رغم رفض (إسرائيل) التعاون رسمياً مع المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها ترسل لها تقارير "عبر طرف ثالث" قد يتخذ شكل مؤسسة أو خبير، ما يعده مراقبون "مناورة" ومحاولة تضليل تكشفان مخاوف الأولى من ملاحقة قادتها إثر جرائم الحرب التي ارتكبوها ولا يزالون على أصعدة مختلفة منها الاستيطان، والعدوان الأخير على قطاع غزة.
وصارت فلسطين عضوًا في "الجنائية"، بدءًا من 1 من أبريل/نيسان 2015، لكن الأخيرة لم تفتح بعد تحقيقا جنائيا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وبدأت (إسرائيل) في الأشهر الأخيرة بتحويل مواد تتعلق بعدوانها على القطاع سنة 2014 إلى "الجنائية" بشكل غير مباشر، حسبما نقل موقع "عرب 48" عن صحيفة "هآرتس" العبرية أمس.
ويقول عضو اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع "الجنائية" شعوان جبارين: إن رفع الاحتلال تقارير عبر طرف ثالث ليس جديدا، مبينا أن لدى الأخير جيشا واسعا مما تسمى مؤسسات وخبراء وصحفيين وبالتالي هناك جهات عديدة تقدمها.
ويوضح جبارين لصحيفة "فلسطين" أن (إسرائيل) تتعامل مع المحكمة "بطريقة مختلفة" من خلال إعلان عدم الاعتراف بها أو السماح لها بالوصول للأراضي المحتلة، وفي المقابل تتواصل معها بشكل غير مباشر على قاعدة أنه إذا تقدمت "الجنائية" في التحقيق تتوفر لديها تقارير تخدم الاحتلال ضد الفلسطينيين تستند إلى مزاعم أنهم "يجندون" الأطفال.
وترمي سلطات الاحتلال –وفق جبارين- إلى التنصل من المسؤولية وإلقائها على الفلسطينيين، ولا تتحدث عن الجرائم التي ارتكبتها، مبينا أنه من المؤكد أن تزود (إسرائيل) المحكمة بصور مزيفة.
ويصف ما يقوم به الاحتلال بأنه "عمل استخباري" يستند إلى مؤسسات تمولها حكومة الاحتلال التي تحاول أن تلاحق كل من يشير إلى جرائمها في العالم وليس فقط في أوروبا، تحت مسميات مختلفة.
ويؤكد جبارين أن سلطات الاحتلال خائفة من ملف "الجنائية"، ويظهر ذلك سواء بالتهديد أو التلويح وشن حملة شعواء.
وينبه إلى أن الاحتلال يحاول بكل السبل إفشال دور المحكمة والتشويش عليها، بل وأيضًا التواصل مع قضاتها، والسعي لمعرفة طبيعة المعلومات التي قدمها الفلسطينيون.
من جهته، يقول الاختصاصي في شؤون الاحتلال الإسرائيلي وديع أبو نصار: إن الكيان الإسرائيلي يسعى إلى "تفادي تعقيد الوضع" لأن عدم تعاونه مع المحكمة من شأنه أن يظهر حقيقة تهربه من مسؤولياته ويضعه أمام العالم في خانة الاتهام، لا سيما أن التهم تنصب باتجاهه، ولذلك فهو يعمل على توجيه أصابع الاتهام لأطراف أخرى.
ويوضح أبو نصار أن (إسرائيل) تحاول البحث عن "حلول نصفية" فهي لا تريد الاعتراف بصلاحية المحكمة لمحاكمتها، وفتح الأبواب أمام مراجعتها.
ويذكر أن الاحتلال يعي أن اعترافه بالمحكمة "يشكل سابقة" لأن الكثير من القضايا يمكن أن يُتهم بها كالاستيطان وجرائم الحرب وتدمير المنازل لا سيما في غزة التي يحاول أن يتنصل من المسؤولية عن جرائمه التي ارتكبها فيها.
ويخلص أبو نصار إلى أن سلطات الاحتلال تتبع في تعاملها مع "الجنائية" ما يمكن وصفه بـ"أسلوب المناورة".