قائمة الموقع

​مطلّقات كسرن "تابوهات" العادات وواجهن المجتمع

2018-12-08T10:00:30+02:00
صورة أرشيفية

كسرن تابوهات العادات والتقاليد أن المطلقة مقيدة بقائمة ممنوعات، طوين ورقة الطلاق، وواجهن الحياة بابتسامة عريضة، أكملن تعليمهن، وتطوعن، واشتغلن، وصممن آذانهن عن غمزات ولمزات الشفقة، والتجنب، واتهامهن بتفكيك حياتهن وضياع أبنائهن.

فيهن لا ترى ملامح الانكسار التي تعودنا لمحها في وجوه المطلقات، لأن لم يدعن أنفسهن لتجربتهن الفاشلة لكي تكسرهن، بل على العكس، يعددن أنفسهن لسن مطلقات بل "محررات" من قيد وظلم الرجل، ولغين من قاموسهن أن الطلاق "عيب".

الموت أو الطلاق

وفاء (33 عامًا) اتخذت قرار الانفصال بعد أقل من عام من زواجها دون التردد للحظة، نجت بنفسها بعد أن فكرت بـ"الانتحار" من قسوة وانعدام شخصية طليقها، ومن ظلم أهله وتدخلهم في شئون حياتها.

تقول وفاء لـ"فلسطين": "الطلاق ليس قرارًا سهلاً، ولكني لم أستطع إكمال حياتي في ظلم وذل، فخيرت أهلي بين عدي ميتة أو تطليقي، لأنهم يضغطون باتجاه عودتي إلى بيتي بسبب ابني وابنتي".

وتضيف: "حياتي أحلى صارت بعد استلامي لورقة الطلاق، شعرت بأنني تحررت من السجن الذي وضعني فيه طليقي وأمه التي كانت تريدني خادمة لها ولبناتها، منعت من الخروج، ومنع أهلي من زيارتي، منعت من النوم، والأكل، حتى وصل بهم الأمر لتفتيش غرفتي والعبث بملابسي وأغراضي".

يضرب بها المثل

وتشير إلى أن الذي شجعها أكثر على طلب الطلاق، هي احتواء عائلتها لها ولابنيها، حيث أنجبت طفلها في بيت أهلها، وتراعهما والدتها أثناء خروجها للتطوع والعمل.

وتؤكد وفاء أنها لم تظهر ضعفها للمجتمع لأنها مطلقة، بل واجهته بكل قوة وبابتسامة لا تغادر وجهها، فأصبح يضرب بها المثل في عائلتها وتتساءل العديد من الفتيات "كيف يمكن أن أكون مثل وفاء؟، وفاء طلقت ولم تهتز فلماذا تضغطون عليّ؟".

وتشير إلى أن طليقها لم يعد عقدتها نحو الارتباط مرة ثانية، بل خوفها على ترك أبنائها يتربون بعيدًا عنها وهم في أمس الحاجة لها.

بعد أربعة أشهر

أما فداء (27 عامًا) والتي تعمل مرشدة نفسية، قرار طلاقها لم يستغرق التفكير فيه أكثر من أربعة أشهر وهي المدة الفعلية التي قضتها مع من "خلعته" لأنها تنازلت عن كل حقوقها لتتخلص من جحيم الحياة معه، على حد وصفها.

وتتابع: "لم أتردد في اتخاذ قرار الطلاق لأنني لم أتحمل العيش مش شخص طمع بمال أمي، ولا يحمل صفات الرجولة عديم الشخصية، لم أجد لديه ما تتمناه أي بنت الاهتمام والحب والحنان".

وعانت فداء من نظرة المجتمع تجاه المطلقة، فخروجها محسوب عليها، وظلم المجتمع لها أن المطلقة ليس من حقها الارتباط بأعزب فهذا ينقص من قدره، وعند رفضها الارتباط بشاب أعزب بغض النظر عن أخلاقه يستنكرون عليها كيف أنها أضاعت عريس "لقطة" من يدها، كأن المطلقة أصبحت امرأة ناقصة.

خبث المحاماة

فوق الظلم والقهر والبخل، والطمح في ميراث والدها المتوفي منذ "صبيحة" زواجها، أراد طليقها أن يسلك نهج التلاعب في الأوراق ودهائه في المحاماة عليها".

تقول فداء: "غصبني على التوقيع على كمبيالة بقيمة 2000 دينار بحجة أنه يريد بناء بيت لي فوق أهله فكنت واعية لخبثه ورفضت، واكتشفت فيما بعد أنه يريد أن يغتنم أكبر قدر من المال قبل تطليقي".

