فلسطين أون لاين

​المشروع الأمريكي وآليات مواجهته

تواصل الإدارة الأمريكية دعمها الكيانَ الإسرائيلي، الحليف الإستراتيجي لها في الشرق الأوسط، في محطات عدة، فبعد أن عطّلت مشاريع قرارات تدين الاحتلال، واستخدمت حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالح الكيان الإسرائيلي، وأغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، واعترفت بالقدس عاصمة للكيان، ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس، فضلاً عن الدعم العسكري اللامحدود لهذا الكيان. تستمر هذه الإدارة المتطرفة في نهجها المنحاز لكيان الاحتلال، وتنساق دوماً إلى الرغبات والمصالح الإسرائيلية في تجريم المقاومة، فكانت القرارات الأمريكية تباعاً بوضع قادة حماس في قوائم الإرهاب الأمريكية.

وتكمل دورها اللاأخلاقي المنحاز للكيان الإسرائيلي حالياً بطرح مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين ويشجب نشاطات حركة حماس ضد (إسرائيل) بسبب إطلاق الصواريخ، ويدعوها لوقف الاستفزازات وأنشطة العنف هي والكيانات الفلسطينية الأخرى، وقد مارست الإدارة الأمريكية ضغوطاً كبيرة على الأوروبيين للحصول على دعمهم لهذا المشروع.

إن خطورة هذا المشروع الساعي لتجريم المقاومة الفلسطينية في أنه يقف مع الجلاد ضد الضحية في انقلاب قيمي غير مسبوق، ويضع عزلة دولية تجاه حماس وحركات المقاومة الفلسطينية، ويمهد لملاحقة قادتها ووقف أعمالها وأنشطتها، لأن القرار إذا ما اتخذ ستتبعه ترجمات على الأرض يسعى الكيان الإسرائيلي لتنفيذها والاستفادة منها، وسيكون ضوءا أخضر لتنفيذ المزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين، خصوصا في قطاع غزة وكل مكان توجد فيه المقاومة بذريعة محاربة حماس.

الإدارة الأمريكية بذلك تمارس سطوتها وعنجهيتها وتظهر انحيازاً كبيراً للكيان الإسرائيلي متجاهلة بذلك مفاهيم وأحكام القانون الدولي، وضاربة بعرض الحائط كل القرارات الدولية، وتظهر تحدياً غير مبرر لرغبات الدول وحريتها في التصويت على مشروع القرار حين تستبق التصويت بتصريحات تحسب بأنها أشبه بتهديد للعالم، حين تقول البعثة الأمريكية: "إذا لم تستطع الأمم المتحدة التوافق على تبني هذا القرار، فلن يكون هناك شيء يمكنها فعله، ليتم إشراكها في محادثات السلام".

هنا تختبر العدالة الدولية، وعلى العالم الحر أن يقول كلمته تجاه هذه الوصاية الأمريكية على إرادة ومصير الشعوب، وعليهم أن يسقطوا مشروع القرار الأمريكي، وعلى العالم أن يتغير ويقول للإدارة الأمريكية: كفى اضطهادا للشعب الفلسطيني، كفى دعماً لكيان احتلالي عنصري مجرم.

إن المسؤولية الملقاة على عاتق الأنظمة العربية والإسلامية وكل الأحرار في العالم، والمنظمات الدولية الحقوقية وغيرها، الآن كبيرة، للاضطلاع بمسؤولياتها تجاه اتخاذ خطوات عملية نحو إفشال مشروع القرار وخلق رأي عام مضاد للمشروع الأمريكي.

وفلسطينياً علينا أن نتحرك فوراً في هذه الساعات لاتخاذ خطوات عاجلة لإعمال آليات وأدوات عملية لمواجهة القرار الأمريكي بالإعلان عن توقيع المصالحة الفلسطينية واتاحة المجال لانضمام حماس وباقي فصائل المقاومة لمنظمة التحرير، ودعوة الجامعة العربية للانعقاد الفوري والسماح لقيادة حماس بإلقاء كلمة عاجلة، وعلى السلطة الفلسطينية أن تمهد لذلك، وننتظر من الدول الصديقة التي تدعم نضالات وكفاح شعبنا أن تقدم مشروع قرار يطالب بإعطاء شرعية دولية لمقاومة الاحتلال في فلسطين، ردا على المشروع الأمريكي.

وعلى كل القوى الفلسطينية أن تتحرك لفضح الممارسات الأمريكية والإسرائيلية تجاه التنكر لحقوق شعبنا في تقرير مصيره، وأن تدعو لأكبر مواجهة لهذا المشروع من خلال الفعاليات الجماهيرية التي تنطلق في المدن والمخيمات الفلسطينية، وتمتد لمسيرات في عواصم العالم، وخصوصاً وقفات احتجاجية أمام السفارات الأمريكية والغربية في العالم، وإعداد مذكرة عاجلة لمقاضاة السفيرة الأمريكية نيكي هيلي لدى المحاكم الدولية، بسبب تجاهلها أسباب إطلاق الصواريخ وسعيها لتجريم مقاومة الشعب الفلسطيني وانحيازها لـ(إسرائيل) وتجاهلها مفاهيم وأحكام القانون الدولي التي كفلت حق تقرير المصير للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال الأجنبي.

المرحلة المقبلة ستكون أكثر خطورة، والقرار له ارتباط كبير بصفقة القرن التي تعارضها حماس وفصائل شعبنا بقوة، والإدارة الأمريكية ترغب في إفساح الساحة لهذه الصفقة، فكل من عارض الصفقة سيقع تحت تهديد الإدارة الأمريكية لكن شعبنا لن يرضخ للابتزاز الأمريكي بأي شكل، وسيواصل مقاومته المشروعة حتى تحرير البلاد، ولا يمنعه عن ذلك قرار دولي أو جريمة إسرائيلية أو دعم أمريكي.