتمال غيره في المسائل الاجتهادية التي تحتمل أكثر من رأي وقد كان أئمة المذاهب يجتهدون, يقولون إنه إذا صح الحديث فهو مذهب ويقولون إنه من الممكن التراجع عن رأيهم وهذا يؤكد أن هؤلاء الأئمة كانوا يعرفون أن هذا الدين لا ينبغي أن يكون الإنسان فيه متعصبًا في غير موقع".

وأكد أن روح التشريع مبني على اليسر وليس العسر، فهذا الدين متوازن عالمي يراعي، والغلو لا يتناسب مع العالمية ولا التوازن، ولا حتى مع الربانية التي هي خاصية من خصائص الشريعة الإسلامية.

اخبار ذات صلة