وتردف: "بالإضافة إلى أنه سرق ذهبي، واتهمني وعائلته بسرقته، ولكني رفضت الخروج من غرفتي حتى يأتون به وبالفعل استلمته، وحينما طلبت الطلاق تنازلت عنه".

وتشير فداء إلى أنها عانت من قسوة والدتها في بداية طلاقها بسبب كلام الناس، الأمر الذي دفعها للانعزال مدة لا بأس بها.

وتلفت إلى أن والدتها مع مرور السنين بدأت تلين، وهي من دفعتها نحو الخروج للعمل، وشغلت وقتها في الالتحاق بالدورات التدريبية، وتخطط لدراسة الماجستير.

عديما الشخصية

أما غدير الحاصلة على شهادتي التمريض، والدراسات الاسلامية، وقعت في "شباك" رجلين عديميّ المسئولية والشخصية، أنهت خطوبتها من الأول، ونجت بنفسها وبجنينها بعد شهر ونصف من الزواج بالثاني.

وتبين غدير27 عاما لـ"فلسطين" أن طليقها الأول ارتبطت به بإقناع من أهلها لأنه ابن عمها وابن خالتها في الوقت نفسه، لم تعش حياة المخطوبين، فالمكائد والمشاكل بدأت منذ اليوم الأول، لأن عماته استكثرنه عليها، كيف لأشقر بعيون خضراء رغم أنه غير متعلم، أن يرتبط بفتاة سمراء أعلى منه تعليمًا.

اختصرت غدير الطريق وطلبت الطلاق منه، ومن ثم ارتبطت بوالد ابنها "يامن" ذو العامين ونصف، والذي رفس النعمة التي كان يعيش بها، فأهلها هم من تكفلوا بإيجار بيتها ومستلزماته ومصروفها أيضًا، لتخفيف المصاريف عن طليقها.

تقول: "والده كان مدمنًا لا يخاف الله، كلما كان يذهب إلى أهله يأتي إلى البيت ليضربني دون فعل أي شيء، رغبة في "تطفيشي" وسرقة ذهبي وبيع طقم النوم، ولكني كنت متمسكة في البقاء بالبيت، وبالفعل بعد شهر ونصف أقنعني بالذهاب إلى أهلي".

وتضيف غدير: "استغل هو ووالده عدم وجودي، وسرقا طقم النوم، وبعدها قررت الطلاق وعدم التفكير بالرجوع اليه، والنجاة بابني الذي كان يريدني أن أجهضه بضربي على ظهري وبطني".

لا ضحايا

ولم تفكر الرجوع إلى طليقها البتة، لأنها على حد وصفها لا تريد المزيد من الضحايا، وتقصد إنجاب المزيد من الأبناء، يكفيها "يامن" الذي أمضت شهور حملها كلها وولدته في بيت والدها.

مهما كانت المرأة قوية وقادرة على اتخاذ قرار الطلاق، ولكن وقوعه يصيبها بانكسار في البداية سيما إذا كان لديها أطفال، وهذا ما تبينه غدير أنها انعزلت بنفسها وبطفلها عن مواجهة الناس لمدة من الزمن، وكلام الناس ونظرات الشفقة "يا دوبها شهر ونصف عند زوجها، وطلقت".

العمود الذي استندت عليه "غدير" للوقوف مرة ثانية هو دعم والدها وكلامه الذي كان يهون عليها الظلم الذي مرت به، تقول: "أبي دفعني دفعًا نحو الخروج للبحث عن عمل والتطوع، أمي عدت يامن ابنها الرابع واستعدت لتربيته خلال وقت دوامي، فوالده لم يسأل عنه إطلاقا".

محرّرات

تخاف بعض السيدات المعنّفات والمظلومات من التفكير بالطلاق، قدمت غدير نصيحة لهن "ألا تستمري في زواج فاشل، وتضحي بنفسك وبنفسية أبنائك، خوفًا من كلمة مطلقة، لأن أطفالك لن ينشئوا في بيئة سوية وأنتِ ستنهارين يومًا ما".

وتلفت غدير إلى أن في غزة يوجد مراكز إيواء للمطلقة المعنفة وأبنائها، وتحتويها وترعى أبنائها إذا لم يتقبلها أهلها أو لم يكن لها بيتًا بعد الطلاق.

ووجهت كلمة لكل مطلقة منكسرة: "لسن مطلقات بل محررات من قيد وظلم الرجل، الطلاق ليس عيبا، بل علينا أن نثبت أنفسنا بعد الطلاق، ونواجه المجتمع".


اخبار ذات صلة