قائمة الموقع

​ارتفاع المهور وتأخر سن الزواج.. من السبب؟

2018-12-09T08:53:27+02:00
صورة أرشيفية

ما تزال بعض الظواهر والعادات السيئة المتوارثة في مجتمعنا سائدة، بالرغم من التطور الذي حصل على بنية المجتمع الغزي، وغير كثيرًا من العادات والتقاليد، التي كانت أعباءً ثقيلة وإساءات بالغة ليس لها ما يسوغها، ومن هذه العادات التي ما زالت المبالغة في المهور، ما أدى إلى ارتفاع عدد المتأخرين عن الزواج من الإناث والذكور.

"فلسطين" تناولت القضية في صفحاتها بالحديث إلى مختصين، فأضافت نائب عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. تيسير كامل إبراهيم، ورئيس مركز التأصيل الإسلامي د. عبد الفتاح الهمص، لتتعرف أكثر إلى أسباب هذه القضية ونتائجها ووسائل علاجها، والتفاصيل تتبع.

د. إبراهيم بين أنه من السنة عدم المغالاة في المهور، لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): "خير النكاح أيسره"، مؤكدًا أن اليسر في إجراءات النكاح والمهر وما شابه، وعدم المغالاة يفتحان الباب للشباب للزواج.

ورأى أن أهم أسباب غلاء المهور وارتفاعها أسباب اجتماعية لا أصل شرعي لها، مثل المباهاة، قائلًا: "والمغالاة في المهور تأتي في وضع صعب؛ فالأصل أن يصاحب هذا الظرف عادات اجتماعية تخفف من أعباء الزواج على الشباب"، وأضاف: "رفع المهور ليس علامة على مكانة المرأة، وهو ليس ثمنًا للمرأة، وإنما هو شرف للعقد، ولتوفير بعض الحاجيات المهمة والأساسية".

بدوره ذكر د. الهمص أن الله شرع الزواج على الشباب، لما له من فوائد كبيرة في الحفاظ على نسل البشريّة، فالزواج هو الاستقرار والعفة والطّهارة، وبه يحافظ المجتمع على شبابه من الضّياع، لذلك حثّ الإسلام عليه.

واستدرك: "لكن ما يشغل بال كثير من المقبلين على الزواج هو تكلفته، فهو يحتاج إلى مصاريف عالية الثّمن، من حيث المسكن، وتجهيزات الزّفاف، وعمليات الإشهار والوليمة ... إلخ"، لافتًا إلى أن هذا كله جعل أسبابًا لغلاء المهور في المجتمع الفلسطيني عامة وقطاع غزة المحاصر خاصة.

وتتمثل أسباب غلاء المهور وتأخر سن الزواج –وفق قول الهمص- في الانصياع وراء المظاهر الكذابة، بالتّباهي بين النّاس، ولو كان من قروض بنكية أو سلف مالية من الأقارب أو الأصدقاء، والبعد عن الوازع الديني وعدم الاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسنّته الشريفة، والجهل بأحكام الدين المتعلقة بالزواج.

ورأى أن طمع بعض الأهالي في رفع المهر، والمستوى المادي للعائلات الغنيّة يؤديان إلى غلاء المهور، بسبب التّرف والتّبذير والمستوى الاقتصادي.

وطالب بعدم استشارة رأي الفتاة أو الشّاب في موضوع المهر، وتقليد الآخرين، وقيام بعض الشّباب بدور الفتى الغنيّ وسيلة لإقناع أهل الفتاة به، وبعض العادات والتقاليد التي ترفع من المهر، وتدفع أسعارًا باهظة الثّمن في تجهيزات الزفاف، من تقديم اللحوم، والطعام والحلويات، والتّعامل مع الزواج على أنّه عمليّة بيع وشراء.

وفي سياق الحديث عن الآثار والنتائج المترتبة على غلاء المهور لفت الهمص إلى أن الغلاء يؤخر سن الزواج للعروسين؛ لعدم المقدرة على الإقدام على هذه الخطوة، وتصبح الفتاة عانسًا ويصبح الشاب فاته القطر في ذلك، كما يقولون.

وتابع: "ومن ذلك عدم الاستقرار النفسي للشاب الذي توافرت عنده النية، ويصبح في موقف لا يحسد عليه، وكذلك الفتاة التي ينظر إليها نظرة نفسية سلبية، إذا تجاوزت السن المتوسطة المعروفة في البيئة الغزية، مثلًا"، مشيرًا إلى أنه ينتج عدم الاستقرار الاجتماعي، بسبب الحرمان من تكوین أسرة، وانحراف بعض الشباب، باللجوء إلى السرقة والغش والاختلاس، وغيرها، ليستطيع توفير مهر عروسه.

وأضاف: "قد يلجأ بعض إلى الحرام؛ فالعين تزني وزناها النظر، وهذا نتيجة عدم الإشباع عنده، وقد ينشغل الشباب في التفكير السلبي، ما يعطل مواهبهم ومهاراتهم في المجتمع أو داخل الأسرة".

أما في الحديث عن وسائل العلاج فقال د. إبراهيم: "التركيز على تثقيف وتوعية الناس، ولا يقتصر التثقيف على الخطاب الديني، بل أيضًا يجب توجيه الخطاب الإعلامي والثقافي لإرساء ثقافة مجتمعية تنظر إلى المهر ليس مصدرًا لإعزاز الفتاة، وظهور قدوات في المجتمع بعدم المغالاة في المهور، وهذه القدوات تكون محل نظر للناس، وتعزيز القناعة لديهم".

وركز الهمص في حديثه عن وسائل العلاج على التوعية الدینیة المستمرة، التي تتمثل في خطب المساجد، والمواعظ الدينية، وعبر الوسائل الإعلام المرئية والسمعية والمكتوبة، والدروس في جميع الأماكن والمؤسسات المدنية والحكومية، وتبيان خطورة هذه الظاهرة، وإيجاد وتوفير فرص العمل -ولو باليسير- لأصحاب الدخل المحدود لتحسين الأوضاع المعیشیة.

وعدّ الهمص الأفراح الجماعية وسيلة لتسهيل تكاليف الزواج، ودعا إلى دعمها بمختلف الطرق، ومحاربة ونبذ السلوكيات السيئة التي تؤدي إلى زیادة تكاليف الزواج من مصاريف وولائم، التي تكون على هيئة قروض وديون، وتعليم الفتاة وتوعيتها حقوقها، لتكون ناصحة أمينة لذويها، وأن تذكرهم أن أقلهن مهرًا أكثرهن بركة، فتلك من أهم وسائل العلاج.


اخبار ذات صلة