مداهمات واعتقالات وقطع معونات ومعاشات وحرمان من امتيازات التعليم والصحة، ناهيك عن قرارات الإبعاد والحرمان من دخول المسجد الأقصى، بل والقدس المحتلة بكاملها، كل تلك الانتهاكات القمعية فرضها الاحتلال الإسرائيلي على المرابطين والمرابطات داخل المسجد الأقصى حتى يثنيهم عنه، ويستأثر بالحرم القدسي.
وأمام كل هذه التحديات، والتي رافقها حظر الحركة الإسلامية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهي التي كانت تسيّر قوافل الزائرين والمرابطين داخل المسجد الأقصى لمواجهة قطعان المستوطنين، تمكنت إجراءات الاحتلال من تقليص تواجد المرابطين داخل القدس، فهل تنجح باقتلاعهم من داخل المسجد الأقصى بشكل كامل؟.
لإخلاء المسجد
أكد رئيس لجنة الحريات في الداخل المحتل كمال الخطيب، أن الاحتلال يفرض على المرابطين قيودًا وإجراءات قمعية بهدف إخلاء المسجد الأقصى من المرابطين وتجفيف منابع الوافدين إليه.
وأوضح الخطيب في تصريح لـ"فلسطين"، أن العقوبات التي يتعرض لها المرابطون في المسجد الأقصى تشمل الملاحقات ومداهمات المنازل وقطع الرواتب والمعاشات والمعونات، ناهيك عن الحرمان من دخول الأقصى، وأحيانًا تصل حد الاعتقال أو الإبعاد الجزئي أو الكامل عن المسجد المبارك.
وأشار الخطيب إلى إغلاق الاحتلال وحظره للمؤسسات التي تدعم الأقصى، مثل الحركة الإسلامية، بالإضافة إلى تعقب سلطات الاحتلال لكل من ينشط في حشد الناس لزيارة الأقصى، وهي المهمة التي تقوم بها حاليًا الحركة الشعبية بعد أن تمَّ حظر الحركة الإسلامية.
وقال: "يوجد خمسة شبان فلسطينيين قيد الاعتقال لدى سلطات الاحتلال بتهمة انتمائهم إلى (تنظيم المرابطين)، وهو مسمى ابتدعه الاحتلال ليحول صورة الرباط من عقيدة وشريعة إسلامية إلى تنظيم محظور يجب محاربته".
وأوضح أن سلسلة العقوبات التي يتعرض لها المرابطون من قبل الاحتلال دون وجود أي دعم أو تعويض لهم، أثرت على أعدادهم داخل المسجد الأقصى، وقلصت منها إلى حد ما، وإن كان التواصل الشعبي يحاول تعويض هذا النقص من خلال العائلات والقرى والمدن في الداخل المحتل، ولكن ليس بنفس الزخم السابق.
وأوصى بضرورة الضغط على الاحتلال من أجل التوقف عن هذه الممارسات غير المقبولة لا في تقاليد الأرض، ولا في أعراف السماء، والتي يهدف من خلالها لتنفيذ مشاريعه التوراتية على المسجد الأقصى.
وقال: "لا حل لما يتعرض له المرابطون والمرابطات داخل الأقصى إلا بزوال الاحتلال وعودة المسجد للمسلمين وحدهم"، مشددًا على أن هذا الحل لن يتحقق إلا إذا توحدت الأمة العربية والإسلامية ودعمت تحقيقه.
قطع الامتيازات
وفي سياق متصل، رأى فخري أبو دياب رئيس لجنة الدفاع عن حي سلوان في القدس المحتلة، أن الإجراءات التعسفية التي ينتهجها الاحتلال بحق المواطنين المقدسيين، يهدف من خلالها إلى تفريغ المسجد الأقصى من المرابطين فيه.
وقال أبو دياب في حديث لصحيفة "فلسطين": إن شرطة الاحتلال تتمركز على بوابات الأقصى وتسمح لمن تشاء بالدخول وتمنع من تشاء، وتعتقل كل من يحاول الدخول إلى المسجد.
وأضاف: "لا تقف مضايقات الاحتلال للمرابطين عند هذا الحد، فهم معرضون للاعتقال والملاحقة والمداهمة، ناهيك عن قرارات الإبعاد والحرمان من المسجد الأقصى ومن القدس المحتلة كلها، والحجز على الأموال".
وتابع أبو دياب: "كل ذلك نتيجة عدم وجود من يدعم صمود المقدسيين المرابطين داخل المسجد الأقصى، وهو ما أدى إلى تقليص عدد المرابطين فيه، لا سيما بعد أن تمَّ قطع معاشات عدد منهم، ومنع آخرين من مزاولة العمل".
وأكد أبو دياب وجود حرب من نوع مختلف يتعرض لنيرانها المقدسيون والمرابطون، متمثلة بسلسلة الإجراءات القمعية التي يمارسها الاحتلال ضدهم، والتي لا يراها العالم أو يسمع عنها.
وأوضح: "كثير من منابع الدعم المالي للمقدسيين والمرابطين تم تجفيفها من قبل الاحتلال حتى يبقى المرابط وحده في الميدان يواجه إجراءات القهر والظلم الإسرائيلية"، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال قلصت فترات الزيارة للمسجد الأقصى إلى حد كبير، وأن حركة الزوار له تنشط فقط في الأعياد وأيام الجمعة.
ونبَّه رئيس لجنة الدفاع عن حي سلوان في القدس المحتلة إلى أن قوافل الزائرين الفلسطينيين للمسجد الأقصى بسبب إجراءات الاحتلال، لم تعد كما كانت في السابق، حيث إن اقتحامات المستوطنين للمسجد مستمرة بشكل يومي ولعدة ساعات في اليوم الواحد.
وشدد على أن الأقصى يعيش أشد حالات الخطر وتعكير صفو المرابطين فيه، خاصة بسبب التواجد الكثيف لشرطة الاحتلال داخله، والتي سمحت بتكثيف هجمات المستوطنين عليه بل ومهدت لهم اقتحاماتهم أيضًا، والتي لا يتصدى لها إلا المقدسيون.
وختم حديثه قائلًا: "لو كفلت الأمة العربية والإسلامية العائلات المقدسية، لما قام الاحتلال بقطع معاشاتها وحرمانها من مصادر الرزق، وكانت ستبذل أقصى جهدها للبقاء في المسجد الأقصى والدفاع عنه في وجه طغيان الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه".
