من بوابة سلطنة عُمان عبر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الخليج العربي في زيارة رسمية علنية، في ظل موافقة ضمنية على الاعتراف المتبادل بين الطرفين.
سبقت تلك الزيارة، زيارات عدّة لمسؤولين عرب دخلوا الأراضي الفلسطينية المحتلة بإيعاز وترتيب من السلطة التي تقول تقارير إعلامية إنها هي من رسمت الطريق لدخول نتنياهو إلى مسقط، كما فعلت مع ضابط الاستخبارات المُتقاعد من القوات المسلحة السعودية اللواء أنور عشقي المعروف بدعمه الكامل للاحتلال، الذي رتبت له قيادة السلطة زيارة القدس.
ووضعت زيارة نتنياهو تلك علامات استفهام عديدة حول دور السلطة في مساعدة (إسرائيل) على نسج علاقات علنية وسرية مع دول عربية لطالما جرمت أجهزتها الإعلامية الرسمية التطبيع وعدّه سياسيوها من الكبائر، وهذه التساؤلات ليست محض تخمين، إذ سبق لرئيس السلطة محمود عباس الذي قال يومًا إنه موظف لدى (إسرائيل)، أن دعا المسؤولين العرب إلى زيارة القدس، الأمر الذي يرى فيه محللون سياسيون أمرًا ممكنًا "فالسلطة هي التي فتحت باب التنسيق الأمني مع الاحتلال على مصراعيه، فكيف لا تكون ركنًا أساسيًا في التطبيع العربي الإسرائيلي".
يقول المحلل السياسي خالد العمايرة: "إن تصرفات السلطة الأخيرة في علاقاتها مع الاحتلال يدلل على ضلوعها بشكل كبير في التطبيع العربي مع الاحتلال، مؤكداً أن ذلك ينعكس سلباً على مُجمل القضية الفلسطينية.
ويوضح العمايرة لصحيفة "فلسطين"، أن تصرفات السلطة تجعل (إسرائيل) تحتفل بهذا الإنجاز الذي وصلت إليه بتطوير علاقاتها مع الأنظمة العربية، عبر بوابة السلطة.
ويصف الأمر بأنه "خطير جدًا" لا سيّما أن السلطة مُقصرة، بسبب تسترها على العلاقات المخزية المرفوضة فلسطينيًا، مشددًا على ضرورة "رفض قيادة السلطة الفلسطينية هذه الأفعال سيّما أنها تضحي بالقضية والشعب الفلسطينيين من أجل إطالة أعمار حُكمهم المهترئة"، وفق تعبيره.
ويضيف العمايرة: "السلطة مُدانة، كونها تتآمر على شعبها وقضيته، لذلك عليها أن تُراجع نفسها وألا تبقى رهينة بيد حكومة الاحتلال"، حاثًا الشارع الفلسطيني على تحشيد الرأي العام الرافض لسياسات السلطة، خاصة في ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مؤامرات دولية.
وكان وزير الشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي، قال في لقاء مع الجزيرة إن بنيامين نتنياهو هو من أبدى رغبة في زيارة السلطنة لمناقشة قضية التسوية، لافتًا إلى أن المفاوضات غير متوقفة، وأن على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي "التوصل إلى سلام" لمصلحتيهما.
وقال الوزير العماني: "دور سلطنة عمان يتمثل في تقديم تسهيلات لمن لديهم الرغبة في التوصل لاتفاق"، مشيرا في ذلك إلى القضية الفلسطينية والأزمة اليمنية.
ويتفق مع العمايرة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة د. حسام الدجني، عادًا تغني السلطة بلقاءاتها مع مسؤولين في حكومة الاحتلال أمام الرأي العربي والإسلامي "كسرا لقواعد بعض الدول في مسألة التطبيع واللقاء مع القادة الإسرائيليين".
ويقول لصحيفة "فلسطين": "نحن بحاجة إلى إعادة تقييم شامل في علاقة السلطة مع الاحتلال في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها".
ويؤكد الدجني ضرورة إعطاء مسألة علاقة السلطة مع حكومة الاحتلال حدودها وخفض السقوف المعمول بها في الاتفاقيات السياسية، وعدم تغني عباس بلقاءاته مع الشاباك الإسرائيلي وغيره.
يُذكر أن أهم بنود "المبادرة العربية للسلام"، التي أجمعت عليها جميع الدول العربية في قمة بيروت عام 2002، تنص على عدم التطبيع مع الاحتلال دون حل للقضية الفلسطينية.
ومن هنا، فإن الدجني يرى أن ما يجري من تطبيع عربي إسرائيلي "انقلابًا على مبادرة هم وقّعوا عليها".
وذهب إلى القول: " ما دامت (إسرائيل) عززت علاقاتها مع الدول العربية، وانتقلت من دور الدولة المنبوذة إلى الدولة المُقبولة عربياً ودولياً، فلن تُقدم شيئًا للفلسطينيين".
ويؤكد الدجني ضرورة وجود دبلوماسية رسمية وشعبية لمواجهة التطبيع بمخاطره كافة، وصولًا إلى دعم كل الجهات والمنظمات التي تُحارب التطبيع.