فلسطين أون لاين

الأمراض النفسيّة.. هل للوراثة دور في الإصابة بها؟

...
صورة تعبيرية
غزة - مريم الشوبكي

"هبة" فتاة عشرينية حياتها الأسرية لم تكن بالمثالية التي تكفي، أيامها كانت عبارة عن حلبة صراع بطلاها والداها، مشاكلهما وصراخهما روتين يومي تصحو وتغفو عليها، ودارت الأيام حتى أصيبت أمها بنكسة ظنت أنها تعاني من مرض ما وهي في منتصف الخمسينات، لتكشف أنها تعاني من وساوس وتهيئات وأصبحت تحب الوحدة، ودائمة العصبية والصراخ.

وللعودة إلى الوراء تعرضت خالتها لمرض نفسي نتيجة ضغوط مرت بها في حياتها الزوجية، وكثيرًا ما تتساءل هل للاضطرابات النفسية منشأ وراثي؟ وهل يمكن أن يكون مصيرها وأخواتها ذات مصير أمها، أو حتى أولادهم؟

تعدّد الأسباب

الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة بينت أن علم الأمراض النفسية مبني على مبدأ تعدد وتفاعل عدة أسباب، فمن المستحيل أن يكون المرض النفسي سببه نفسي أو وراثي أو اجتماعي فقط.

وأوضحت السعايدة لـ"فلسطين" أن أسباب الأمراض النفسية تنقسم إلى قسمين، أسباب مهيئة للمرض، أسباب أصلية، أسباب غير ظاهرة وغير مباشرة، مع الوقت تمهد لظهور المرض عند الإنسان، وهي تجعل الفرد عرضة لظهور المرض النفسي.

أشارت إلى أن لها عدة أنواع ما هو متعلق بالعيوب الوراثية، والاضطرابات الجسمية، والخبرات الأليمة، والمواقف الصادمة التي يمر بها الإنسان سيما في مراحل الطفولة التي لم يتم معالجتها مبكرًا، بالإضافة غياب المساندة والدعم الاجتماعي.

أما الأسباب الثانية، ذكرت الاختصاصية النفسية أنها الأسباب "المُرسِبة" والتي بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، فهي الأسباب المباشرة المبنية على السبب المهيىء وهي التي فجرت عند الإنسان كل التراكمات اللاشعورية وجعلتها تطفو على السطح.

ولفتت إلى أن من الأسباب المرسبة: الصدمات العنيفة التي تحدث مع الانسان، انفعالية، ونفسية، واقتصادية، واجتماعية، وحتى المراحل الحرجة التي يمر بها الإنسان كالتقاعد مثلا، والاغتراب.

وأشارت السعايدة إلى وجود أسباب ثالثة بيولوجية نفسية جسمية ناجمة عن تعرض الانسان لإصابات، أو اضطرابات فسيولوجية، أو عيوب الوراثة، أو عوامل النقص العضوي، أما الأسباب نفسية تعود لطبيعة شخصية الفرد ومروره بمراحل نمائية نفسية بسلام واشباع الحاجات الضرورية في تلك المراحل، أما الاجتماعية تهود لطبيعة البيئة التي يعيش بها الفرد.

وردها على سؤال عما إذا كانت الوراثة تلعب دورًا في إصابة الانسان بالاضطرابات النفسية أجابت السعايدة: "الاضطرابات الوراثية التي يمكن أن تؤدي إلى الأمراض النفسية، من خلال انتقال بيولوجي للجينات من الوالدين للأولاد".

الوراثة سبب مهيّئ

ونبهت إلى أن الوراثة سبب مهيئ غير مباشر، ولا تكون سببًا مباشرًا لإحداث الاضطرابات وحدها ولكن ظهورها مرتبط بعوامل أخرى تساعد في ذلك، من خلال هذا التفاعل بين الأسباب تجعل الإنسان إما سوي أو غير سوي.

وذكرت السعايدة أن بعض العلماء يرون أن الأسباب الوراثية مسئولة عن 75% من حالات أمراض الضعف العقلي، وأن الوالدين لا يورثون المرض ولكن يورثون الاستعداد للمرض.

وبينت أن من الأمراض النفسية التي تورث عمى الألوان، أمراض الضعف العقلي أو الشلل الدماغي، الانفصام، والهوس، الصرع.

وعن ظهور الاضطرابات النفسية هل متعلق بعمر معين، قالت السعايدة: "أن المرض النفسي ليس له علاقة بالعمر فهناك، أمراض تظهر منذ الولادة وفي مراحل الطفولة يعود لطبيعة المرض ومقدار التأثر به، تراكمات الحياة وضغوطات أسباب ممهدة تفجر المرض في سن متأخر".

العلاج

وبينت أن الأمراض النفسية تعتمد بالدرجة الأولى في علاجها على العقاقير والأدوية النفسية، وذلك بناء على طبيعة المرض وشدته وحدته، وبعض الأمراض النفسية الحل ايداعها في مراكز العلاج النفسي وهذا مرهون بدرجة ايذائه لنفسه وللآخرين، وهناك علاج بالصعقات الكهربائية.

ولفتت الاختصاصية النفسية إلى أن العلاج النفسي الذي يركز أساسًا على تنمية جوانب القوة والجوانب السلمة في شخصية الفرد واعادة تنظيمها، وإزالة أسباب المرض من خلال التوضيح والشرح وإشباع الحاجات، وبذلك يبدأ المريض في التحرر من المرض، إعادة ثقته بنفسه.

وأكدت أن العلاج النفسي يسير بطريق متوازي مع العلاج النفسي الجماعي الأخذ بعين الاعتبار المحيط الاجتماعي الذي يعيشه الفرد.

وأشارت السعايدة إلى أن العلاج الاجتماعي: يهدف إلى تجنب الانسحاب والعزلة التي تلحق بالمريض النفسي، نتيجة من مواجهة المجتمع والوصمة النفسية التي تطارده منه، لذا يجب إعادة التطبيع الاجتماعي لعلاقاته، والاهتمام بالأنشطة الاجتماعية رياضة، ترفيه.

ونبهت إلى استخدام العلاج البيئي وهو تعديل البيئة المحيطة، وكذلك العلاج باللعب ويستخدم مع حالات الأمراض النفسية المرتبطة بالطفولة.