بذلنا جهودًا كبيرة لإفشال مشروع إدانة حماس.. والوحدة الوطنية "مؤشر مهم"
أمامنا مسؤولية أكبر لتطوير علاقاتنا الدولية ونخوض فيها معركة ضارية
"غرفة العمليات" نموذج رائع للعمل المشترك يمكن البناء عليه لتنسيق أوسع
أكد رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في منطقة الخارج، الدكتور ماهر صلاح، أن المقاومة قادرة على إيلام العدو الإسرائيلي "إيلامًا شديدًا" إذا شن حربًا جديدة على قطاع غزة، وبيّن أن حماس تمارس "أقصى ما تستطيع من ضغوط" عليه لإنجاز صفقة تبادل أسرى جديدة، مشيرًا في سياق آخر إلى أن الحركة بذلت جهدًا كبيرًا مع الدول العربية والإسلامية والأجنبية لإحباط مشروع القرار الأمريكي لإدانتها في الأمم المتحدة.
وبينما عدّ صلاح تهديدات قادة الاحتلال "بعدوان إجرامي" على غزة "دأْبَ المحتل وجزءًا من حربه على المقاومة خصوصًا والشعب الفلسطيني عمومًا"، استبعد في الوقت ذاته رغبة الاحتلال في شن حرب على غزة في الوقت الحالي لأسباب عديدة، منها أن ذلك يهدّد ما وصفها بـ"مسيرة التطبيع المشؤومة" التي تسارعت خطواتها في أجواء ما تسمى "صفقة القرن".
وأضاف صلاح خلال حوار مع صحيفة فلسطين، أن الاحتلال ينظر إلى "تهديد" الجبهة الشمالية، على أنه الأخطر والأقرب، ولم يكمل استعداداته للحرب في موضوعي القبة الحديدية، وتشييد الجدار الأرضي حول قطاع غزة.
وتابع أن حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو "يخشون من عواقب الدخول في حرب مع غزة لا يضمنون نتيجتها قبل موعد الانتخابات القادمة، بما قد يعود على مستقبلهم السياسي بالوبال والدمار".
غير أنه في الوقت ذاته نبه إلى أن "هذا العدو غدّار، لا يحترم عهودًا ولا مواثيق، فلا بد من دوام الاستعداد وجدية الإعداد".
غرفة العمليات
وعدّ تجربة غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة بغزة "نموذجا رائعا للعمل المشترك في مواجهة العدوان الصهيوني، وهي سابقة يمكن أن يبنى عليها لمزيد من التنسيق والتعاون بين الفصائل".
ولفت إلى أن هناك تنسيقًا لأعمالٍ مشتركةٍ أخرى خارج النطاق العسكري، ومنها مسيرات العودة "التي هي عمل وطني شعبي بامتياز"، وكذلك المؤتمرات الشعبية في داخل فلسطين وخارجها.
وأضاف صلاح أن حركة حماس "أثبتت مرارًا وتكرارًا أنها الأحرص على وحدة الصف الفلسطيني"، متابعًا: "لعلّ بركة الجهاد والمقاومة هي التي حلّت أولًا على العمل العسكري المشترك وسوف تشمل بركاتها بقية جوانب العمل المقاوم في المستقبل".
عهد ووعد
وشدد صلاح في سياق آخر على أن حركة حماس: "لن تتوقف ولن يقرّ لها جفن ولن يهدأ لها بال، حتى تبيض سجون الاحتلال من أسرانا الأبطال"، مضيفًا: "هذا عهد ووعد قطعناه على أنفسنا".
وأكد أن حماس "جاهزة دائمًا لإتمام صفقات التبادل ونمارس أقصى ما نستطيع من الضغوط على الاحتلال لكي ننجز صفقة جديدة"، مبينًا أن "الجهود مستمرة ونسخّر لها علاقاتنا وإمكاناتنا كلها".
وحذّر صلاح كيان الاحتلال بأنه كلّما تأخر في إبرام صفقة تبادل جديدة "كلما زاد الثمن الذي نطلبه، وكلما زاد الخطر عليه (الاحتلال) أن نزيد على من عندنا من أسراه".
"صفعة أممية"
وأشار في سياق آخر، إلى أن حماس بذلت جهودًا كبيرة مع الكثير من الدول العربية والإسلامية والأجنبية عبر رسائل واتصالات رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، وعبر مؤسسات الحركة ومكاتبها المختصة لإحباط مشروع القرار الأمريكي بإدانة حماس والمقاومة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ناسبًا الفضل أيضًا لما وصفه "الدور الوطني" الذي مارسته السلطة وحركة فتح خصوصًا جهود رياض منصور المندوب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة.
وعد ذلك "مؤشرًا مهمًّا على أهمية وفاعلية وحدة الصف الوطني في مواجهة المشروع الصهيوني ومخططات تصفية القضية الفلسطينية".
