قائمة الموقع

​انقسامات لم تتوقف داخل الساحة الفلسطينية في عهد "عباس"

2018-10-30T07:59:13+02:00
جانب من اجتماع المجلس المركزي برام الله (الأناضول)

يرسم المشهد الحي للساحة السياسية الداخلية في الأراضي الفلسطينية، صور انقسام لم تتوقف منذ انتخابات رئاسة السلطة عام 2005، موصلة القضية الفلسطينية ومفاصلها الوطنية، لأكثر المراحل حساسية وتدهورًا في تاريخها الممتد سنوات طويلة.

وفي يونيو/ حزيران من عام 2007، وبعد عامين ونيف من صعود رئيس السلطة محمود عباس على سدة الحكم، انطلقت الشرارة الأكبر للانقسام الفلسطيني الداخلي ما بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة، لتفضي واقعًا ممتدة آثاره السلبية السياسية على جميع الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية حتى اللحظة.

ولم يكن الانقسام الحاصل ما بين فتح وحماس الأخير في عهد "عباس"، إذ انتقل من انقسام "فتحاوي-حمساوي"، لانقسام فتحاوي داخلي، محدثًا شرخًا واسعًا في هياكل الحركة التنظيمية، وبنيتها القيادية.

ظلال قاتمة

كما كرّست العقوبات التي فرضتها السلطة على موظفيها، والمؤسسات في قطاع غزة، في إبريل/نيسان من العام الماضي، انقسامًا آخر في الساحة الفلسطينية، ألقى بظلال قاتمة على الوضع الداخلي المحلي.

وجاء مشهد عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دورتيه الأخيرتين برام الله، استمرارًا لانفراط عقد الوحدة داخل الساحة الفلسطينية، وذلك في غياب معظم فصائل العمل الوطني عن اجتماعيه، بسبب تجاهل رئيس السلطة "عباس" للنداءات الداعية لتطبيق قرارات المجلس السابقة.

ويؤكد المحلل السياسي محمد مصلح، أن الفلسطينيين كانوا يأملون بإمكانية إضفاء أجواء التصالح السياسي والوئام الداخلي، مع إعلان نتائج الانتخابات الفلسطينية التي أفرزت "عباس"، ولكن هذه الآمال ذهبت أدراج الرياح في ظل المعطيات الانقسامية التي حدثت في الساحة الفلسطينية لاحقًا.

ويشدد مصلح لـ"فلسطين"، على أنّ الحالة الفلسطينية باتت منذ عهد الانتخابات الرئاسية للسلطة تسير نحو تدهور مستمر من ناحية، وتضاؤل فرص تحقيق الإنجازات السياسية الفلسطينية، وتراجع المواقف الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية من ناحية أخرى.

ويلفت إلى أن الكثير من القضايا المتعلقة في ملف الانقسامات المتتالية الحاصلة في الساحة الفلسطينية، تشير إلى حالة التفرد الخاصة التي تعتري رئيس السلطة "عباس"، ومدى رغبته في تحقيق سياسته الخاصة البعيدة عن الإجماع الوطني.

ويوضح مصلح أنّ الانقسام الذي حصل عام 2007 ورغم أنه الأخطر سياسيًا، إلا أنه لم يكن الأخير، إذ إنّ انقسامات أخرى جرت كما حال الانقسام الفتحاوي التنظيمي الداخلي، إلى جانب الخلاف العميق بين الفصائل المنضوية داخل منظمة التحرير وحركة فتح بسبب عقد المجلس المركزي دون توافق.

دور وظيفي

ويؤكد المحلل السياسي والدبلوماسي السابق، د. محمود العجرمي، أن حدوث الانقسامات التي جرت تباعا مع تولي "عباس" رئاسة السلطة، تنمّ على أن الأخير جاء لأداء دور وظيفي منهجي يخدم اتفاق أوسلو، والذي حوّل القضية الفلسطينية من شعب يناضل من أجل التحرر، لمشكلة "سكان" تحت السيادة الكاملة للاحتلال.

ويلفت العجرمي لـ"فلسطين"، إلى أنّ "عباس" فعّل بإرادته وقراراته الانقسام السياسي مع حركة حماس، ولم يستجِب لأي حراك داخلي وخارجي لإنهائه، بعد إقالته للحكومة العاشرة التي جاءت نتيجة لفوز حماس بالانتخابات التشريعية.

ويشير إلى أن الفصل ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة سياسيًا، جاء كأحد سياسات "عباس"، الممارسة على الأرض والمتعلقة بـ"اختطاف الشرعية"، فيما زاد من حدة هذا الفصل بسيطرته الكاملة على قرار منظمة التحرير.

ويؤكد العجرمي أن منظمة التحرير وبعد الجلستين الأخيريتين في رام الله، باتت خالية تمامًا من مشاركة الفصائل باستثناء حركة فتح، وهو ما عمّق من حدة الانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني، وأظهرت تفردًا واضحًا لعباس بالقرار الفلسطيني.

وشدد على أن المحصلة النهائية للحالة السياسية الفلسطينية، تشير إلى أن "عباس" أوصل الفلسطينيين شعبيًا لانقسام سياسي داخلي، وانقسام ما بين فتح نفسها، وآخر ما بين فتح وحركة حماس والفصائل اليسارية.

وأكد العجرمي أن حصاد الانقسام السياسي على جوانبه المتعددة، الذي حصل في عهد عباس، أدى إلى تراجع القضية الفلسطينية، وتنامي الأطماع الدولية والإسرائيلية في تمرير المخططات الرامية لتصفية هذه القضية، ونزعها عن أبعادها وسياقاتها السياسية وتحويلها إلى قضية إنسانية بحتة لا تستوجب سوى شفقة وعطف العالم.

اخبار ذات صلة