في غضون أيام قليلة، ظهر في المنطقة العربية تبادلٌ للزيارات المفاجئة بين السلطة في رام الله وسلطنة عُمان التي تبدو أنها تحمل في طياتها جُملة من المستجدات السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
رئيس السلطة محمود عباس زار في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، سلطنة عُمان بناء على دعوة من السلطان قابوس بن سعيد، استمرت ثلاثة أيام، جرى خلالها بحث عددٍ من القضايا وفي مقدمتها آخر تطورات القضية الفلسطينية.
ثلاثة أيام مضت على زيارة عباس، حتى لحقه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في زيارة "مفاجئة"، التقى خلالها أيضًا السلطان قابوس، وقال عنها المتحدث باسم نتنياهو، أوفير جندلمان: إنها تأتي في إطار دفع عملية التسوية، وقضايا تتعلق بتحقيق الاستقرار في المنطقة.
أمس الأحد، استقبل عباس مبعوث سلطان عُمان، المستشار سالم بن حبيب العميري، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، وهو ما يضع تساؤلات عدّة حول مضمون هذه الزيارة، وهل يُمكن أن يذهب "أبو مازن" باتجاه المفاوضات مع الاحتلال من جديد؟
رسائل للسلطة
الكاتب والمحلل السياسي من نابلس سامر عنبتاوي، رأى أن زيارة مبعوث عُمان لرام الله، قد تحمل رسائل عُمانية للسلطة الفلسطينية، في بعض القضايا وأهمها العودة للمفاوضات مع الاحتلال.
وقال عنبتاوي لصحيفة "فلسطين": "يبدو أن هناك محاولات للوساطة العُمانية التي تربطها علاقة مع حكومة الاحتلال، لإعادة المفاوضات من جديد مع السلطة الفلسطينية".
ورجّح أن يكون سبب التوجه لوساطة عُمان أنها "دولة مُحايدة"، وفي نفس الوقت محاولة الخروج من الوساطة الأمريكية، مضيفاً "يُفترض أن تأخذ عُمان الموقف الفلسطيني بعين الاعتبار في أي مواجهة مع الاحتلال".
وعدّ عنبتاوي العودة للمفاوضات في هذه الظروف بمنزلة "العودة للمماطلات التي مرّت بها القضية الفلسطينية خلال الفترة السابقة من المفاوضات"، مشيراً إلى أن المفاوضات المباشرة ساهمت في تقديم السلطة تنازلات في مقابل التعنت الإسرائيلي.
وتابع "العودة للمفاوضات يجب أن تكون ضمن إطار وطني، وتحت غطاء الشرعية الدولية بالكامل، وإلزام الاحتلال بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية"، مردفاً "غير ذلك سنُعطي الفرصة للاحتلال للاستمرار في نهج إنهاء القضية الفلسطينية".
وأكد أن العودة للمفاوضات في ظل الهيمنة الأمريكية، ستؤدي إلى مزيد من التراجع في القضية الفلسطينية، في ضوء عدم توفر جبهة فلسطينية داخلية متجانسة، واستمرار انقسام الصف الفلسطيني.
ويتفق مع سابقه، الكاتب والمحلل السياسي من غزة حسام الدجني، حيث أوضح أن زيارة المبعوث العُماني تندرج في سياق الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر بين عباس ونتنياهو.
وأفاد الدجني "فلسطين" بأن عُمان تسعى لاستئناف المفاوضات بين السلطة والاحتلال وإعادة الأمور لما كانت عليه سابقًا.
ورأى أن قبول عباس بالعودة للمفاوضات دلالة على أنه لا يلتزم بقرارات المجلسين المركزي والوطني، التي تنص على ضرورة وقف العلاقة مع الاحتلال وسحب الاعتراف منه، مرجحًا أن تحمل زيارة المبعوث العُماني رسالة من السلطان قابوس مفادها أن "نتنياهو منحه الورقة بأن يجمع بينه وبين عباس في إطار استئناف المفاوضات".
وتساءل الدجني: "على ماذا سيُفاوض عباس الاحتلال، في ظل عدم بقاء حل الدولتين واعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)؟".
وعدّ الدجني إصرار عباس على الرجوع للمفاوضات "هروبا للأمام باتجاه الاحتلال، وكأنه يمنحه شرعية السلطة"، واصفاً ذلك بالمسألة "بالغة الخطورة".
وشدد على أن العودة للمفاوضات سيخدم الاحتلال في الحصول على مواقف تدعم عجلة التطبيع التي يطمح لها نتنياهو.