كذلك أشاد بدور الحاضنة العربية والإسلامية التي استطاعت أن تستصدر قرارًا مبدئيًّا بضرورة حصول مشروع القرار الأمريكي على أغلبية الثلثين، وقادت جهودًا لحشد الموقف ضد مشروع القرار، وعد ذلك أيضًا مؤشرًا مهمًّا على أهمية هذه الحاضنة في حماية حقوق الشعب الفلسطيني خاصة على مستوى السياسة الدولية والإقليمية.
ورأى أن "أمامنا في قيادة حماس مسؤولية أكبر لتطوير هذه العلاقات على كل المستويات الوطنية والإقليمية والدولية وامتلاك المزيد من الخبرة والتأثير في المؤسسات الدولية، بعد أن أثبتت التجربة الأخيرة ضرورة ذلك لحماية شعبنا ومقاومتنا وحركتنا".
ونبه إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تتلقى فيها الإدارة الأمريكية "صفعة أممية" ردًّا على تحركاتها ضد الحقوق الفلسطينية الثابتة، مذكرًا بما وصفه "التصويت التاريخي" للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القدس، في رد على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعلان المدينة المقدسة عاصمة لـ(إسرائيل).
وأكد أن الولايات المتحدة حاولت أن تجرم مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وتحرمه حق دفاعه عن نفسه وأرضه، وذلك عبر استهداف حماس (لكونها تمثل هذه المقاومة) بطرح مشروع القرار الذي قال إنه "مصاغ صياغة ماكرة"، وبممارسة ضغوط كبيرة على شتى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، "وذلك في عصر العلو الصهيوني والتغول الأمريكي".
وأكد أن العلاقات الدولية لحماس "واسعة ومتعددة المستويات، وتخوض الحركة فيها معركة ضارية في هذه المرحلة التي يحكم فيها (ترامب ونتنياهو)، وتمرّ فيها أمتنا بلحظة ضعف وساعة عسرة. ولا تتوقف جهودنا لتطويرها وتحسينها إلى مستوى أفضل".
وتابع: "نحن في خارج فلسطين في مواجهة ساخنة مع المشروع الصهيوني أمنيًا وإعلاميًا وسياسيًا، ونراكم أسباب قوتنا وأدوات مقاومتنا، لنكون في طليعة أمتنا ورأس حربتها في معركة تحرير وطننا ومقدساتنا".
مسيرات العودة
وفي موضوع منفصل لفت الانتباه إلى أن مسيرات العودة جهد شعبي متواصل ومتعاظم، وقد قدّمت صورة إبداعية لنضال الشعب الفلسطيني.
وقال تعقيبًا على تخفيف حدتها في الأسابيع الأخيرة: "من الطبيعي أن تعلو وتنخفض وتيرتها حسب التطورات وتقديرات المصلحة، وقد هدأت قليلاً في الفترة الأخيرة بعد أن بدأت التفاهمات التي رعتها مصر تؤتي أكلها شيئاً فشيئاً"، وشدد على أن أمر تصعيدها أو تخفيفها مرتبط باستمرار الاستجابة من طرف الاحتلال.
وقال: إن "طبع الاحتلال هو المراوغة والغدر والإجرام ولكن شعبنا ومقاومتنا على أهبة الاستعداد ويحتفظ في جعبته بالكثير من الوسائل والأدوات النضالية، الجاهزة للاستعمال في أي وقت يستوجب وضعها موضع التنفيذ".
وشدد صلاح على أن إيصال الأموال من قطر إلى غزة لدفع رواتب الموظفين وتحسين ساعات وصل الكهرباء وغيرها من مساعدات ومشاريع، "ثمرة لمسيرات العودة وتضحيات المشاركين فيها، وليست على حسابهم بل لحسابهم".
وأكد أن المساعدات القطرية "تعبير واضح للالتزام القطري تجاه فلسطين وغزة، بل هي بوح عن الحب والتقدير الذي يَعمُر قلوب قطر أميرًا وحكومة وشعبًا".
في جانب منفصل، هاجم رئيس حركة حماس في منطقة الخارج، التنسيق الأمني القائم في الضفة الغربية بين أجهزة أمن السلطة وقوات الاحتلال.
وعدّ وجود "قوى أمنية متعددة عقيدتها ورسالتها القضاء على روح المقاومة في شعبنا بالضفة الغربية، واحتلال جاثم على أرضها بعد أن حاصرها بالجدار العازل وقطّعها بالمستوطنات والطرق الالتفافية، كل ذلك وزيادة يشكل عوائق كبيرة أمام الشارع الفلسطيني بالضفة".
لكنه جزم في المقابل، بأن "روح المقاومة لا تزال تسري في عروق أبناء شعبنا البطل في الضفة، والعمليات في تصاعد مستمر"، مقدّرًا أنه "لن يطول الوقت قبل أن نشهد هبة كبيرة تنفض أذناب الاحتلال وتنقض بنيانه"، حسب تعبيره.
