مكاتب السفر: النقابة تستغل المواطنين لسد عجزها المالي
نقابة المحامين: تحصيل الرسوم وفق القانون
تفاجأ المواطن محمد الحمامي لدى تقديمه أوراقه لإصدار جواز السفر، برفع سعر تكلفة التوكيلات التي تصدقها نقابة المحامين في قطاع غزة من 25 إلى 50 شيقلًا، وتخصيص محامين معيّنين من النقابة لتقديم الوكالة.
وليس "الحمامي" وحده من تفاجأ بالأمر بل هناك مواطنون كثر مستاؤون من مسألة توكيل المحامين من أجل استصدار جواز السفر والأوراق الثبوتية المتعلقة بأهالي غزة وتصدر من رام الله.
ويقول الحمامي: "كل ورقة من رام الله تحتاج إلى توكيل.. يعني لازم الواحد (الإنسان) يخصص ميزانية لتوكيلات المحامين".
وعملت نقابة المحامين على تعيين 7 محامين في فروعها المنتشرة في قطاع غزة، ومنحتهم حق تحصيل رسوم من الراغبين بإصدار جواز سفر، مقابل التوكيلات التي تعدّ أحد شروط الحصول على الجواز من وزارة الداخلية في حكومة الحمد الله برام الله.
وتخالف خطوة النقابة باحتكار عمل التوكيلات لجوازات السفر لمحامين معينين من قبلها المادة (20) من قانون المحامين الفلسطينيين، الذي ينظم مهنة المحاماة والعقود التي تلزمها الدفاع عن المحامين والمحافظة على رسالة مهنة المحاماة وضمان حرية المحامي في أداء رسالته.
وتنص هذه المادة على تنظيم جهود أعضاء النقابة لتطوير الفكر القانوني في خدمة الحق والعدل والتقدم والمساهمة في تطوير التشريع ابتغاء تيسير العدالة بغير موانع مادية أو تعقيدات إدارية.
ويلزم القانون النقابة بعدم توقيف أي محامٍ أو تعقّبه لأي عمل قام به تأدية لواجباته المهنية، وأن تقدم التسهيلات اللازمة للقيام بواجباته المهنية لدى الجهات الحكومية وغير الحكومية كافة وأن يعامل بما يليق بشرف وآداب المهنة.
وبهذا القرار الذي حرم عددًا من المحامين من القيام بمهامهم، تخالف النقابة اللائحة التنظيمية رقم (1) لسنة 2009 بشأن تنظيم السندات العدلية والشركات والعقود التي تنظم من قبل المحامين من المادة (3).
وتنصّ هذه المادة أنها لا تنظم السندات بأنواعها وعقود الشركات وأنظمتها وكافة العقود ولا تقبل لدى الجهات المختصة ما لم تكن منظمة من قبل محامٍ مزاول ممهورة بخاتمة وتوقيعه مصادق عليها من قبل النقابة.
وأثار قرار النقابة رفع سعر الوكالة، غضب واستياء شركات السياحة والسفر في قطاع غزة، التي اتهمت نقابة المحامين بتحصيل أموال غير قانونية من المواطنين لسد عجزها المالي.
حالة عجز
وأكد الناطق الإعلامي باسم الاتحاد العام لمكاتب السفر، مسعود عطا الله، أن زيادة تسعيرة توكيل جواز السفر "يعكس حالة العجز لدى النقابة، والتوجه إلى جيوب المواطنين لسد ذلك، من خلال استغلال امتلاكها حق التوكيلات بسبب استمرار حالة الانقسام".
وقال عطا الله لصحيفة "فلسطين": "بعد الانقسام وقرار حكومة سلام فياض بقيام نقابة المحامين محل كاتب العدل، فرضت النقابة 10 شواقل على توكيلات جوزات السفر، وذلك استمر لثلاث سنوات، ولكن فجأة رفعته لـ25 شيقلًا".
وأضاف: "لم تكتفِ نقابة المحامين برفع الرسوم لـ50 شيقلًا، بل احتكرت توكيلات الجوازات، من خلال تعيين محامين يصدرون التوكيلات فقط من خلالهم، وهذا فيه قطع لأرزاق باقي المحامين".
