قائمة الموقع

"حترجعلك".. مبادرة لإزالة "قاذورات" ميناء الصيادين بغزة

2018-12-05T09:38:21+02:00
غواصون ينظفون ميناء غزة من القاذورات أمس/تصوير ياسرفتحي

بإمكانات محدودة ومعنويات عانقت عنان السماء، غاص فريق رياضي، أمس، في حوض ميناء الصيادين الملوث بغزة، لا للبحث عن أسماك أو أشياء ثمينة، بل لتنظيفه من كل ما يمكن أن يثير اشمئزاز المواطن وغثيانه ويلحق به الأمراض أيضًا.

معنويات الغواصين المنتمين للجنة الغوص الحر في اتحاد السباحة والرياضات المائية، كانت في أحسن حالتها رغم إدراكهم بمدى خطورة السباحة والغوص في حوض الميناء لارتفاع درجة التلوث فيه.

ويستخدم حوض الميناء مرسى لقوارب الصيادين منذ عشرات السنين، وهو شبه محكم الإغلاق، وله نافذة واحدة من الجهة الشمالية، تنطلق منها القوارب بصياديها إلى أميال في عرض البحر يتفاوت مداها طيلة العام بقرار من بحرية الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت مبادرة تنظيف حوض الميناء من اقتراح الاستشاري الاختصاصي في علوم المياه والبيئة والصحة العامة د. أحمد حلس، بالتعاون مع اتحاد السباحة والرياضات المائية، وجمعيات ومراكز محلية، وبدعم من منظمة الإغاثة الإسلامية جنوب إفريقيا.

وأوضح حلس سبب إطلاق اسم "حترجعلك" على مبادرته، لكون ما يلقيه المواطنون والصيادون في حوض الميناء من مخلفات، يتحول بمرور الزمن إلى فتات من الملوثات الدقيقة، وتدخل في السلسلة الغذائية للأسماك وتتراكم في أجسامها التي يتغذى عليها المواطنون.

وقال حلس في مؤتمر صحفي من داخل الميناء: إن المخلفات التي تلقى في الحوض تبقى لسنوات طويلة دون أن تتحلل بل إنها تتكسر إلى فتات من الملوثات وتتراكم لاحقًا في الأسماك وفيمن يحتك بالبحر من البشر بالسباحة أو غيرها من الرياضات البحرية.

مخاطرة

وأضاف: "سنخاطر اليوم بأنفسنا، ولا أبالغ عندما أتحدث بهذا، فحوض الميناء ملوث بنسبة مركزة لا تتغير، إضافة إلى مصبات الصرف الصحي بداخله، والنفايات الصلبة، ومخرجات السفن"، منبهًا إلى أن هذا يمنح حوض الميناء خصوصية في التلوث، و"لدي أبحاث كثيرة حول هذا الموضوع ونشرتها في مجلات عالمية".

وعدَّ أن تلوث البيئة يساوي الاحتلال في قتل المواطنين. وأبدى إعجابه بلجنة الغوص الحر، مضيفًا: "عندما أطلقت المبادرة وقررت النزول إلى الميناء، لم يتردد هؤلاء في الغوص بأعماق الحوض لإزالة العوالق وتنظيفه".

وزاد تعداد غواصي الاتحاد المشاركين في المبادرة على 25 غواصًا، إضافة إلى عدد من السباحين.

وقال رامي مقداد رئيس لجنة الغوص الحر في اتحاد السباحة، إن ما نقوم به عمل مهم للحفاظ على البيئة البحرية والكائنات فيها.

وأضاف لصحيفة "فلسطين" قبل أن يغوص في مياه الحوض، أن فعالية الميناء إن كانت الأولى، فلن تكون الأخيرة لتنظيف مخلفات البلاستيك والنايلون والعبوات الزجاجية وغير ذلك من ترسبات استقرت في القاع خلال السنوات الماضية.

أما الصياد علاء الغول، العضو في لجنة الغوص الحر، قد جاء باكرًا إلى ميناء غزة وكان مستعدًا تمامًا للمشاركة في المبادرة.

