رأى محلّلان سياسيّان أن السبب الرئيس في عدم تشجيع السلطة الفلسطينية وحركة فتح الأهالي في الضفة الغربية على تنظيم تظاهرات جماهيرية ضد الاحتلال ومخططاته الاستيطانية على غرار مسيرات العودة وكسر الحصار بغزة، هو الخشية من تقويض سلطتهما، وأن ذلك يصب في إطار حماية الاحتلال والكف عن أي محاولات لمقاومته.
ونجحت مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة التي انطلقت في 30 مارس/ آذار الماضي، في لفت أنظار المجتمع الدولي، وجعل القضية الفلسطينية على سلم أولوياته، كما أنها أحدثت تفكيكا ملموسا للحصار الإسرائيلي المفروض منذ 12 عاماً، سواء في ملف الكهرباء أو المعابر وغيرها.
واعتقد المحلل السياسي ساري عرابي أن عدم حصول مظاهرات جماعية في الضفة الغربية على غرار مسيرات غزة يرجع لسببين، الأول هو أن حديث السلطة وحركة فتح حول فكرة المقاومة الشعبية غير جدي بالقدر الكافي، حيث يحتاج إلى خطوات عملية تطبيقية، كما أنهما تخشيان انعكاس مثل هذه الهبات –في حال حصلت- على وجودهما.
وأشار عرابي في حديث مع "فلسطين" إلى أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح تركزان على فكرة المقاومة الشعبية وتتبنيانها، سواء في مؤتمرات حركة فتح أو في اجتماعات اللجنة المركزية أو اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير وغيرها، مستدركا بالقول: "لكن يبدو في الحقيقة أن حديثهما هذا ليس حديثا جديا بالشكل الكافي".
وأكد أن المقاومة الشعبية في الضفة الغربية قادرة أن تضغط على الاحتلال من أجل وقف تطبيق مخططاته الاستيطانية، مضيفا: "أظن أن المقاومة الشعبية في الضفة الغربية أكثر قدرة على الضغط على الاحتلال والتأثير عليه من في قطاع غزة، لأن هناك قدرا من التداخل بين الفلسطينيين والاحتلال في أنحاء الضفة الغربية".
ولفت إلى وجود نماذج ناجحة في الضفة الغربية، مثل الخان الأحمر، إذ نجحت الفعاليات الشعبية هناك في إجبار الاحتلال على إرجاء قراره بإخلاء الخان الأحمر وهدم مباني سكانه، مؤكدا أن هذه النماذج وإن كانت صغيرة إلا أنه يمكن البناء عليها وتوسيعها.
وأضاف عرابي: "السلطة تدرك أن وجودها في الضفة الغربية هو وجود وظيفي مرتبط باتفاقية أوسلو، وتفاهمات والتزامات معينة، حتى لو تحدثت كثيرا عن إلغاء التزامات السلطة بهذه الاتفاقيات، وهذا في الواقع غير حقيقي".
وتابع بالقول: "للأسف الشديد السلطة تشعر أن وجودها مرهون بالكف عن نشوب مقاومة شعبية فعلية قادرة على التأثير على الاحتلال".
وأوضح أن نشوب مقاومة شعبية واسعة ضمن الظروف الحالية في الضفة الغربية ليس سهلا، دون تقديم تسهيلات من السلطة الفلسطينية، وانخراط حقيقي من حركة فتح في المقاومة الشعبية.
وفرّق بين النموذجين في الضفة وغزة، حيث توجد في قطاع غزة حركات مقاومة مشتبكة مع الاحتلال، ولها دور كبير في تسهيل مسيرات العودة، والأمر على خلافه في الضفة الغربية، فحركة فتح هي حزب سلطة ولا تتبنى فكرة المقاومة، حيث إنها لم تقدم أي دور ظاهر في حشد الجماهير الفلسطينية من أجل مقاومة الاحتلال.
وتمم عرابي حديثه بالقول: " الاشتباك الواسع مع الاحتلال على مستوى محافظات الضفة الغربية، قد يؤدي إلى زعزعة وجود السلطة، كما أنها تخشى المنافسة، خصوصا أن أجواء الكفاح والنضال من شأنها إعادة الحضور لفصائل المقاومة لا سيما حركة حماس المنافس الأبرز لفتح".
دفاعًا عن الاحتلال
من جهته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، د. عبد الستار قاسم: إن "هذه السلطة موجودة للدفاع عن أمن الاحتلال الإسرائيلي وليس لإنشاء مقاومة ضده".
وأكد قاسم في حديث مع "فلسطين" أن مهمة السلطة هي تثبيت أقدام الاحتلال، حيث إنها تعرض أمن الفلسطينيين للخطر، في حين تدعم الأمن الإسرائيلي- وفق تعبيره.
وأشار إلى أن السلطة لو بقيت في غزة لما بقيت المقاومة الفلسطينية هنا.
واختلف قاسم مع سابقه، حيث يرى أنه لا يمكن لأهالي الضفة الغربية تفعيل دور المقاومة الشعبية، لأنهم تحت رقابة أجهزة أمن السلطة، التي تمنع أي نشاطات مقاومة من شأنها تهديد أمن الاحتلال، وفي حال اجتمعوا على ذلك، فسيلاحقون سواء من أجهزة أمن السلطة أو من أجهزة أمن الاحتلال المنتشرة في كل أرجاء الضفة الغربية.
وأوضح أن ما يمكن تفعيله في الضفة الغربية عمليات المقاومة الفردية، التي لا أحد يعلمها إلا منفذها، وبالتالي يمكن تنفيذ هكذا عمليات ضد الاحتلال دون انكشافها، ورأى أن نموذج غزة لا يمكن تكراره في الضفة الغربية.