وتابع: "بعد قرار رفع الرسوم من النقابة، تقدمنا بشكوى إلى وزارة الداخلية في رام الله من أجل مطالبة النقابة بالتراجع عن قرارها، وبالفعل تراجعت النقابة حتى وصل المبلغ المالي لـ30 شيقلًا بزيادة شيكل عن المبلغ السابق وهو غير مرضٍ".
واتهم عطا الله، نقابة المحامين بتحريض المواطنين من خلال ادعائها أن مكاتب السفر تتقاضى 30 شيقلًا مقابل تنظيم الوكالة.
كما اتهم المسؤول الإعلامي في شركة حنيف للحج والعمرة، محمد عبد الباري، نقابة المحامين باستغلال الأوضاع السياسية الداخلية، وتحصيل رسوم من المواطنين مقابل توكيلات جوازات السفر.
وقال عبد الباري لـ"فلسطين": "النقابة استغلت قرار وزارة الداخلية في رام الله في تكليفها بالقيام محل كاتب العادل بقضية جوزات السفر برفع الأسعار مقابل إعطاء المواطن ختم النقابة".
وأضاف: "النقابة تحصل على الربح الأكبر بموضوع توكيلات السفر، كذلك وضعت محامين مختصين من قبلها، وحرمت محامين من إعطاء توكيلات للمواطنين.
وعبر عبد الباري عن رفض شركته لقرار نقابة المحامين، مطالبًا بعودة الإجراءات الطبيعية بخصوص إصدار جوازات السفر.
احتكار وإجحاف
ووصف الأمين العام للمجلس التشريعي د. نافذ المدهون، قرار نقابة المحامين بـ"الإجحاف والاحتكار بحق المواطنين، ومصادرة حقوقهم".
واتهم المدهون في حديثه لـ"فلسطين": نقابة المحامين باستغلال حالة الانقسام الفلسطيني في تحصيل رسوم من المواطنين الراغبين بالحصول على توكيلات لإصدار جوازات السفر.
وقال: إن "القانون يتيح للنقابة تحصيل رسوم مقابل توكيلات، ولكن معاملة جوازات السفر خلقها الانقسام، وهي بالأساس ليس من اختصاص النقابة، وليس لها علاقة بالعدالة".
وأوضح أن القانون الذي يتيح للنقابة تحصيل رسوم مقابل التوكيلات، مشروط بمعايير لتحديد الرسم، وهي لم تأخذها النقابة حين فرضت الرسوم.
وشدد المدهون على ضرورة أخذ المجلس التشريعي قرارًا حاسمًا بهذه القضية، والبحث عن جهة أخرى لإتمام معاملة المواطنين دون تحصيل رسوم وفق القوانين.
تحصيل قانوني
بدوره أكد نائب نقيب المحامين عبد العزيز الغلاييني، أن النقابة تعمل على تصديق وتدقيق المستندات القانونية التي يقوم المحامي بتنظيمها، بحيث تصادق على ثبوت التاريخ واعتماده كمؤسسة رسمية.
وقال الغلاييني لـ"فلسطين": "وفق صلاحيات المجلس العام للنقابة والقانون، يتم تحصيل أموال التوكيلات، وجزء منها أتعاب للمحامي، والجزء الآخر كرصيد للنقابة".
وأوضح أن مجلس الوزراء في عام 2008 (حكومة سلام فياض) أصدر قرارًا باعتماد نقابة المحامين، لتحل مكان كاتب العدل في الحصول على توكيلات جوازات السفر.
وأضاف: "يوجد محامون لديهم خلل، يوقعون على الوكالة بشيقل أو شيقلين، حيث يتم استغلالهم من بعض مكاتب السفر، عبر إبقاء ختمهم لدى أصاحب المكاتب"، مشيرًا إلى تحويل عدد من المحامين لمجالس تأديبية.
وبين أن النقابة عينت 6 محامين لتنظيم الوكالات، بحيث يحصلون على رواتب من النقابة شهريًّا، وسيتم التجديد لغيرهم بعد 6 أشهر، مشيرًا إلى أن النقابة تراجعت عن سعر 50 شيقلًا على كل وكالة جواز سفر، وفقًا للمزاج الشعبي العام.