في غمرة الاحتفال بالذكرى السبعين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونشره على الملأ بقرار الجمعية العامة في 10 ديسمبر/ كانون أول 1948، الذي أكد على الكرامة الأصيلة للأسرة البشرية، وعلى الحقوق المتساوية والثابتة والذي يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، تبرز الجرائم الإسرائيلية المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني شاهدا حيا على انتهاك هذا الإعلان، والضرب به بعرض الحائط دون أي حسيب أو رقيب من الأسرة الدولية ومؤسساتها جمعاء.
وعلى مدار العقود الماضية، شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مناسبة مهمة لتذكير المجتمع الدولي بواجباته الأخلاقية والقانونية الملقاة على عاتقه تجاه الحقوق الفردية والجماعية لبني البشر جميعًا، والشعوب الواقعة تحت الاحتلال بشكل خاص.
آلاف الجرائم
ويقول منسق أعمال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، سميح محيسن، إنّ الاحتلال اقترف بما لا يدع مجالا للشك الآلاف من الانتهاكات والجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، منذ إقرار هيئة الأمم المتحدة هذا الإعلان (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) وحتى تاريخه.
ويضيف محيسن لـ"فلسطين"، أنّ سلطات الاحتلال فعليًا تديرُ ظهرها لجميع المعاهدات والمواثيق الدولية في بنود القانون الدولي وحقوق الإنسان رغم توقيعها على هذه المعاهدات والمواثيق، ودون أن تجد ردة فعل دولية مناسبة.
وأشار إلى أنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بقي حبرًا على ورق فقط إذا كان الأمر يتعلق بانتهاكات وجرائم الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني، وبقي المجتمع الدولي مُغلبًا لمصالحه السياسية على الانتصار لقضايا حقوق الإنسان المستنزفة، مما شكل حاضنة ودعم للاحتلال الإسرائيلي وسياساته وممارساته، ومنحه الضوء الأخضر للاستمرار في ارتكاب جرائمه.
ويشير محيسن إلى أن ملفات المؤسسات الحقوقية المحلية تعج بالانتهاكات اللافتة لإهدار الحقوق الإنسانية، والتي على رأسها القتل، والحصار، والتهجير، وهدم المنازل، والتمييز العنصري، وغيرها الكثير من أوجه الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطيني التي تستعر وتتصاعد، دون لفتة استنكار واحدة.
ويؤكد أن أمل الشعب الفلسطيني في تطبيق القوانين الدولية الإنسانية، واحترام المعاهدات والاعلانات العالمية لصون الحقوق، ما زال بعيدا في ظل تسييس هذه المعاهدات والمواثيق من قبل الدول الكبرى وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، ووقوفها كجهة مساندة وداعمة للاحتلال بشكل كامل أمام ما تقترفه من جرائم.
ويلفت محيسن إلى أن مأساة الشعب الفلسطيني وهدر حقوقه الإنسانية من قبل سلطات الاحتلال، نشأت مع ميلاد "الاعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وبعد هذه السنوات الطويلة فشل المجتمع الدولي في تحقيق العدالة وضمان احترام حقوق الإنسان سيما ما يتعلق بأبناء الشعب الفلسطيني.
مهدور الحقوق
وأكد مدير دائرة الحشد والمناصرة في مركز القدس للمساعدة القانونية، عبد الله حمّاد، أنه وبالرغم من إعلان هيئة الأمم المتحدة لليوم العالمي لحقوق الإنسان، وصياغته للمبادئ العامة الحافظة للحقوق الإنسانية، ما زال الإنسان الفلسطيني يعيش تحت سياط الاحتلال، مهدور الحقوق.
ولفت حمّاد خلال حديثه مع "فلسطين"، إلى أن الحقَّ الأساسي الذي شكله إعلان هيئة الأمم المتحدة المتعلق بالحياة منتهك من قبل الاحتلال، وما زال الفلسطينيون يناضلون للحفاظ على حياتهم، رغم تجاوز معظم دول العالم لهذا الحق، مستشهدًا بعمليات القتل اليومية التي تجري بحق المواطنين في الضفة والقدس وغزة بدم بارد.
وبيّن أن صوت المجتمع الدولي حتى الذي يتبنى منه سياسات مناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني، "غائبٌ"، وفي الجانب العملي لتطبيق أي إعلان عالمي يقف موقف الحياد أو السكون سيمّا إذا كان القرار ذا علاقة بالفلسطينيين.
وأشار حمّاد إلى أنّه ومنذ 70 عامًا، ولا يزال الاحتلال مستمرا في انتهاكاته وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني، ومخالفته للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، دون حسيب أو رقيب دولي، فيما تستغل (إسرائيل) هذا الموقف في استخدام القوة المفرطة والانتقاص من حقوق الإنسان الفلسطيني أينما وجد.
وشدد على أنّ هذا الإعلان العالمي سيبقى رمزا احتفاليًا سنويًا فارغًا من المضمون كعادته، ولا معنى له، إذا بقيت انتهاكات وجرائم الاحتلال مستمرة بحق الشعب الفلسطيني مغلفة بسكون المجتمع الدولي، وتنصله من مسؤولياته في إلجام الاحتلال ووقفه عما يقترف، والانتصار لحقوق الفلسطينيين المهدورة.