أثار سؤال رئيس السلطة محمود عباس لمجموعة من الصحفيين والفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1948، عن جدوى وحاجة رفع العلم الفلسطيني في تظاهرات احتجاجية ضد قانون "القومية اليهودية" العنصري، جدلًا واسعًا عن الهوية التي يحملها عباس.
وخلال اللقاء الذي جمعه بالصحفيين في مقر الرئاسة برام الله، لوقت قصير، طلب عباس منهم ومن فلسطينيي الـ48 "عدم المبالغة أثناء الاحتجاجات، والتصرف بعقلانيّة، وأن يتجنبوا تحدي السلطات الإسرائيلية لمجرد التحدي الذي لا يؤتي أيّ ثمار". وفق ما أورده موقع عرب 48.
وإذ يرى العضو العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي، عبد المالك الدهامشة، أن تلك التصريحات "تشق الصف الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وتخدم فئات سلطوية"، فإنه يؤكد أن فلسطينيي الـ48 "يقاتلون من أجل حقوقهم المدنية، وهو حق كفله القانون، ومن حقنا أن نجنن (إسرائيل) بجزء من الديمقراطية المتاحة لنا".
وأضاف أن فلسطينيي الداخل المحتل "لهم وضع خاص، وسنمارس كل ما من شأنه أن يعيشنا أعزاء كرماء على أرض وطننا، وكل ما يقدمنا لهذا الهدف فهو مشروع وكل ما يبعدنا عنه لا نريده".
وحث الدهامشة، عباس على التحلل من سياسة التنسيق الأمني، وأن يقف ندًا في وجه (إسرائيل).
وقال: "عباس لن يستطيع شق الصف الوطني لأهالي الداخل المحتل، وقد وصلت وحدتنا لمستوى مشترك ولن يستطيع شقه أبو مازن، وهو أذلُّ من خلَقه ربنا من الفلسطينيين، والأسوأ للفلسطينيين".
وأضاف: "نحن فلسطينيون .. ونناضل بالقانون، ومعنوياتنا عالية نتمسك بالوطن رغم إمكانات (إسرائيل) الكبيرة".
في حين يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد توفيق، أن هذه التصريحات لا يعقل أن تصدر عن أي مواطن عادي عدا عن كونه رئيسًا للسلطة الفلسطينية، مهما كانت درجة التنسيق الأمني التي ينتهجها مع سلطات الاحتلال، قائلًا: "الأولى بعباس أن يكون أول الواقفين في وجه قانون القومية الإسرائيلي العنصري".
وقال توفيق لـصحيفة "فلسطين": "إن صح القول، فهذا كلام مستهجن وتعيس، وعلى عباس أن يكون أول المدافعين والواقفين في وجه قانون القومية الإسرائيلي (...) وكلمة عنصري وصف صغير بحق القانون، ولا تعبر عن حقيقة آثاره على فلسطينيي الأراضي المحتلة فهو ينفيهم نفيًا نهائياً".
وأشار إلى أن الفلسطينيين في الداخل المحتل، واجهوا حملات كبيرة للتفرقة وشق صفهم الوطني القومي والإسلامي، مضيفاً: "أهالي الداخل المحتل يدافعون عن الحق الفلسطيني والقضية الفلسطينية في زمن تنكر لهذا الحق أرباب التنسيق الأمني ومن كان يجب عليهم أن يكونوا في المواجهة والدفاع".
وشدد توفيق، أنه لا يمكن لأحد أن ينجح في تفتيت الصف الوطني وتقسيمه وتشتيته عن الأهداف التي وضعها نصب عينيه، متمنيًا ألا يكون سياق تصريحات "عباس" محاولة لشق صف فلسطينيي الـ48.
جسم صحفي وهمي
بدوره قلل الصحفي وديع عواودة وهو من فلسطينيي الـ48، من قيمة اللقاء، عادًّا الجسم الصحفي الذي اجتمع به عباس "وهميًّا ولا وجود له بين مجموع صحفيي فلسطينيي الداخل".
وقال عواودة: "لم يكن ضمن صحفيي الوفد، حضور للصحفيين المعتد بهم في الداخل الفلسطيني، ولم يتم التواصل معنا كصحفيين في هذا المجال، ولا نعرف المعايير التي اختير على أساسها أعضاء الوفد (...) لقاء عباس كان مع مجموعة وهمية من الصحفيين".
ونبه عواودة إلى أن صحفيي الداخل "يشتكون دائماً من انقطاع الاتصال مع رئيس السلطة الفلسطينية، وكذلك النقابات الفلسطينية حيث لا يدعون لحضور ورشات عمل أو مؤتمرات أو أي فعاليات"، مشدداً على أن الصحفيين في الداخل المحتل لا ينفصلون عن صحفيي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وذهب إلى القول: "نحن ننتمي للشعب الفلسطيني، ومع ذلك لا نرى تفاعلا معنا من قبل المؤسسة الرسمية الفلسطينية وكأننا في دولة أخرى".
وبعيدًا عن معنى العقلانية في قاموس عباس السياسي، فإن إلحاق تلك المفردة بتجنب تحدي سلطات الاحتلال يشي بالانهزام النفسي لا السلوكي فقط، وهي حالة يريد "الرئيس الفلسطيني" -إن صح وصفه بذلك- تغذية عقل واختراق وجدان كل فلسطيني باستحالة مواجهة (إسرائيل) والقبول باحتلالها أمرا واقعا.