وعندما اقترب موعد بدء الفعالية (الساعة العاشرة والنصف صباحًا)، ارتدى الغول وعشرات الشبان بدل الغوص، وأقنعة الوجه للرؤية تحت المياه، وحملوا زعانفهم وتوجهوا إلى رصيف الميناء، وقفزوا واحدًا تلو الآخر، وبدأت عملية جمع النفايات.

وغاص المشاركون في الفعالية، بمن فيهم الدكتور حلس، ونائب رئيس اتحاد السباحة والرياضات الماضية محمود شمعة، وشاركوا جميعًا في إخراج أشياء كثيرة من حوض الميناء، وكانت أشبه بـ"القاذورات".

باكورة المبادرات

بدوره، نبه مدير البرامج في الإغاثة الإسلامية حسام جودة، إلى ضرورة تبني أصحاب المسؤوليات والواجبات والحقوق لنتائج مبادرة تنظيف ميناء غزة برًّا وبحرًا.

وأكد جودة لـ"فلسطين، أن المبادرة تمثل باكورة سلسلة مبادرات ضمن مشروع حماية البيئة بغزة في مرحلته الثانية، موضحًا أن مفهوم الحماية لا يقتصر على معالجة الآثار السلبية، بل يشمل معالجة المشكلة من جذورها وأساسياتها وتغيير سلوك الفاعلين.

واستدرك جودة: "نتمنى أن نخرج بحقائق نبني عليها إستراتيجية واضحة من أجل تغيير حقيقي في حماية البيئة انطلاقًا من ميناء غزة حتى نصل إلى العديد من الظواهر والمشاكل البيئية، بالشراكة مع مكونات المجتمع؛ لتعزيز القرارات والسياسات التي من شأنها حماية البيئة وإلزام المجتمع بالحفاظ عليها".

وشدد مدير الإغاثة الإسلامية في فلسطين م. منيب أبو غزالة، على ضرورة حماية مقدرات البيئة، داعيًا إلى إيجاد آلية للتغير نحو الأفضل في التعامل مع الحقوق الأخرى تجاه المجتمع والممتلكات العامة.

وأوصى في كلمة له خلال المؤتمر، كل شخص بأن يفكر قبل أن يتصرف بشيء مؤذٍ للبحر، حتى لا يكون حجر عثرة في طريق آخرين يبذلون جهودًا كبيرة في حماية البيئة البحرية.

وتعهد مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز، بتكثيف عمل فرق البلدية من أجل بقاء غزة جميلة نظيفة وخالية من التلوث.

وقال في كلمة خلال المؤتمر: بهمم الجميع نصل إلى ما نريد في الحفاظ على البيئة، وهدفنا من الفعالية توعية كل شرائح المجتمع بسبل الحفاظ عليها وحمايتها كي نحافظ على أنفسنا.

وشاركت في المبادرة الممولة من الإغاثة الإسلامية، كل من: هيئة المستقبل للتنمية، وجمعية أجيال للإبداع والتطوير، وجمعية يبوس، وجمعية مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات، ومركز البرامج النسائية، وجمعية بيادر للبيئة والتنمية، وجمعية منتدى التواصل، ولجنة الرياضة والبيئة الفلسطينية، ومجلس الشباب الفلسطيني، ومجموعات "مستقبل وطن" الكشفية.

وضمن فعاليات المبادرة، رسم مجموعة من الشبان يتبعون مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات، جدارية على الجدار الجنوبي لرصيف ميناء الصيادين، وبرز فيها عمليات إلقاء المخلفات في البحر، ومخرجات قوارب الصيد من وقود ومحروقات، والصرف الصحي كذلك، وتأثير ذلك في البيئة البحرية.

وقالت المشرفة على رسم الجدارية عبير البطنيجي لـ"فلسطين": "نسعى إلى توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، حتى نتجنب كوارث بيئية مستقبلًا".

اخبار ذات صلة