قائمة الموقع

"صراع الأدمغة".. معركة خفية تفوقت فيها المقاومة !

2018-11-17T10:57:11+02:00

لولا فشل عملية القوة الخاصة الإسرائيلية في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، وكشفها على يد مجموعة من كتائب القسام، لما أدرك أحد دور المقاومة في صراع الأدمغة الدائر خفية ضد استخبارات الاحتلال، كما يقول مراقبان أمني وعسكري.

وفي حديثيْن منفصليْن لـ"فلسطين"، قالا عبر سماعة الهاتف، إنه في الوقت الذي تسعى فيه استخبارات الاحتلال لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخبارية والأمنية عن فصائل المقاومة المسلحة؛ تسعى الأخيرة بكل ما أوتيت من قوة إلى منع ذلك، حفاظًا على سرية عملها العسكري.

ويعكس هذا صراع الأدمغة بين الطرفين في وقت لا تتوقف فيه مساعي كل طرف لمعرفة نقاط ضعف الآخر.

وقال الخبير في الشؤون الأمنية هشام المغاري؛ إن صراع الأدمغة؛ حرب سرية مستمرة على مدار 24 ساعة، مشيرًا إلى أن المجتمع الفلسطيني ربما لا يدرك طبيعة هذا الصراع بسبب حالة الهدوء التي لا تشهد إطلاق نار وصراع على جبهة مباشرة.

لكن طوال الوقت وعلى مدار الساعة، بحسب المغاري، تعمل المقاومة الفلسطينية ليل نهار لمعرفة وتحسس الجهد الإسرائيلي تجاه إضعاف المقاومة والتنصت عليها، لكشف أسرارها.

وعدَّ أن ذلك "نوعًا رئيسيًا من المقاومة، وأن الصراع والنشاط الاستخباري مقدمة لأي معركة، فلا يمكن لأي جهة أن تدخل في معركة عسكرية إلا وعندها القدر الكافي من المعلومات".

ونبَّه إلى أن المقاومة الفلسطينية تعمل في اتجاهين، الأول؛ حرمان الاحتلال من أكبر قدر من المعلومات التي يريد الحصول عليها، والثاني؛ الحصول على معلومات حول الجيش وتحركاته.

ودلل على ذلك بإفشال كتائب القسام مهمة قوة "كوماندوس" إسرائيلي بعد كشفها متخفية داخل مركبة في منطقة عبسان، شرق خان يونس، مساء الأحد الماضي، 11 نوفمبر/ تشرين أول الجاري.

وانعكس ذلك بقوة في منع الاحتلال من الحصول على معلومات ضمن العملية الاستخبارية الفاشلة، ومشهد استهداف حافلة جنود إسرائيليين بصاروخ موجه أطلق من غزة إلى الجانب الآخر من السياج الفاصل بين القطاع والأراضي المحتلة سنة 48، وفقًا لقول المغاري.

وأدى تصدي القسام للقوة الإسرائيلية ومطارتها بعد كشفها إلى أن انتشلتهم طائرة مروحية عسكرية، إلى استشهاد 7 عناصر بينهم قيادي عسكري بارز، ومقتل رئيس الوحدة الإسرائيلية الخاصة حسبما أعلن جيش الاحتلال.

ورأى الخبير في الشؤون الأمنية أن هذا "يدل على أن المقاومة تبذل جهود عالية في جمع المعلومات عن جنود الاحتلال ضمن الصراع الاستخباري المهم جدًا".

وذكر أنه الاحتلال سيعيد النظر ويدرس أخطائه بعدما اكتشف أن العمل ضد المقاومة على أرض غزة يختلف عن العمل في أي مكان آخر.

وأكد أن اتخاذ قرار بعملية جديدة من هذا النوع لن يكون سهلاً على المستوى السياسي وصانع القرار في (إسرائيل) إلا في حالات حرجة جدًا، لافتًا النظر إلى أن فشل العملية قلَّص فرصة الاحتلال في العمل مجددًا داخل القطاع إلى أقل درجة ممكنة.

وفيما بعد إفشال مهمة القوة الخاصة الإسرائيلية، فإن جيش الاحتلال سيستخلص العبر، فيما يتوجب على فصائل المقاومة بغزة أن تدرس العبر كذلك لتستفيد مما سبق، كما يقول الخبير في الشؤون العسكرية اللواء الفلسطيني المتقاعد يوسف الشرقاوي.

واضاف الشرقاوي، "عليها (الفصائل المقاومة العسكرية) أن تبقى حذرة ويقظة، وألا تدخل في سكرة الانتصار والنجاح، وإنما البقاء متنبهة".

ورأى الشرقاوي أنه لو لم يكن عناصر المقاومة متنبه لما كشفت كتائب القسام قوة "الكوماندوس" الإسرائيلي، متوقعًا أن عدد المقاومين كان في مسرح العملية قليل إلى حد ما، وإلا كان حاصرتهم المقاومة وأبادتهم.

وكان شهود عيان أكدوا لـ"فلسطين"، أن جيش الاحتلال استخدم غطاء ناري كثيف من الطيران المروحي والمقاتلات الحربية، لمساعدة القوة الخاصة على الانسحاب إلى قطاع غزة تجاه السياج الفاصل، شرقًا.

وشدد الشرقاوي على أن الصراع لا يقتصر على الأدمغة والعقول، وإنما هناك صراع إرادات بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، وأن المقاومة الفلسطينية استطاعت استيعاب الهجوم الواسع المعد له مسبقًا من الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال.

وقال إن "إرادة المقاومة كانت أكبر من إرادة العدو، ولذلك وصلت الرسائل إلى العدو واستوعبها أيضًا، وأدت إلى نجاح ونتيجة".

وأكمل الخبير العسكري: استهداف الباص بـ"الكورنيت" له أثر، وصاروخ عسقلان كذلك له أثر، لكن الأثر الأكبر كان لإفشال العملية شرق خان يونس.

وكانت عملية جيش الاحتلال عبارة عن "رأس جسر" كما يقول الشرقاوي، أو "احتلال موطئ قدم" كما هو معروف في حرب المدن، وتوسيع ذلك لاحقًا، لكنهم (إسرائيل) فشلت في ذلك.

وأكد ضرورة استخلاص العبر من العملية التي كانت "خاصة بامتياز"، ودراستها جيدًا، ولو أن العملية نجحت، كان نجح جيش الاحتلال في الوصول إلى هدف فشلت المقاومة في حمايته، بمساعدة القوة النارية الكبيرة تالتي يملكها، لكن كشف القسام للقوة الخاصة أفشل مخطط الاحتلال.

ونبَّه إلى أن نجاح المقاومة في إفشال العملية الاستخبارية، أدى إلى استقالة وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، متوقعًا أن يكون لذلك تداعيات تدفع إلى إجراء انتخابات مبكرة، أو الإطاحة بتحالف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الأحزاب الأخرى.

اخبار ذات صلة