منذ نجاح "كتائب القسام" الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في إفشال المخطط الاستخباري، الذي وُصف بـ "الكبير" عبر كشف القوة الإسرائيلية الخاصة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة قبل 13 يوما، تدور حرب أدمغة في الخفاء لا تقل أهمية عن ما يحدث على الأرض، بين "القسام" واستخبارات الاحتلال للوصول إلى تفاصيل خيوط هذه العملية.
ظلت هذه الحرب صامتة إلى أن كشفت "كتائب القسام"، النقاب، عبر بيان صدر عنها، أول من أمس، أوردت فيه جزءا من معلومات عن تلك القوة الإسرائيلية الخاصة، وصور عناصر المجموعة المنفذة للعملية، مطالبة من لديه أي معلومات عن هؤلاء الأشخاص بالتواصل معها، في العملية التي أطلقت عليها اسم "حد السيف"، مما دعا دولة الاحتلال إلى الطلب من جمهورها عدم التعاطي مع اعلان "كتائب القسام".
وطالبت هيئة الرقابة العسكرية وجيش الاحتلال من الإسرائيليين بعدم التعامل مع ما نشرته "كتائب القسام".
وحثت الهيئة المجتمع الإسرائيلي الامتناع عن نشر تلك الصور والمعلومات عن الأشخاص الذين ظهروا بالصور سواء عبر المواقع أو منصات التواصل الاجتماعي، داعية وسائل الإعلام والجمهور الإسرائيلي للتصرف بمسؤولية.
وقال البيان: "حماس تحاول فك رموز الحدث في غزة (..) يمنع نشر الصور وعدم نشر أي تفاصيل تتعلق بمن نشرت صورهم".
وأكد الناطق باسم جيش الاحتلال أن كتائب القسام تحاول فك لغز العملية التي وقعت في عمق غزة، وأي معلومات تنشر قد تضر بحياة جنودنا ومواطنينا وأمن الدولة"، مضيفًا "يمنع نشر أي مواد أو تفاصيل تتعلق بما نشرته حماس ويمنع تداول ما نشر".
وعدّ خبراء ما نشرته "كتائب القسام" من صور وبعض المعلومات انتصارا أمنيا جديدا تسجله المقاومة في إطار معركة الأدمغة الدائرة حاليا.
وقال الباحث السياسي حمزة أبو شنب: "نشر المقاومة الفلسطينية صور الوحدة الإسرائيلية، يحمل أبعاداً أمنية لا تحصرها جغرافية قطاع غزة، فالأفراد المنفذون هم أعضاء في سرية (سييرت ماتكال)، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والمناط بها تنفيذ مهام استخبارية معقدة، على مستوى فلسطين المحتلة وخارجها".
وأضاف: "الخشية الإسرائيلية من نشر الصور هو اكتشاف أنشطة خارجية سرية للفريق خارج حدود فلسطين المحتلة، مما سينعكس بالضرر على منظومة الاستخبارات لجيش العدو، بعد نجاح المقاومة في إحباط المخطط الاستخباري في قطاع غزة".
ورجح أن يتابع رجالات الأمن والاستخبارات الفاعلين في الدول سواء أعداء وأصدقاء الاحتلال الإسرائيلي كل معلومة تنشرها المقاومة عن العملية لما تشكلها هذه الوحدة من أهمية في أنشطة الاحتلال الاستخبارية.
أما الباحث في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي فيرى أن ما نشرته كتائب القسام يشير إلى أن المعركة الأمنية مع الاحتلال مستمرة وفي أوجها.
وقال الرفاتي لـ"قدس برس": "من خلال هذا الإعلان تحاول كتائب القسام الوصول إلى معلومات عن السيارة التي كانت بحوزة أفراد الوحدة الإسرائيلية، وأشخاص لهم علاقة بهم أو سهلوا مهامها، وكذلك الوصول لمعلومات حول الأماكن التي توقفوا عندها داخل قطاع غزة".
وأشار إلى أن كتائب القسام تسعى لزيادة حالة الوعي الأمني لدى الجمهور في قطاع غزة بما يعقد إمكانية تكرار هذه العمليات.
أما عن الأهداف العامة لنشر هذه المعلومات، فأوضح الرفاتي أنها تؤكد أن العملية الأمنية التي تخوضها المقاومة ما زالت مستمرة، رغم تحقيق إنجازات كبيرة في كشف عمل الوحدة وما كانت تنوي فعله في غزة.
ورأى أن هذه المعلومات أوصلت رسالة للاحتلال بأن ما فعلتموه بات مكشوفا "وأن اللعب في ساحة غزة أمر معقد، وفي هذه المرة أفلتت القوة بخسائر وقتلى، والمرة المقبلة ستكلل بأخذهم أسرى"، حسب تعبيره.
جزء من العملية
من جهته قال المحلل السياسي إياد القرا: "ما كشفه القسام جزء يسير من مجريات العملية التي لم تنتهِ بعد، ومن الواضح أنه يمتلك كما كبيرا ونوعيا من المعلومات، وأن هناك معركة يدور رحاها في الخفاء، ضمن عملية معقدة".
وأضاف القرا: "نحن أمام منظومة أمنية قوية في غزة، وهناك مزيد من العبر والاستخلاصات تعزز الأمن، وثغرات بحاجة لمزيد من العمل تمنع تكرار ما حدث، وتساهم في ضبط أي اختراقات لاحقًا تقوم على تعزيز الوعي الأمني الجمعي، بتكاثف مع الجهات المعنية".
وعدّ نشر الصور دعوة للمواطنين للحيطة والحذر وتزويد المقاومة بالمعلومات عن الوحدة الخاصة وبذلك إنهاء دورهم، وكذلك للأجهزة الأمنية الدولية لمتابعة تلك الوحدة وخاصة الدول العربية التي يقول الاحتلال أنها يقوم بأعمال مشابه.
وتمكن مقاتلو كتائب القسام في الحادي عشر من الشهر الجاري من إفشال مخطط إسرائيلي حينما اعترضوا قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى شرق خانيونس والاشتباك معها، ما استدعى تدخل الطيران الحربي الإسرائيلي لسحبها من القطاع.