أكد رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، د. أنيس القاسم، أن السلطة في رام الله، جزء من صفقة "القرن" الأمريكية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة الحراك الفلسطيني؛ لإنقاذ القضية، وإصلاح منظمة التحرير، ووقف التطبيع العربي مع (إسرائيل).
وأوضح القاسم في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن الوضع الحالي الفلسطيني يتجه "نحو الهلاك" في ظل قيادة منظمة التحرير الحالية، ودلل على ذلك بعقد جلسة المجلس المركزي، في مدينة رام الله، الأسبوع الماضي، دون توافق وطني، وعدّ ذلك فقدانًا للبوصلة.
وشدد أن القرارات المنبثقة عن المجلس المركزي، لا قيمة لها، ولا فائدة قانونية منها.
وأعلن المجلس في ختام جلسته الثلاثين، (27و28 أكتوبر) عن قراراته وهي: إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة باتفاقاتها مع الاحتلال، وتعليق الاعتراف بـ (إسرائيل)، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله، إلى جانب الانفكاك الاقتصادي.
واستدرك: بمجرد صدور اعتراف السلطة بـ (إسرائيل)، لا يجوز سحب القرار أو الإعلان، حسب أحد مبادئ القانون الدولي الذي ينص: أنه إذا صدر الاعتراف، لا يجوز سحبه، ولا يجوز أن يكون الاعتراف مشروطا.
ورأى أنه لا يوجد حل أمام السلطة ومنظمة التحرير سوى أن تلغي الاتفاقيات كافة مع الاحتلال وفي مقدمتها إلغاء اتفاق (أوسلو)، وقال: "السلطة تستطيع إلغاء الاتفاقيات كاتفاق أوسلو؛ لأن (إسرائيل) لم تفِ بأي من الالتزامات الجوهرية عليها".
وبخصوص القرار الثاني المتعلق بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال بكافة أشكاله، أضاف القاسم: "الجميع يعلم أن التنسيق الأمني، أحد مخرجات اتفاق أوسلو، فالأخير لا يجيز ولم ينص على وقف العمل بالتنسيق، وبالتالي: من الصعب جدا وقف التنسيق الأمني، إذا لم يتم إلغاء الاتفاقية".
وبمعنى آخر "إلغاء أوسلو شرط مسبق لإلغاء التنسيق الأمني، وإلى أن يتم ذلك يصبح قرار وقف التنسيق الأمني بلا معنى ولا قيمة عملية".
ولفت القاسم إلى أن السلطة تحاول إخبار الشارع الفلسطيني، أنها أوقفت الاتفاقية مع الاحتلال، "لكن هذا غير صحيح؛ لأنها لا تستطيع وقفها، لكن تستطيع إلغاءها".
وهناك فرق بين وقف الاتفاقية أو إلغائها، ففي حالة "الوقف" تظل الاتفاقية قائمة إلى أن يتحقق الشرط، أما في حالة الإلغاء تنتهي الاتفاقية بشكل كامل وكأنها لم تكن. وفق القاسم.
ورأى أن قرارات المجلس المركزي، ورقة ضغط على (إسرائيل)؛ للعودة لمفاوضات التسوية. ودعم حديثه بأن "السلطة لا تريد إلغاء الاتفاقية؛ لأن عباس يعدّ التنسيق الأمني مقدسا، ويطالب بوقفه وليس إنهاءه"، عادا ذلك نوعا من "خداع الجمهور" والضغط على الاحتلال للعودة للمفاوضات.
غياب الفصائل
وعدّ رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، مقاطعة الفصائل الرئيسة والوازنة في الساحة الفلسطينية، لاجتماع المجلس المركزي "أمرا جارحا"، نتيجة غياب فصائل رئيسة في المنظمة، وغياب التنسيق التقليدي الذي اتبعته قيادتها منذ تأسيسها.
وأوضح أن عدم مشاركة الفصائل في اجتماع المركزي، "يجرح شرعية الاجتماع، ويجرح شرعية القرارات التي اتخذت .. عباس شعر بالفراغ، كون هذا الاجتماع الأول الذي خلا من الفصائل الوازنة، وهي دلالة واضحة على الاحتجاج على تفرد القيادة الحالية للمنظمة وعدم التنسيق والتشاور، وعدم رضاهم عن حصار غزة".
وربط القاسم بين تهديدات عباس الجديدة والسابقة والتي جاءت ضمن خطابين رسميين قبل سنوات أن "قطاع غزة إقليم متمرد"، عادا ذلك تساوقا مع قرارات الاحتلال الصادرة في سبتمبر2007م، والذي أعلن القطاع "إقليما معاديا".
ومن وجهة نظر القاسم، فإن رئيس السلطة لا يستطيع تنفيذ تهديداته ضد قطاع غزة إلا بالتنسيق مع الإسرائيليين.
وعلق القاسم على التهديدات بحل المجلس التشريعي، بالقول: إن الذي انتخب التشريعي، هو (الشعب) الذي يملك حله، فلا تستطيع حركة "فتح" ولا المجلس المركزي حل المجلس التشريعي.
وأضاف: "حركة فتح تتوهم أنها من أسست السلطة وأن السلطة أصبحت دولة (..) هذا كلام زائف غير دقيق، فالذي أنشأ السلطة هو الحاكم العسكري، وهو صاحب الصلاحية طبقا لاتفاق أوسلو، وتعطيل المجلس بقرار منه".
وفيما يتعلق بتجاهل منظمة التحرير والسلطة لفلسطينيي الخارج، ذكر القاسم أنه امتثالا لأوامر وضعت إبان اتفاقية "كامب ديفيد"، قبلت قيادة منظمة التحرير باستثناء فلسطينيي الخارج من أي عملية لها علاقة بالمفاوضات، وأصبح فلسطينيو الخارج خارج نطاق تمثيل المنظمة، التي مثلت بعد الاتفاقية فلسطينيي الداخل، وقل هذا التمثيل بعد قدوم السلطة، (وليد ممسوخ عن سلطة الاحتلال، وهي في الواقع من الناحية الوظيفية، الإدارة المدنية التي خلقها الحاكم العسكري).
وتابع: إن فلسطينيي الخارج ومنذ المؤتمر الشعبي الذي عقد في مدينة اسطنبول، يسعون لإعادة دورهم في منظمة التحرير، ويعملون على صياغة برامج ذات خطوات وبدائل مؤثرة حتى تستجيب قيادة المنظمة والسلطة لمطالبهم.
وأقر القاسم بأن الجماهير الفلسطينية قوية ولديها غيرة وطنية، وستجد الطريقة الأصوب لإعادة هيكلة منظمة التحرير، مشددا على ضرورة الحراك الجماهيري الفلسطيني في كافة التجمعات الفلسطينية، لإعادة هيكلة المنظمة عن طريق إجراء الانتخابات.
التطبيع العربي
وفيما يتعلق بالتطبيع العربي مع (إسرائيل)، استدرك بالقول: "قبل إدانة التطبيع، يجب إدانة الخطوة التي أقدمت عليها قيادة المنظمة والسلطة، بتوقيع اتفاق أوسلو، التي قتلت المناعة ليس في العالم العربي فقط، بل قتلت المناعة لدى العديد من أصدقاء الشعب الفلسطيني وأولها الهند والصين، فـ (أوسلو) جلبت كل البلاء ولم يستفد منها إلا طبقة الفساد في السلطة".
وأضاف القاسم: "فلسطين تعتمد على عمقها العربي، إن كسر سيؤثر سلبا على القضية"، مبينا أن زيارات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للدول العربية، حملت عدة رسائل، أولها: فرض الاستسلام على الفلسطينيين، واجتياحه للعمق العربي.
وأشار إلى أن التطبيع العربي – الإسرائيلي يتم بالتنسيق مع أميركا، عادا إياها "هرولة خطيرة تقصم ظهر المقاومة الفلسطينية، وتقصم تحركات المقاطعة العالمية لـ (إسرائيل)، والشعب الفلسطيني.
وتابع القاسم: إن جميع المعطيات السابقة، تشير بلا شك إلى أن السلطة في رام الله جزء من صفقة "القرن"، لافتا إلى أن الأخيرة تسير حسب الخطة الأميركية.
وتمم: "من أرادة مواجهة الصفقة عليه اتخاذ قرارات فورية وجذرية لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وخلق جبهة صامدة، لكن السلطة فعلت العكس باستمرار عقوباتها على غزة".
وأشاد رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، بقرار الأردن إنهاء العمل بملاحق أراضي "الباقورة والغمر" لصالح (إسرائيل)، واصفا القرار، خطوة جريئة.