يلتئم المجلس المركزي الفلسطيني لليوم الثاني في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، في دورته الثلاثين، ورغم أهمية اجتماعات المؤسسات المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، تأتي هذه الدورة وسط خلافات فلسطينية وفي مقدمتها الانقسام الذي مضى عليه ما يقارب ١٢ عامًا، ما أدى إلى تكريسه، وإن استمر فإنه سيؤدي إلى الانفصال الذي لا تُحمد عقباه؛ لأنه يحول دون إقامة الدولة الفلسطينية، التي ناضل شعبنا –مرحلياً- ولا يزال من أجل تحقيق هذا الهدف الذي ضحى من أجله مئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى.
كان يحبذ لو تم عقد هذه الاجتماعات بناء على توافق وطني شامل وبحضور كلّ القوى وفصائل العمل الوطني والإسلامي، خاصة بعض فصائل منظمة التحرير، لكان لها مفعول أقوى وأشمل وأعمق واتُّخذت قرارات حازمة، ووُضِعت إستراتيجية عمل موحدة من شأنها أن تلجم الاحتلال وتضع حدًّا لكل المؤامرات والخطط الهادفة إلى النيل من قضية شعبنا الوطنية.
أجل إننا بحاجة لمثل هذه الاجتماعات من أعلى جهة فلسطينية وهي منظمة التحرير واسمها "الجامعة الفلسطينية"؛ لمواجهة الأخطار التي تحاك من هنا وهناك ضد قضية شعبنا الوطنية التي تحيط بها من كل جانب، وفي مقدمة هذه المخاطر صفقة العصر التي تقوم إدارة الرئيس الأميركي ترامب المتساوقة مع حكومة اليمين الإسرائيلية المتطرفة بمحاولات تمريرها خطوة خطوة رغم أنّ كلّ ما تقوم به يتناقض ويتعارض مع القوانين والأعراف والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.
لذا أقول: رغم هذه الخلافات والانقسام العمودي بين الفلسطينيين، والذي لا يستفيد منه سوى أعداء القضية، والذي تستغله دولة الاحتلال أبشع استغلال للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس التي أفصح عنها قبل أيام رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو عندما أعلن تصوره لحل الصراع عندما قال إنه يوافق على إقامة كيان فلسطيني أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي، مع أنه يواصل العمل هو وإدارة الرئيس ترامب من أجل فصل القطاع عن الضفة، فالمطلوب من هذه الدورة المنعقدة للمركزي أن تُسهِم قراراتها في إعادة الوحدة للساحة الفلسطينية والدعوة لإنهاء الانقسام، لأن الوحدة الوطنية هي الضمانة الوحيدة لتحقيق الانتصار وإفشال كلّ المخططات والمؤامرات التصفوية للقضية الفلسطينية.
نأمل أن تكون مخرجات هذه الدورة على قدر كبير من المسؤولية، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية الضيقة، ففلسطين وشعبها العظيم الذي لا يزال يضحي بالغالي والنفيس هنا على تخوم القطاع رغم الحصار والدمار، وهناك في الضفة الحبيبة المقاومة للاستيطان والتهويد، هو أكبر من كل الفصائل والمصالح الخاصة. أهم ما في الأمر أن تنصبّ قرارات هذه الدورة على تحديد العلاقة مع الاحتلال وعدم احترامها للاتفاقات الموقعة، رغم أن هذه الاتفاقات لا تلبي سوى الحد الأدنى من حقوق شعبنا الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف.