26 يومًا متواصلًا لاختفاء المقاوم المطارد أشرف نعالوة، منفذ عملية إطلاق النار في مستوطنة أرئيل "بركان" قرب سلفيت شمال الضفة الغربية، والتي أدت لمقتل مستوطنين وإصابة آخرين بجراح خطيرة، دون أن تفلح الحملات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في الوصول إليه، وهو ما وضع المنظومة الأمنية والسياسية للاحتلال محل إرباك وإحراج متلازمين، وفق مختصين في الشأن الإسرائيلي.
وتشن قوات الاحتلال عمليات بحث شبه يومية في مختلف محافظات الضفة الغربية عن المطارد "نعالوة"، كان آخرها فجر أول من أمس في ضاحية شويكة في مدينة طولكرم، وسط مواجهات عنيفة واقتحام لعشرات المنازل.
ولم تسلم حلقة أقارب المطارد "نعالوة من حملات المداهمة والتنكيل المصاحبة لعمليات الاحتلال، وتعريضهم للتحقيق الميداني، وتهديدهم إلى جانب المواطنين، حال مساعدتهم لـ"أشرف" في الاختفاء.
ظاهرة المطارد
ويقول المختص في الشأن الإسرائيلي، هاني أبو سباع: إنّ تتبع وسائل الإعلام العبرية، وأحاديث قيادة الاحتلال الأمنية والسياسية حول المطارد "نعالوة" تشير إلى مدى حرج المنظومتين أمام الجمهور الإسرائيلي.
ويوضح أبو سباع لـ"فلسطين" أنّ أجهزة أمن الاحتلال، عملت خلال السنوات الثلاثة الماضية على إنهاء "ظاهرة المطارد" في الضفة الغربية "بأي ثمن"، لما يعني لها قيمة المطارد في إمكانية تأثيره على الآخرين، بروحه القتالية، وعدم وجود شيء لديه ليخسره، غير أن "نعالوة" كسر هذه القاعدة باستمرار اختفائه وفشل العثور عليه.
وبين أن أحد أبرز الأسباب التي تحرج منظومة الاحتلال في فشل اعتقالها أو تصفيتها للمطارد "نعالوة" يتعلق في كون الضفة الغربية في رأيها بمثابة "كتاب مفتوح"، مكتظة بكاميرات المراقبة، ومنتظمة ضمن مسار التنسيق الأمني المتبادل، ولا يمكن لأحد الاختباء في أي مربع فيها دون كشفه.
وأشار إلى أن أجهزة أمن الاحتلال تعمل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، "تحت الأرض وفوق الأرض" للعثور على المطارد "نعالوة" "حيًّا أو ميّتًا"، مبينًا أن عدم تحقيق ذلك يظهر تصاعد اتهامات فشلها وضعفها وإرباكها.
وتوقع أبو سباع أن يُحدث بقاء "نعالوة" مطاردًا في الضفة الغربية فقدانًا لثقة المستوطنين بقيادة جيش الاحتلال، ووعوده، لكن من دون تقديم أي من قيادة جيش الأخير استقالتهم في الوقت الراهن وفقا لهذا الملف.
وألصق مؤخراً جيش الاحتلال في مناطق متفرقة بضاحية شويكة وطولكرم، ملصقات عليها صور المطارد "نعالوة"، تحذر الأهالي من تقديم المساعدة له، كالطعام والشراب والسكن والمواصلات، وهدد كل من يساعد "المطلوب" بالتعرض للمساءلة القانونية والتي تشمل السجن لمدة طويلة، وهدم المنزل.
ضربة قاسية
من جانبه، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أنّ بقاء المطارد "نعالوة" حرا طليقا بعيدًا، يسجل فشلًا شخصيًا لوزير جيش الاحتلال، أفيغدور ليبرمان، والمنظومة الأمنية الإسرائيلية بصورها المتعددة.
وأوضح منصور لـ"فلسطين"، أنّ جيش الاحتلال بات يستثمر كل قوته ومعلوماته الاستخبارية للوصول لـ"نعالوة"، وألا تطول مدة مطاردته كثيرًا، دون ما تسميه دفع "كشف الحساب"، لافتا إلى أن عملية المطاردة مكلفة جدًا في جميع الجوانب للاحتلال.
وعدّ أنّ تنفيذ عملية فدائية داخل مستوطنات الضفة، ونجاح منفذها في الانسحاب، ومن ثم الاختفاء عن الأنظار، يشكل ضربة قاسية للاحتلال، وتسجيل نقطة على استخباراته وجيشه، لافتا إلى أن المطارد برأي الاحتلال واعتقاده لديه حوافز للقيام بعمليات فدائية أخرى، في حين تبقي حريته المستوطنين في حالة شعور دائم بالتهديد.
وأضاف أن حالة المطاردة المفتوحة تستنزف (إسرائيل) وتسقط هيبتها، وادعاء قدرتها على منع العمليات وتصفية حساباتها مع منفذيها الفلسطينيين، كما كان الحال مع المطاردين الشهداء أحمد جرار، ومحمد فقيه، وباسل الأعرج.
وتابع أنّ جيش الاحتلال يدرك تماما أنه كلما طالت فترة مطاردة "نعالوة" يعني تحوله لأسطورة وقدوة في عيون الشباب الفلسطيني، ومنطلقا يحفز هؤلاء الشباب لتقليد المطارد بتنفيذ عمليات فدائية، لاسيما وأنه نجح في تنفيذ عمليته، والانسحاب، ومن ثم التخفي بعيدا عن الأنظار.
وذكر منصور أن استمرار نجاح "نعالوة" في التخفي، من شأنه أن يلقي باللوم على المنظومة الأمنية، واتخاذ الإجراءات الصارمة بحقهم، من دون أن يصل أي "غبار" للمستوى السياسي الإسرائيلي والذي يحترف عملية الاحتفاظ بكرسيه، والتنصل من المسؤوليات، وإلقاء الكرة في ملعب الآخرين، وفق اعتقاده.