فلسطين أون لاين

​حماية المجاهدين ودحض الشائعات ضرورتان شرعيتان

...
غزة - أسماء صرصور

أرض الشام أرض رباط إلى يوم الدين، وفلسطين خاصة، وقطاع غزة تحديدًا منطقة مشتعلة؛ لاستمرار المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي، ومع كل جولة تصعيد تمر بها غزة لا بد أن نزيد قوة جبهتنا الداخلية، ونقوي صفوفنا، لندعم المجاهدين ونحميهم، ونقف سدًا منيعًا أمام الشائعات التي تنخر في مجتمعنا.

"فلسطين" حاورت د. وائل الزرد أستاذ الحديث الشريف في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية لتورد بعض التوجيهات والإرشادات الإسلامية لتزيد من التحام أهالي قطاع غزة.

تفقّد أحوال الناس

يقول الزرد: إنه في إطار الأوضاع الميدانية الراهنة التي يعيشها قطاع غزة عليهم أن يتجسدوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".

ويبين أن المجتمع الآن في أمس الحاجة لتعود مفردات العطف والمودة والرحمة، وفق قوله صلى الله عليه وسلم: "الراحِمونَ يرحمهم الرحمنُ ارْحموا مَنْ في الأرض يرحمكم من في السماء"، فمزيدًا من التراحم والتراص والتلاقي والتعاضد والتوادد والأخلاقيات الكريمة التي تجعلنا أمة واحدة من دون الناس يسعى بذمتنا أدنانا ويجير علينا أضعفنا.

ويتحدث عن كيفية استثمار الأوقات الحالية في ما يجلب لنا الخير والنفع ويبعد عن الضر والشر، بقوله: "إننا في هذه الأوقات مدعون لنتكاتف مع باقي ابناء الشعب لنغدو شعبًا واحدًا لا فرق بين أبيض على أسود ولا مسؤول على سائل ولا حاكم على محكوم إلا بالتقوى والعمل الصالح".

ويتابع الزرد: "في هذه الأوقات نستثمرها بالتلاقي بين العائلات والأسر وبين أهالي الأحياء والمساجد والمؤسسات"، موضحًا أنه يمكن تفقد أحوال الناس، وفتح البيوت لمن قصفت منازلهم، والزيارة وفق المستطاع فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وقضاء حاجات الناس، فـ "من سار بين الناس جابراً للخواطر، أدركه الله في جوف المخاطر".

حماية المجاهدين والدعاء لهم

وفيما يتعلق بالمجاهدين، يشدد على أنه على الجميع العلم أن هؤلاء الشباب من خيرة شباب الوطن وخيرة شباب الأمة يذودون عن حياض الأمة ويتقدمون صفوف التضحية والفداء، وفق قوله تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ".

وعندما يتقدمون الصفوف –وفق قوله- يدافعون عن فلسطين عامة، وعن أعراضنا خاصة، فهم يقدمون أغلى ما يملكون نفوسهم، مصداقًا لقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ".

فما هو واجبنا تجاه المجاهدين؟، يجيب الزرد: "الواجب في حقهم الدعاء لهم بالحفظ والتأييد والرعاية والعناية من الله عز وجل، فاتباع جهادهم من طرفنا يكون بالدعاء سلاح المؤمن القوي وسلاح المؤمن الضعيف، وفق قوله تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ".

وثاني الواجبات وأهمها –كما يقول- تعمية عيون الظالمين عنهم، وألا نكون سببًا في نشر مواقعهم وأخبارهم وأسرارهم، مما قد يكون سببًا في إضعاف جبهتهم، وتشتيت جهدهم، مشددًا على ضرورة الاستجابة للدعوات الأمنية التي يطلقها المجاهدون فلا نخبر عن مكان إطلاق الصواريخ ولا مكان نزول المجاهدين؛ حتى نكون سببًا في الدفاع عنهم؛ لعلنا نشاركهم الأجر.

وأما عن ثالث الواجبات بحق المجاهدين، فيوضح الزرد أنه على المجتمع كفالة من هم ورائهم من أهل وبيوت، وفق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فِي أَهْلِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ".

كيف نحارب الشائعات؟

وينتقل للحديث عن الشائعات، مشيرًا إلى أن وقت الفراغ الذي يمر فيه المواطنون يزيد الحديث ويولد الكثير من المشاكل، فكلما زاد الفراغ كلما وجد الشيطان طريقه للإنسان، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، وقوله: "رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ".

ويلفت إلى أنه يجب ألا يكون الواحد منا سببًا في إثارة الفتن والقلاقل أو زيادة الخوف والرعب بين الناس بل يكون هو مصدر الثقة والأمان لهم، وفق قوله تعالى: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".

ويضيف: "يحاول الاحتلال التقاط أخبار المجاهدين عن طريق ما يتحدث به الناس من أن فلانًا خرج ولم يعد حتى الآن، أو عن مكان إطلاق الصواريخ من المكان الفلاني"، مبينًا أن الاحتلال ذاته يطلق الشائعات ويتلقفها بعض المواطنين دون فلترة وينشرونها.

ولقتل الشائعات لابد من اتباع عدة أمور، منها كما يقول الزرد: "استحضار تقوى الله وقوله تعالى: "مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟".

"فعلى الناس أن تتريث في كل ما تسمع ولا تقول كل ما تسمعه، ولا تنقل إلا ما فيه الفائدة والنفع"، كما يقول، ويدلل بقوله صلى الله عليه وسلم: "بئس مطية الرجل زعموا"، والوقوف سدًا منيعًا للحفاظ على المجاهدين والضرب على يد كل من يحاول إفشاء أسرارهم وإلجامهم السكوت وفق قوله صلى الله عليه وسلم: "من رد عن عرض أخيه في الغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة".

ويطالب ولاة الأمر وأصحاب القرار بأن يوجهوا العلماء والدعاة والمثقفين وأصحاب القلم وأصحاب المنصات الإعلامية ويسمحوا لهم بتثبيت الناس ورص الصفوف والدعوة للتكاتف والتعاضد، وأن الأجل والرزق بيد الله وحدة فقط، فكلهم أسباب رئيسة في تقوية الجبهة الداخلية.