ثلاثة أسابيع مضت على قرار المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يجد أي رصيد له على أرض الواقع، خصوصا في الضفة الغربية المحتلة التي تعاني من إجراءاته.
وأكد المسؤول العسكري الإسرائيلي الجنرال رام يفني، الأربعاء الماضي، أنّ التعاون الأمني بين سلطة رام الله وجيش الاحتلال يتواصل بشكل يومي، ممتدحًا هذا التعاون المشترك لدوره -فيما وصفه- بتحسين قدرة (إسرائيل) على مواجهة التحديات القائمة في الضفة المحتلة.
وفي الثلاثين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اتّخذ "المركزي"، جملة من القرارات التي "تحدد طبيعة العلاقة لاحقًا مع (إسرائيل)"، بينها "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة".
وقال المحلل السياسي راسم عبيدات: إن جميع الإرهاصات والوقائع على الأرض، أكدت أن قرارات "المركزي" ستبقى حبرًا على ورق ولن تجد طريقها إلى النور إطلاقا، لأسباب تعود مباشرة إلى رؤية رئيس السلطة محمود عباس.
واستدل عبيدات في حديثه لصحيفة "فلسطين" بما أصدره المجلسان "المركزي" و"الوطني" التابعان لمنظمة التحرير في اجتماعاتهما السابقة، والتي بقيت هي الأخرى دون أي تنفيذ حتى اللحظة.
وأضاف: "خلال الجلسة السابقة والتي سبقتها كل القرارات التي كانت تصدر كان يجري إحالتها من المجلس المركزي للجنة التنفيذية، ومن ثم تحيلها الأخيرة للجنة خاصة وهكذا تسير العجلة في دوران لا نهاية له".
وبيّن أن رئيس السلطة "ذو نهج تفردي إقصائي"، ويدرك تماما أن تنفيذ هذه القرارات رغم حالة الاجماع عليها وأهميتها وطنيا، يعني "انتحارًا"، مضيفًا "السلطة ترى أنها ستنتهي فورًا في حال طُبق قرار وقف التنسيق الأمني وإنهاء العلاقة مع (إسرائيل).
ونبّه عبيدات إلى أن قرارات "المركزي" تتضح رويدًا أن "عباس" يحقق عبرها غايات وتكتيكات سياسية ذات علاقة مباشرة بعملية التسوية، وخلق حالة ضغط من شأنها إعادة عجلة الأخيرة لمسارها السابق رغم التجربة الفاشلة على مدار 25 عامًا.
تشبث بأوسلو
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعات الضفة الغربية د. عبد الستار قاسم: إنه رغم عدم شرعية المجلس ومقاطعة الكل الوطني وتفرد حركة "فتح" إلا أنها لم تستطع حتى تنفيذ قراراتها التي أصدرتها بلسانها، مشيرًا إلى بقاء جميع قرارات "المركزي" تحت تصرف عباس.
وأضاف قاسم لصحيفة "فلسطين"، أنّ عدم تنفيذ القرارات يعكس خيارا وحيدا تراه سلطة عباس أمامها وهو مواصلة التشبث باتفاق أوسلو بكل حذافيره، وعدم وضع أي عصاة في دواليب إمكانية إعادة عجلة التسوية مرة أخرى للتحرك.
وقال: "عباس فعليًّا يدير المجلس المركزي والوطني ومنظمة التحرير تبعًا لمصالحه"، مشيرا إلى أن التنسيق الأمني يفسر الوظيفة الأمنية للسلطة، ولا يمكن أن تتخلى عنه لاعتبارات متعددة؛ أولها ارتباطها باتفاقيات أمنية، والمصالح الشخصية من جهة إلى جانب عدم قدرتها على تحمل النتائج المترتبة عليه من جهة ثانية.
ونبه إلى أن رئيس السلطة ورغم تنكر دولة الاحتلال بشكل كامل للاتفاقات المنبثقة عن اتفاق أوسلو، إلا أنه وبشكل علني أعلن مرارا أن التنسيق الأمني "مقدّس"، وأن جهود الأجهزة الأمنية لا تتوقف لوقف أعمال المقاومة.
وذكر قاسم أن فك العلاقة مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني معه، لا تقوى فعليًا السلطة على تنفيذه، حيث إن الدعم المالي المقدم من الدول المانحة، مشروط بالالتزام الكامل باتفاق أوسلو للتسوية.