فلسطين أون لاين

دلالات قرب صدور قرار إنشاء البنك المركزي الفلسطيني

...
صورة أرشيفية
أ.د معين رجب

لطالما تطلع الفلسطينيون إلى تحويل سلطة النقد الفلسطينية الراهنة إلى بنك يملك الصلاحيات كافة المنوطة بالبنوك المركزية، كما هو الحال في مختلف بلدان العالم، وقد جاءت تصريحات محافظ سلطة النقد في الأيام الماضية لتؤكد على قرب صدور القرار الرئاسي بتحويل سلطة النقد إلى بنك مركزي كامل الصلاحيات. يأتي هذا القرار بعد جهود متراكمة على امتداد سنوات طويلة ترافقت مع استكمال الاستعدادات اللازمة لهذه الخطوة كالمباني والتجهيزات الفنية والبشرية واللوجستية ويكون البنك المركزي في هذه الحالة كما أوضح بذلك محافظ سلطة النقد بأنه عبارة عن "مؤسسة نقدية مستقلة إداريا و ماليا عن الحكومة لكنها تنفذ السياسة العامة للدولة، حيث يعدّ البنك المركزي مستشار الحكومة المالي و النقدي و بنك البنوك، و له دور كبير في تحقيق الاستقرار النقدي و التنمية" و بالتالي يكون من حق البنك المركزي الفلسطيني إصدار العملة الوطنية التي حرم منها الفلسطينيون منذ توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي عام 1995 الذي تم الالتزام بموجبه بالتعامل بالشيقل الإسرائيلي الجديد كعملة رسمية في الأراضي الفلسطينية بجانب عملات أخرى، حيث جرى استخدام الدينار الأردني و الدولار الأمريكي لأهميتهما في المعاملات في الأراضي الفلسطينية. و المأمول من خلال البنك المركزي المرتقب تحقيق أهداف عديدة أبرزها: تحقيق الاستقرار المالي و النقدي و إعداد سياسات نقدية و مالية تساهم في تحقيق هذا الغرض بالتعاون مع وزارات المالية و التخطيط و الاقتصاد.

و لا بد من التنويه الى أن استخدامنا لعملات غير وطنية يحرم الخزينة الفلسطينية من موارد مهمة كان يمكن أن تساهم في تعزيز الإيرادات العامة للدولة و التي يمكن تقديرها بنحو 250 مليون دولار سنويا و بمعنى آخر فعلى مدى 23 عاما من إنشاء سلطة النقد الفلسطينية و حتى الوقت الحاضر فإن خسارة الاقتصاد الفلسطيني بسبب استخدام عملات غير وطنية تقدر بما يتراوح بين5 الى6 مليارات دولار.

هذا و قد يكون من المتعذر إصدار النقد الوطني بمجرد إنشاء البنك المركزي لأن هناك مقومات يجب توفرها لحماية النقد الوطني الجديد الذي يجب أن يرتبط بأسعار صرف محددة أو مرنة نسبيا أمام العملات الدولية، و بالتالي يجب أن يكون لدى البنك المركزي احتياطات كبيرة من النقد الأجنبي و من الذهب الخالص أيضا لمواجهة أية انخفاضات أو تقلبات حادة في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.

و لعل من المحددات المهمة الأخرى لنجاح البنك المركزي في أداء مهامه على الوجه الأكمل أن تتم استعادة الوحدة الوطنية بإنهاء الانقسام البغيض الذي أضر بالاقتصاد الفلسطيني ضررا بالغا، كما أضر بحاضر و مستقبل الحل النهائي للقضية الفلسطينية بحيث انشغل الفلسطينيون خلالها بقضايا جانبية بعيدا عن القضايا الرئيسة، هذا بالإضافة الى أهمية السيطرة تماما على المعابر و المنافذ الدولية و الموارد الاقتصادية و أن تكون هناك حرية كاملة للقرار الاقتصادي المستقل المتحرّر من التبعية، خاصة و أن (إسرائيل) تحرص حرصا كاملا على بقاء و تعزيز هذا الانقسام، فهي المستفيدة الرئيس من استمرار و بقاء حالة التشرذم و تشتت الجهود.