على مقعدٍ خشبي ترقد الثمانينية زهرة القصاص، ممسكة بيديها صورة لنجلها "بهاء"، وعلامات الحزن والشوق ظاهرة عليها؛ خشية أن يطرق الموت بابها قبل أن تعانقه.
ولم تغِب القصاص عن الحضور والمشاركة في الاعتصام الأسبوعي لأهالي الأسرى أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، للمطالبة بتحرير نجلها وباقي الأسرى.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسير بهاء القصاص، وهو من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، في 22 يونيو/ حزيران 2002، خلال كمين نصبته له في أثناء توجهه إلى مدينة قلقيلية بالضفة الغربية المحتلة، وحكمت عليه بالسجن 23 عامًا.
وتتهم سلطات الاحتلال القصاص، بالانتماء لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، والمشاركة في عمليات للمقاومة ضد جنودها وأهداف إسرائيلية.
وتشير القصاص التي تزور نجلها كل شهرين مرة، ولمدة لا تتجاوز الساعة، إلى أنها تتعرض خلالها للتعب والإرهاق الشديدين والشعور بانعدام القوة؛ نظرًا لتقدمها في السن، وبسبب ممارسات الاحتلال العنصرية بحق أهالي الأسرى على الحواجز، ومنع أشقائه من زيارته.
ويخيم الحزن على القصاص عندما تتذكر زوجها الذي وافته المنية قبل ثمانية أعوام حزنًا على فراق "بهاء"، وعدم حضور لحظة إطلاق سراحه، حيث كان يتنقل معها بين السجون لرؤيته، ويحلم بأن يزوجه، وقالت: "أتمنى أن أعيش لأرى ابني حرًّا طليقًا وأحقق حلم والده بتزويجه".
وبحسب والدة الأسير، فإن نجلها حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ، والدبلوم في الشريعة، ويعتزم في هذه الأيام إكمال مسيرته العلمية بتتويجها بالماجستير ومن ثم الدكتوراة، لافتةً إلى أنه يحاول قضاء سنوات الأسر في الدراسة والجد والاجتهاد للتأكيد أن شعبنا الفلسطيني محبًّا للعلم، وأن جدران السجن لن تمنعه من الوصول إلى أعلى الدرجات.
وتأمل القصاص أن تحرر المقاومة الفلسطينية نجلها وتنهي معاناتها والعذاب الذي تتعرض له وأمهات الأسرى خلال توجههم إلى الزيارة، ويعوضون عن سنوات الحرمان التي عاشوها داخل الأسر.
وتدعو أبناء الشعب الفلسطيني وقواه وقيادته للتضامن مع الأسرى وكشف جرائم الاحتلال وانتهاكاته الممارسة بحقهم والأسيرات اللواتي يرفضن الخروج إلى ساحة السجن "الفورة" منذ 5 سبتمبر/ أيلول المنصرم؛ رفضًا منهن لإعادة إدارة السجون تشغيل كاميرات المراقبة في ساحة السجن.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو 6500 أسير فلسطيني بينهم 450 معتقلًا إداريًّا تمارس بحقهم جرائم مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية.