الوحدة الوطنية هي الحصن المنيع لشعبنا الفلسطيني, والدرع الواقية لشعبنا من كل المؤامرات والاستهدافات التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية, ويقع الحفاظ على وحدتنا في سلم أولوياتنا الفلسطينية, فلا يمكن أن نقاتل عدوًا أو نرد معتديًا أو نفشل مؤامرة إلا بالوحدة المتينة ذات الجذور الراسخة, ولا يمكن أن نغفل عن النداء الرباني لنا بالوحدة والاعتصام، "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا", والتوجيه السماوي بالقتال جنبًا إلى جنب، "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص", وقديمًا قال الشاعر "تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرًا.. وإذا افترقن تكسرت آحادًا", لقد قاتلت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عدوها في الجولة التصعيدية الأخيرة متوحدة صفًّا متماسكًا, عبر غرفة العمليات المشتركة, فكان الأداء مبهرًا في الكم والنوع وقوة الردع, ومتكاملًا في الغاية والهدف والرسالة الموحدة للمقاومة الفلسطينية, وأضحى هذا الأداء الإستراتيجي ممثلًا للكل الوطني الفلسطيني, حتى اقتربت الصورة لمشهد جيش التحرير الفلسطيني الذي يطمح له كل فلسطيني في الوطن والشتات.
ما تكشف عنه جولات التصعيد مع الاحتلال, وخوض الحروب مع العدو أن شعبنا الفلسطيني يقف حارسًا لمقاومته, داعمًا للمقاومين, مستبشرًا بنصرهم, فتتجلى أعظم صورة الاعتصام والوحدة, وأبهى مشاهد التلاحم والتماسك الوطني, فالجرح واحد والعدو واحد لا تفرق رصاصاته بين رؤوسنا, وعندما تضرب المقاومة ضرباتها متسلحة بإيمانها بنصر الله عز وجل, فإنها تستمد عزمها واستمراريتها عبر نيابتها بالثأر لآهات المعذبين ودموع الثكالى وأنات الجرحى وعذابات الأسرى, ومن الطبيعي أن ترى الفرح العارم والاستبشار الكبير بين أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده, بضربات المقاومة في عملية "كمين العلم" وضرب الباص بالكورنيت, فهما مشهدا عزة وفخر, وحكاية ثأر لا تنسى وقوة ردع لا تقهر.
نصل إلى نتيجة حتمية واحدة، المقاومة ومواجهة العدو والدفاع عن الوطن والحقوق الفلسطينية, هي طريق آمن لترسيخ وتمكين الوحدة الوطنية الفلسطينية، كلما كنا في حالة مواجهة مع العدو، تشاهد وتشعر بالوحدة الحقيقية بلا رتوش أو ألوان, ويكون الشعور الوطني العام، في ذات الاتجاه المساند والداعم للمقاومة، وهذا دليل على أن مقارعة المحتل، والتمسك بالثوابت، والوقوف بالندية في الرد على جرائم العدو، والإصرار على التمسك بالحقوق الوطنية، يعزز وحدتنا كشعب يرزح تحت الاحتلال ويتطلع للحرية والاستقلال، ويقوي الشعور الوطني والإيمان بحتمية النصر.
في المواجهة مع العدو تزهر لوحة الوحدة الوطنية وتشرق معانيها الصادقة, فإذا تكلم رصاص الثوار كانت كلماتنا ومواقفنا رصاصات في جعبته, وهذا ما جسده شعبنا الفلسطيني البطل بالوقوف خلف مقاومته ومساندتها واحتضانها، لتكون الرسالة واضحة وجلية, ومفادها أننا بالمقاومة نسلك الطريق نحو فلسطين ونحفظ وحدتنا ونصون قضيتنا الوطنية.