لا تتوقف القوانين والانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين عامة، وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948م خاصة، إذ يتعمد برلمان الاحتلال (الكنيست) سن القوانين العنصرية؛ لقمعهم وتهجيرهم.
وكان آخر هذه القوانين، الذي صدّق عليه برلمان الاحتلال، قبل أيام، بالقراءة الأولى على مشروع قانون "الولاء بالثقافة"، بهدف منع الميزانيات عن الهيئات والمؤسسات الرافضة لبنود الولاء لـ(إسرائيل) كـ "دولة يهودية ديمقراطية، ورموزها، المشمولة في مشروع القانون.
وبحسب نص مشروع القانون، الذي أيده 55 عضواً، وعارضه 44 آخرين، فإن إلغاء ميزانية مؤسسة سيكون "في حال رفض الاعتراف بـ (إسرائيل) كدولة يهودية وديمقراطية، أو التحريض على العنصرية والعنف والإرهاب، أو دعم الكفاح المسلح والإرهاب، أو اعتبار يوم الاستقلال كيوم حداد، أو تحقير العلم الإسرائيلي ورموز الدولة".
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي، وديع عواودة، أن القانون حلقة من مسلسل التشريعات العنصرية، التي تسارعت بشكل واضح بعد انتخاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولاية الثانية عام 2009م.
وأوضح عواودة لصحيفة "فلسطين" أن القانون الجديد، هدفه "تهميش ومحاصرة فلسطينيي الداخل وحرمانهم من أي دور سياسي حقيقي"، مؤكدا أن الاحتلال يحاول بقوته العسكرية والقانونية "تحويل أصحاب البلد إلى ضيوف غير مقبولين".
وقال: "قانون (الولاء الثقافي) مشتق وترجمة عملية لـقانون القومية اليهودية، واستمرار لعنصرية الاحتلال، بهدف محاصرة الهوية الفلسطينية في الداخل المحتل، وهي ضغوطات مستمرة ومتصاعدة حتى يكون القابض على هويته الوطنية كالقابض على الجمر".
وأضاف: "هناك تشريعات وتوجهات فاشية وليست عنصرية فقط لدى دولة الاحتلال، ضد كل من هو أقلية في الداخل المحتل، وتغليب مصلحة الدولة على مصلحة الفرد والإنسان، عكس المفهوم الديمقراطي الذي تروجه دولة الاحتلال".
ودعا المؤسسات الفلسطينية في الداخل المحتل إلى تصعيد المعركة الحقوقية والثقافية مع دولة الاحتلال وفضح عنصريتها، والبحث عن طرق بديلة وخلاقة لمواصلة النهج الثقافي الفلسطيني، والعمل على البحث عن مصادر تمويل "عصامية أكثر".
ورأى الكاتب سهيل كيوان، أن القانون الجديد سيؤثر سلبا على المؤسسات الثقافية، والإنتاج الفني والكتاب الروائيين داخل الأراضي المحتلة عام 48م.
وقال كيوان لـصحيفة "فلسطين"، "القانون مخالف قانونيا للدستور الأساسي المزعوم في (إسرائيل) الذي يكفل حرية الرأي والتعبير والإبداع، فهذه قوانين مجحفة، تتصاعد وتتواصل شهريا بتشديد إسرائيلي".
وأشار إلى اعتقال سلطات الاحتلال عشرات الكتاب والفنانين الذين غنوا (الأرض بتتكلم عربي) في سبعينيات القرن الماضي، مؤكدا أن هذا النهج القديم الجديد سيكون "يدا ثقيلة على المؤسسات الثقافية".
ولفت إلى أن مشروع القانون يأتي كوسيلة ضغط "لتدجين الفنانين والكتاب والشعراء العرب، المتمسكين بالرواية الفلسطينية حول النكبة وإسقاطاتها على حياة الفلسطينيين، بهدف دفعهم إلى الصمت بكل ما يتعلق بنكبة شعبهم"، مشددا على أنها تأتي كمحاولة لإرغامهم على الصمت إزاء ما يُخطط مستقبلا فيما يعرف بـ "صفقة القرن".
وأشار الروائي الفلسطيني إلى أن القانون مكمل لـ"قانون القومية"، مشددا في الوقت ذاته، على ضرورة التحرك الثقافي والفني لإسقاط القانون، وإثبات الرواية الفلسطينية الأصيلة.
جوهره سياسي
وأكد النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، جمال زحالقة، أن القانون يهدف إلى خنق الفلسطينيين ووقف أعمالهم الأدبية والسينمائية، لافتا إلى أن القانون جوهره سياسي للرقابة على المؤسسات العربية الفلسطينية في الداخل المحتل.
وقال زحالقة، لصحيفة "فلسطين": "هذا القانون دليل على الانحدار الإسرائيلي نحو مزيد من التطرف، ويعكس النهج الفاشي العنصري لحكومة الاحتلال"، مشيراً إلى أن فلسطينيي الداخل لن يرضخوا لهذا القانون.
وأضاف: "سيعمل القانون على خنق الفلسطينيين ونشاطهم الإبداعي الفني، وفرض عقوبات على المؤسسات العربية، والمسارح ودور الثقافة التي تعارض السياسة الإسرائيلية العنصرية"، مؤكداً أن فلسطينيي الداخل سيعملون على تمويل المؤسسات الثقافية بطرق ذاتية رغم كل المعيقات الإسرائيلية.
ونبه زحالقة إلى وجود معارضة من الفنانين الإسرائيليين لمشروع القانون، ولسياسة "نتنياهو"، ووزيرة الرياضة والثقافة، "ميري ريغيف"، وتنظيمهم لفعاليات احتجاجية مساندة للأدباء والفنانين الفلسطينيين.
وأكد ضرورة مقاومة القانون الممتد من سلسلة قوانين عنصرية تستهدف القضية الفلسطينية وأبناءها في الداخل والخارج.