العقوبات والمصالحة
وعقّب صلاح في معرض رده على سؤال "فلسطين"، على عقوبات السلطة المفروضة ضد قطاع غزة منذ نيسان/ أبريل من العام الماضي، بالقول: "الظاهر أن السلطة في رام الله قد حسمت أمرها بإغلاق الأبواب في وجه المصالحة كما صرح بذلك (عضو اللجنة المركزية لفتح) عزام الأحمد مؤخرًا، والمضي قدمًا في اتخاذ إجراءات انتقامية ضد غزة دون الإصغاء لصوت العقل أو الضمير أو حتى المصلحة العامة، ويتعزز ذلك يوميًّا بالتصريحات والمواقف".
وذكر أن الموقف الإقليمي والدولي "اتجه مؤخرًا لتجاوز السلطة برام الله لأجل تحسين أوضاع الناس حياتيًا في غزة، في حين تتجه السلطة ورئيسها (محمود عباس) لمزيدٍ من العزلة والانكماش على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي".
وأضاف أن الضغوط المصرية "نجحت في تأجيل جولة أخرى من الإجراءات الانتقامية العدوانية من طرف عباس، وإن لم تتمكن بعد من إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام".
وأكد صلاح أن وفود حركة حماس تذهب إلى العاصمة المصرية القاهرة لأنها تستشعر المسؤولية الوطنية لإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة مخططات تصفية القضية والمخاطر التي تتهدد شعبنا في الداخل والخارج.
وتابع: "يشهد المنصفون أن حماس قدمت الكثير وأعطت أعلى درجة من درجات المرونة ونكران الذات للانتهاء من الانقسام البغيض، لكن للأسف الطرف الآخر لا يريد مصالحة حقيقية، ولا يقبل شراكة وطنية".
غير أنه شدد على أن حماس "معنية باستمرار المحاولات دون يأس، كما أنها معنية بالعلاقة مع مصر وتطويرها وتحسينها بما يخدم شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية، ويعزّز المشتركات مع محيطنا العربي وبيئتنا الإسلامية".
وحول الموقف التركي تجاه القضية الفلسطينية أكد أنه واضح في انحيازه لفلسطين وقدسها وأقصاها.
وتابع أنه إذا كان الموقف التركي اليوم "أضعف من أن ينجز ضغطًا فاعلًا لإنهاء الحصار عن غزة، لأسباب كثيرة معقدة، فإنه لا شك عندنا بأن بوصلته صحيحة الاتجاه.. ونحن على تواصل مستمر سعيًا إلى مواقف أفضل وأقوى".
جهود حماس في الخارج
وحول الدور الذي تقوم به حماس خارج الوطن لدعم الفلسطينيين داخله، قال صلاح إن الحركة تقوم بأدوار كثيرة وكبيرة منذ أن نشأت، حيث تسخر جهدها لدعم شعبنا في الوطن المحتل، وخدمته في الخارج.
وأضاف أن الحركة تخصص أكبر جهدها وإمكاناتها المادية والمعنوية لدعم الداخل، حيث أرض الوطن وساحة المواجهة المباشرة الأكبر.
وتابع أن حماس "لا تتوانى عن دعم الداخل بالمال من مصادره الشعبية والرسمية، وتزوّد المقاومة بما تحتاج إليه من أدوات وخبرات وتقنيات، ورجال أصحاب خبرات وقدرات متميزة من جنسيات متعددة".
واختصر أعمال حماس في الخارج في عناوين أبرزها العلاقات السياسية الواسعة وطنيًا وعربيًا وإسلاميًا ودوليًا، والحراك القانوني والحقوقي "لقطع حبل الناس عن الاحتلال"، فضلًا عن الجهود والمؤسسات الإعلامية العريقة في الاختصاصات والمجالات كافة، المتواصلة مع الجهات والوسائل والشخصيات الإعلامية في العديد من الدول من الشرق والغرب والشمال والجنوب، وبلغات حية ومتعددة.
وأضاف أيضًا أن الحركة تمثل في الخارج جسر التواصل مع الأمة العربية والاسلامية، لتوعيتها بالقضية وتنسيق جهودها وتأطيرها ومأسستها، وفي القلب منها الحركات الإسلامية.
وأشار إلى أن حماس تعمل على تفعيل دور الفلسطينيين في خارج فلسطين وتربط الأجيال المتعاقبة بوطنهم وقضيتهم، مضيفًا أننا "تجتهد في تأطير وتفعيل الخبرات العميقة والثرية والمتنوعة التي راكمها الشعب الفلسطيني عبر معيشته في أقطار الأرض واحتكاكه بتجارب الشعوب وحركاتها التحررية والنضالية".
كذلك أفاد بأن الحركة تحمي حق العودة وتدافع عنه بالعمل المؤسسي والحقوقي والقانوني، وتنغمس في العمل الشعبي والإغاثي والإنساني مع الفلسطينيين في المخيمات وفي المنافي لتخفف شيئًا من آلامهم، ولتحقق أقصى ما تستطيع من آمالهم بالتحرير والعودة.