فلسطين أون لاين

تقدر بنصف مليار دولار

أين تذهب السلطة بمستقطعات رواتب موظفي قطاع غزة؟!

...
غزة - رامي رمانة

مرت سنة وثمانية أشهر تقريباً، على استمرار السلطة في رام الله باستقطاع نحو نصف رواتب الموظفين في قطاع غزة، كإجراء عقابي ضد القطاع المحاصر، وبات الغموض يكتنف مصير عودة صرف تلك الرواتب كاملة أم أنها ستدخل مرحلة تقليص أخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة على طاولة المسؤولين في وزارة المالية برام الله، أين تذهبون بتلك المستقطعات، وهل بإمكانكم ردها لمستحقيها كاملة إن أزيلت أسباب الحجز؟!

ومنذ أبريل/ نيسان 2017، والسلطة تفرض إجراءات عقابية على قطاع غزة، بذريعة تمكين حكومة الحمد الله في القطاع، وتتمثل هذه العقوبات في صرف أنصاف رواتب العاملين في القطاع العمومي، وإحالة الآلاف إلى التقاعد القسري، فضلاً عن تقنين حجم الإنفاق على مؤسسات السلطة العاملة بغزة بالحد الأدنى.

ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل، أن استقطاعات السلطة من رواتب الموظفين في قطاع غزة هي حقوق مالية في رقبة السلطة بغض النظر عن دوافعها سواء كانت سياسية أو اقتصادية، وأنه يجب استردادها كاملة، كما ينبغي أن تفصح السلطة عن حجم هذه الديون وكيف تتعامل معها.

وبين نوفل لصحيفة "فلسطين" أن السلطة في موازنتها المالية تدرج صرف رواتب الموظفين في الضفة الغربية وقطاع غزة كاملة، وهذا خلل، لأن الواقع أن السلطة تصرف أنصاف رواتب لغزة وهو عكس ما هو مدرج في الموازنة بأنهم تلقوا رواتبهم كاملة.

و أشار إلى أن السلطة تدرج صرف رواتب المتقاعدين ضمن الموازنة، وهو مخالف للأنظمة والقوانين أيضاً، ذلك أن الأصل أن يحصل المتقاعد على راتبه من صندوق التقاعد الذي دفع إليه مسبقاً مساهمته الشهرية.

وقدر نوفل حجم ديون الموظفين في القطاع العمومي بغزة على السلطة جراء الاستقطاع بنحو نصف مليار دولار.

مراجعة الحسابات

ودعا المؤسسات الرقابية الخارجية والحقوقية إلى مراجعة الحسابات الختامية للموازنة الفلسطينية لإعادة النظر في المال المقدر والحقيقي.

وفند الاقتصادي تصريحات المسؤولين في رام الله بصرفهم على قطاع غزة (95) مليون دولار شهريا، مشيراً إلى أن الرقم قد يحمل الخطأ أو يغطي فسادا ماليا.

ويؤكد نوفل أن قطاع غزة ليس عالة على السلطة، بل إن إيراداته تغطي نفقاته، مشدداً على أن القطاع قادر على تحمل عبئه المالي حتى لو رفعت السلطة يدها كاملة عنه.

وقال:" إن حجم إيرادات قطاع غزة في الوقت الراهن سواء التي تجبيها السلطة أو وزارة المالية في قطاع غزة تقدر بــ 80 مليون دولار شهرياً وهي تغطي حجم الإنفاق الذي يشمل نفقات السلطة ووزارة المالية بغزة المقدر بـ 60 مليون دولار شهرياً، أي أن هناك فائضا نحو 20 مليون دولار، يمكن أن يذهب لإنشاء مشاريع استثمارية تعود بالفائدة على الاقتصاد الغزي".

صندوق أمانات

و يؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب، أن تلقي الموظفين رواتبهم كاملة, من الحقوق التي كفلها القانون وهي لا تسقط مع التقادم، وأيضاً حقوق معيشية خاصة وأن الوضع المعيشي للسكان بغزة مترد للغاية.

وأشار في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أنه ترتب على تقليص رواتب موظفي قطاع غزة انخفاض في قدرة الموظف الشرائية، وزيادة ديونه وارتفاع مشكلاته الاجتماعية.

ويستبعد أبو الرب أن تعيد السلطة تلك الديون رزمة واحدة ،لأنها تعاني من عجز مالي.

وقال: كان الأجدر أن تخصص وزارة المالية في رام الله "صندوق أمانات" لوضع تلك الاستقطاعات، حتى ترد إلى أصحابها حال انتهاء السبب الذي وضع لأجله الحجز والاستقطاع، مع إشارته إلى أهمية أن تشرف مؤسسات خارجية وقانونية على تلك الاستقطاعات.

وذكر أبو الرُب أن السلطة لا شك أنها حققت فوائد آنية لذاتها جراء استقطاع الرواتب، حيث إنها خفضت جزءا من العجز المالي، لكنها تغافلت في الوقت ذاته أنها تعالج مشكلة بمشكلة مثلما يحدث الآن في تغطية عجزها بفتح نافذة جديدة من الديون متمثلة في استقطاع رواتب الموظفين.

ورجح الاقتصادي أن تبقى السلطة تنفق على قطاع غزة على النحو الذي تسير عليه الآن سواء فشلت جهود المصالحة أو كتب لها النجاح.

من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة لصحيفة "فلسطين: إذا حدثت مصالحة حقيقية برعاية دولية لن تكون المشكلة المالية معضلة، خاصة وأنه حسب القريبين من المتحاورين في ملف المصالحة فإن قضايا الموظفين سواء الذين عينوا بعد 2007 والذين تلقوا أنصاف رواتب والذين أحيلوا إلى التقاعد هم على سلم أولويات الحوار الوطني.

لكن دراغمة يعبر عن تخوفه بأن تطول مدة الخلاف الفلسطيني، ومعها تطول معاناة الموظفين، مشيراً إلى أنه مع بقاء الانقسام لن يكون الموظف على رأس الأولويات.

وأشار إلى أن الموظفين المقترضين تأثروا أكثر من غيرهم، حيث إنهم لم يتلقوا رواتب كاملة، وتم جدولة ديونهم لدى البنوك وارتفعت الفائدة البنكية.

تجدر الإشارة إلى أن السلطة دأبت على إظهار قطاع غزة عبئا على الموازنة العامة، مع أن نفقاتها السنوية على القطاع المحاصر لا تتجاوز ( 524) مليون دولار ، فيما أن الإيرادات التي تتحصل عليها قرابة ( 995) مليون دولار سنوياً.