قائمة الموقع

​حين ابتلعت إسرائيل المنجل في غزة: الغرفة المشتركة 5-6

2018-11-21T07:47:48+02:00

تركت المواجهة الأخيرة في غزة جملة من المظاهر والمؤشرات الميدانية، لعل من أهمها العمل الموحد لغرفة العمليات المشتركة، وقد باتت معلمًا مهمًا من معالم المقاومة الفلسطينية في غزة، وهي حرية بأن تتمسك بها، ولا تفرط ببقائها، ولا تجعلها عرضة للابتزاز أو الاستغلال.

عرفت المقاومة الفلسطينية في سنوات سابقة مشاهد مؤلمة مما يمكن أن نسميه المقاومة الموسومة بفصيل واحد، وهو أمر ليس سيئًا، على اعتبار أن مقاومة الاحتلال ليست خاضعة لقرار موحد، أو مشروطة بتوفير حالة من الإجماع، فتوفر هذا الشرط غير متاح في كل الأوقات وجميع الظروف، وإن توافر فبها ونعمت.

أكثر من ذلك، رأينا بأم العين في بعض الأحيان كيف أن أعمال مقاومة مشرفة في ظاهرها، أوجعت العدو في نتائجها، لكنها كانت تخرج بدوافع "كيدية"، سواء للتخريب على الفصيل الآخر، أو لجباية ثمن باهظ من العدو دون تنسيق مع الكل الوطني، الأمر الذي من شأنه استدراج رد عسكري إسرائيلي غير متوقع، وليس مستعدة له بقية قوى المقاومة.

في هذه الجولة تجلت وحدة المقاومة، أداء وسياسة، قولا وفعلا، تخطيطا وقرارا، وهو ما أسفر عن نتائج إيجابية شهد لها العدو قبل الصديق، وجعل من الـ24 ساعة التي عاشتها غزة نموذجا يحتذى به في جولات المواجهة مع الاحتلال، وربما لو عاد الزمن سنوات إلى الوراء لما ترددت المقاومة لحظة واحدة في استنساخ هذا النموذج المشرف من الأداء الميداني العملياتي.

ليس سرًّا القول إن الاحتلال استفاد أيما استفادة من حالة التشتت العسكري لقوى المقاومة، بل وعمل على تأجيج بعض التوترات الميدانية حين عمد إلى استفزاز البعض الوطني لاستدرار رد عسكري مؤقت، قد يخرب على جهد كبير وواسع ينخرط فيه الكل الوطني، لما فيه مصلحة غزة وأهلها.

اليوم يسجل المقاومون في غزة، بكل مسمياتهم وأجنحتهم العسكرية المسلحة أنهم كانوا على قدر المسئولية وخطورة اللحظة، لم يخضعوا لابتزاز هنا واستدراج هناك وضغط هنالك، امتلكوا رباطة جأش عز نظيرها، رغم كثرة الرايات وتعدد الأسماء، لكنهم عملوا جميعا تحت قيادة عملياتية واحدة، وانضبطوا في إطار موقف موحد، قرأه العدو قبل الصديق، وأيقن أنه لن يستطيع أن ينفد من بينهم، ويعمل على اختراق هذه المنظومة المتراصة المصفوفة.

كم نحن في أمس الحاجة لنقل هذه التجربة العسكرية الميدانية الناجحة في غزة إلى الأروقة السياسية والحزبية، نتكلم بصوت واحد، مع احتفاظنا بهوياتنا التنظيمية، لكننا ننخرط معًا لخدمة هدف يخص الكل الوطني، بعيدا عن الحسابات الحزبية والولاءات التنظيمية، لأن نجاح تجربة المقاتل في الميدان على تعقيداتها وخطورتها قد تكون أدعى لأن تتحقق في ساحة السياسة، ذات المخاطر الأقل والكلفة الأخف!

اخبار ذات صلة