وصف مسؤول قسم الدراسات في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، إبراهيم العلي، ظروف اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا إلى لبنان بأنها صعبة جدًا، مبديًا أسفه على ما وصفه بـ"التضييق الكبير" من السلطات اللبنانية على دخولهم إلى البلاد.
وأورد العلي خلال حديثه إلى موفد صحيفة "فلسطين" إلى إسطنبول، رزمة قرارات وإجراءات اتخذتها السلطات اللبنانية لتقييد عمل وتحرك الفلسطينيين السوريين في لبنان، أثرت في مجموعها سلبًا على أوضاعهم.
وبحسب إحصائية صادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان 31 ألفًا، نزحوا هربًا من الحرب الدائرة منذ 2011 بين قوات النظام والمعارضة في سوريا.
وأفاد العلي أن الفلسطينيين السوريين إلى الآن يعاملون معاملة السائحين لا اللاجئين، فلو أراد أحدهم الدخول من سوريا إلى لبنان عليه دفع ثمن تأشيرة دخول بحدود 25 ألف ليرة لبنانية (17 دولارًا أمريكيًّا).
وأضاف أنه لا يحق للفلسطيني القادم من سوريا الإقامة في لبنان أكثر من أسبوعين، وبمقتضى ذلك يصبح بعد هذه المدة مخالفا وملاحقا قانونيا، وبالتالي هذا الوضع جعل من الفلسطينيين السوريين النازحين إلى لبنان بمجملهم مخالفين ويرزحون تحت نير القانون اللبناني، وهذا يعني قابلية ترحيلهم في أي وقت تحت مسمى "الإقامة المخالفة".
وتابع أن الفترة الأخيرة شهدت تطبيق قرار صادر عن الداخلية اللبنانية بإغلاق المحلات والمتاجر التي يعمل فيها السوريون أو من في حكمهم من الفلسطينيين السوريين، في مناطق وضواحي صيدا وصور والبقاع، وأن هذا الأمر سيسري نحو بقية المدن.
وبين أيضًا أن القرار يشمل فرض غرامة مليون ليرة لبنانية (660 دولارا أمريكيا) على كل من يثبت أنه يعمل لديه موظف فلسطيني أو سوري.
وذكر العلي أن اللاجئين القاطنين في منطقة البقاع اللبناني ونظرًا لأنها باردة جدًا يحتاجون خلال فصل الشتاء إلى "تكاليف عالية جدا" لتوفير المحروقات، مع الإشارة في المقابل إلى أن لبنان "لا يسمح للاجئ الفلسطيني المقيم في لبنان بأي فرص عمل".
وأكد أن (الأونروا) تقوم بدور "لا يرتقي إلى المستوى المطلوب ولا إلى الكارثة التي يحياها الفلسطيني السوري في لبنان".
وبشأن ما صدر من دعوات من مسؤولين في النظام السوري لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك قرب العاصمة دمشق، أكد العلي أنها "لم ترتقِ إلى مستوى التطبيق".
وبين أن هناك قرارا رسميا صدر عن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، يقضي بإعادة سكان اليرموك إلى مخيمهم وإعادة إعماره، لكن العلي نبه إلى أن هذا الأمر يتطلب أولًا إعادة البنى التحتية للمخيم وتنظيم عودة اللاجئين.
وبحسب البيانات الصادرة من داخل سوريا، فإن 20% من مخيم اليرموك الذي أنشئ عام 1957 مدمر تمامًا و40% مدمر بشكل جزئي، في حين النسبة الباقية تصلح للسكن، لكن رغم ذلك لا تؤهل اللاجئين للعودة نتيجة عدم وجود بنية تحتية (صرف صحي، ومياه، وكهرباء، واتصالات)، كما أفاد العلي.
وذكر أن أهالي اليرموك الذين بلغ تعداد الفلسطينيين منهم قبل اندلاع الحرب بين النظام والمعارضة حوالي 220 ألف فلسطيني "لم يتبق منهم حاليا سوى بضعة أشخاص في أماكن متفرقة"، مضيفًا أنه لم تسجل حتى اللحظة "عودة جماعية" إلى المخيم.
في سياق آخر، أفاد رئيس قسم الدراسات في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، بأن 300 عائلة فلسطينية نزحت إلى مخيم دير بلوط في الشمال السوري بموجب تسويات ومصالحات بين النظام والمعارضة في جنوب دمشق ومدن سورية أخرى، تعاني حاليا أوضاعًا إنسانية غاية في الصعوبة.
وقال إن تلك العائلات تعيش في خيام تغرقها مياه الأمطار في هذا الجو العاصف والماطر والبارد جدا، ومناطق سكناهم مليئة بالأفاعي والحشرات والقوارض، لافتًا إلى أن لاجئًا توفي في دير بلوط نتيجة البرد، السبت قبل الماضي.
وأكد أن المسؤولية تجاه هؤلاء اللاجئين تقع بالدرجة الأولى على عاتق وكالة (الأونروا)، ومنظمة التحرير الفلسطينية الراعي الرسمي لشؤون اللاجئ الفلسطيني، متسائلًا عن دورهما "من مأساة الفلسطينيين في الشمال السوري، فالموضوع يحتاج إلى تحرك سريع".
من جهة ثانية، أشار العلي إلى أن عائلات فلسطينية يقدر عددها بـ170 عائلة من سوريا والعراق عالقة في مملكة تايلند منذ فترات متفاوتة وتصدر عنهم مناشدات للتحرك لمساعدتهم. ومن بين أفراد تلك العائلات كما أشار العلي 65 امرأة و110 أطفال إضافة إلى عدد ليس بقليل من كبار السن.
وقال العلي: "سمعنا أن هناك حراكًا من السلطة الفلسطينية تجاه ذلك، إلا أن هذا الحراك غير حقيقي"، مضيفا أن الإفادات الواردة من اللاجئين هناك "تدل على غير ما يُصرح به في الإعلام عن طريق سفراء أو مكاتب السلطة وبالتالي ما زالت القضية عالقة".
وحول ما يُشاع عن "مخططات" لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق سكناهم، ضمن مخطط ما تعرف بـ"صفقة القرن" ومنها تصفية وكالة (الأونروا)، قال العلي: "رغم الظروف التي يحياها اللاجئون الفلسطينيون التي تفرض عليهم القبول بمثل هذه المشاريع، إلا أن الوعي الذي يتمتع به اللاجئ الفلسطيني وإدراكه لحقوقه يجعل منه رافضًا لها".
وذكر أنه عبر السنوات السبعين من عمر النكبة الفلسطينية "فاقت مشاريع التوطين الـ100 مشروع، ولكن اللاجئ الفلسطيني لم يرضخ، وكانت الظروف التي يمر بها ربما أصعب من الظروف التي يمر بها اليوم، ومع ذلك هو لم يرضَ بها".
وشدد على أن "موضوع صفقة القرن لن يمر ما دام هناك لاجئ فلسطيني واحد يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية".