أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عزم بلاده إطلاق حملة عسكرية في غضون أيام لتخليص منطقة شرق الفرات في سوريا من منظمة "بي كا كا" الإرهابية الانفصالية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان، الأربعاء، خلال قمة الصناعات الدفاعية التركية في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
وأشار الرئيس التركي إلى أن ما جرى خلال الأزمة السورية مليء بالدروس والعِبر، وأن تركيا تعلمت الكثير من هذه الدروس.
وقال: "ترون اليوم حدودنا الجنوبية شمالي سوريا. إنهم يسعون لإنشاء ممر إرهابي هناك. وعندما نقول إن (هؤلاء إرهابيون) يقول حلفاؤنا الاستراتيجيون وفي مقدمتهم أمريكا إن (هؤلاء ليسوا إرهابيين)".
وتابع أردوغان: "هؤلاء هم الأفرع الجانبية لمنظمة (بي كا كا) وجميع الأدلة واضحة في هذا الإطار، لماذا لا تتحركون معنا وتفضلون التحرك معهم؟".
وفيما يتعلق بالتطورات في منطقة منبج السورية، أكّد أردوغان عدم التوصل إلى نتيجة ما في المنطقة حتى الوقت الراهن.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعهد بتطهير المنطقة كاملة خلال 30 يوم، مستطردًا: "سنرى.. نتمنى أن يطهروها".
وشدّد أردوغان على أن تركيا ستتخذ إجراءاتها بنفسها وبإمكاناتها الخاصة، فهي تملك جيشًا قويًا والجميع يقر بذلك.
وتابع: "عندما دخلنا الساحة في سوريا، تغيرت المسارات فورًا، ولكنهم ألهونا كثيرًا (..) دخلنا بغتة وبعدها انقلبت الموازين لصالحنا".
وأكّد أن تركيا قضت عبر عملية "درع الفرات" وفي غضون بضعة أشهر، على ذرائع أولئك الذين قلبوا سوريا رأسا على عقب لسنوات بدعوى "داعش"، وكذلك جرى في عملية "غصن الزيتون".
واستدرك: "جنبّنا محافظة إدلب السورية أزمة إنسانية كبيرة، مع روسيا، وجاء الدور لتنفيذ قرارنا بشأن القضاء على بؤر الإرهاب في شرق الفرات".
وأعرب عن أسفه حيال إرسال أكثر من 20 ألف شاحنة أسلحة إلى الإرهابيين شمالي سوريا، في إشارة إلى الدعم الأمريكي لتنظيم "ي ب ك/ بي كا كا".
ولفت إلى أن هذه الأسلحة والمعدات والمركبات جرى إرسالها إلى الإرهابيين من قبل حليف استراتيجي لتركيا (الولايات المتحدة).
الرئيس أردوغان، أكّد أنه "تم اتباع تكتيك مماطلة لا يمكن انكاره في منبج من جانب الولايات المتحدة، وما زال متبعًا في الوقت الراهن".
وقال: "رغم أن 80-85 في المئة من سكان منبج من العرب، إلا أن المدينة واقعة الآن تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية التي تتصرف بغطرسة هناك".
وبيّن أن "الولايات المتحدة غير قادرة على إخراج الإرهابيين من هناك؛ إذن نحن سنخرجهم فقد بلغ السيل الزبى".
وأكّد أردوغان أن تركيا ليس لديها أي عداء لا تجاه الإدارة الأمريكية ولا الجنود الأمريكيين الموجودين في سوريا.
وقال: "رغم كل شيء، نرى أمريكا كحليف استراتيجي يمكننا المضي معًا في المستقبل شريطة الالتقاء على أرضيات صحيحة".
وشدّد على ضرورة عدم السماح للخلافات العميقة في السياسة تجاه سوريا التي تعد مسألة وجود بالنسبة إلى تركيا، بأن تكون عائقًا أمام تعاون أكبر بين البلدين في المستقبل.
وأضاف أردوغان: "بهذا المفهوم، أكّدنا ونؤكد أننا سنبدأ حملتنا لتخليص شرق الفرات من المنظمة الإرهابية الانفصالية في غضون أيام".
وتابع: "هدفنا ليس الجنود الأمريكيين على الإطلاق، وإنما عناصر التنظيم الإرهابي الذين ينشطون بالمنطقة".
وأفاد الرئيس التركي بأن بلاده كانت قد توصلت إلى اتفاق مع الجانب الأمريكي من اجل تحرير محافظة الرقة السورية من "داعش" انطلاقًا من منطقتي "منبج" و"تل أبيض"، إلا أن الاتفاق لم يتحقق بسبب الدفع بالمنظمة الإرهابية الإنفصالية إلى الساحة.
وأشار إلى الضغوط والاعتداءات التي يمارسها تنظيم "ب ي د" الإرهابي على العرب والتركمان المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرته.
وقال إن سوريا باتت تئن اليوم بسبب ظلم "ب ي د/ ي ب ك" بعد أن كانت تئن في وقت سابق بسبب "داعش"، وهذه المرة أمام أعين الجنود الأمريكيين.
وأردف "عندما كنا نطلق تحذيراتنا بخصوص شرق الفرات، قمنا بإستكمال استعدادتنا في نفس الوقت".
ولفت إلى أن تنظيم "ب ي د/ بي كا كا" الإرهابي يحصل على الموارد المالية من حقول النفط في محافظة دير الزور، حيث يبلغ إيراداته حوالي 600 – 650 مليون دولار سنويا.
وأكد أن بلاده تعتبر الولايات المتحدة حليفاً لها، مبيناً أنه ينبغي أن لا يتم السماح للخلافات العميقة في سياساتها أن تؤثر على التعاون الكبير بين البلدين في المستقبل.
وشدد أردوغان أنهم مصممون على جعل منطقة شرق الفرات آمنة مثل بقية المناطق التي تم إرساء الأمن فيها بسوريا، لتكون المنطقة مستقرة وقابلة للعيش لسكانها الأصليين.
وبيّن أن عودة قرابة أربعة ملايين سوري تستضيفهم تركيا إلى بلادهم لن يتحقق إلا عبر تطهير منطقة شرق الفرات من التنظيمات الإرهابية.
وأردف أن محاولات إنشاء كيان على طول حدود تركيا يشكل تهديداً مستمراً لها، مؤكداً أن الامر يعتبر عداءً سافرا ضد الشعب التركي.
واعتبر أن تركيا لن تستطيع أن تتحمل هذه التطورات بعد اليوم، وأنه تم نشر الجنود الأمريكيين بين الإرهابيين تحسبًا لأي رد تركي في إطار الدفاع المشروع عن النفس.
وشدّد أردوغان على أن الرادارات ونقاط المراقبة التي جرى إنشاؤها من قبل القوات الأمريكية في المنطقة، هدفها حماية الإرهابيين من تركيا وليس العكس.
كما أشار إلى أن هدف القوات الجوية الأمريكية في المنطقة هو ضمان حماية الإرهابيين وأنشطتهم.
وأضاف: "لم يعد هناك وجود لتهديد تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا. وما يذكر في هذا الخصوص مجرد أقاويل لا سند لها ".
وبيّن أنه "هناك حديث عن استمرار نشاط داعش في مساحة تقدر بـ 150 كيلومتر مربع، إذا كان هذا كل ما في الأمر فإننا مستعدون لتحييد عناصر داعش فورًا".