في الوقت الذي ينشغل فيه قادة أجهزة أمن التنسيق الأمني في السلطة بعقد لقاءات مع ضباط الاحتلال الإسرائيليين من أجل الوصول لمنفذ عملية بركان في سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، ومنع أي محاولات لإشعال فتيل المقاومة من جديد بالضفة، نفذ مقاومون فلسطينيون ثلاث عمليات فدائية خلال الأسبوعين الماضيين.
واستشهد شاب فلسطيني أمس، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب المسجد الإبراهيمي في الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة بعد تنفيذه عملية طعن أصاب فيها جنديًا إسرائيليًا بجراح.
ويشير مراقبون إلى أن مثل تلك العمليات الفدائية تتم بجهود فردية بعيدة عن أي عمل منظم ومخطط له.
ولم يتبن عملية أمس كما غيرها من عمليات سابقة أي من الفصائل الفلسطينية.
ولا تزال قوات الاحتلال تبحث عن المطارد أشرف نعالوة منفذ عملية إطلاق النار في بركان يوم 7 أكتوبر الجاري والتي قتَلَ خلالها مستوطنين وجرح آخر.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس الدكتور عثمان عثمان، أنه "إذا كانت العملية فردية فإن إمكانية ضمان تنفيذها أفضل بكثير من كونها جماعية ومنظمة".
وينوه خلال حديث مع "فلسطين" إلى أن الحفاظ على منفذ العملية الفردية أسهل، وأن الخطورة تكمن في حال وجود أكثر من شخص على دراية بموعد ومكان تنفيذ العملية.
ويشير الى أن قوات الاحتلال فشلت في الوصول لمنفذ عملية بركان، حيث استنفدت وسائلها الأمنية والاستخبارية دون جدوى.
ويؤكد أن العمليات الفردية لها مؤشرات إيجابية في الشارع الفلسطيني، الأمر الذي يفتح شهية الفلسطينيين الثائرين لتنفيذ المزيد من العمليات دون الإمساك بهم.
ويرى أنه من الصعب التسليم بنجاح نتائج هذه العمليات من دون إسناد من الفصائل والقوى الفلسطينية، أو من السلطة على الأقل بالكف عن ملاحقة منفذيها.
وكان رئيس السلطة وحركة فتح محمود عباس تفاخر مؤخرًا بمحاربته المقاومة حينما صرح: "أنا ضد المقاومة.. أنا علنًا بحكي، أنا ضد المقاومة علنًا"، عدا عن وصفه التنسيق الأمني بين أجهزته الأمنية في الضفة الغربية وقوات الاحتلال، بأنه "مقدس".
ويعتقد عثمان أن مثل هذه العمليات تشكل إحراجًا واضحًا للسلطة وللمفاوض الفلسطيني، الذي يعمل جاهدا منذ سنوات لاجتثاث المقاومة بالضفة الغربية المحتلة.
ويوضح أن قيادة السلطة محرجة لأنها غير قادرة على ضبط الأمن، الأمر الذي يدفعها للضغط أكثر على المواطنين وملاحقتهم بقوة من خلال التنسيق الأمني، لتلميع صورتها أمام الاحتلال وأمام المجتمع الدولي.
وفي يناير من العام 2016م صرح مسؤول مخابرات السلطة في رام الله، ماجد فرج، لمجلة "ديفنس نيوز" الأمريكية، أن قواته الأمنية، أحبطت 200 عملية ضد (إسرائيل)، منذ اندلاع انتفاضة القدس، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015.
دوافع واقعية
من جانبه يرى الناشط والمحلل السياسي ياسين عز الدين، وجود أمور عدة تزيد من الدافعية لتنفيذ عمليات، أبرزها انسداد الأفق السياسي، وأن السلطة تعاني من فشل مزمن، عدا عن تصاعد الانتهاكات في المسجد الأقصى والخان الأحمر.
ويؤكد خلال حديث مع "فلسطين"، أن النجاح الكبير لعملية بركان أعطى شرارة لتنفيذ عمليات أخرى، متابعًا: "هذا ما يحصل عادة في مثل هذه العمليات كما لاحظنا خلال انتفاضة القدس، عملية ناجحة وقوية يتلوها عدة عمليات".
لكنه يستدرك: "أعتقد أن هذه الموجة لن تطول كثيرًا بسبب غياب عمل منظم يحتضنها ويقوم بتنميتها واستثمارها، إلا إذا حصلت عملية نوعية جديدة".
ويشير إلى أنه في موازاة هذه العمليات هناك ارتفاع في المقاومة الشعبية مؤخرًا، وهذا كأحد آثار العمليات، منوها إلى أن الوقت الحالي من كل عام يشهد تصعيدا للمقاومة الشعبية مع بداية موسم المدارس.
ويوضح أن استمرار الاحتلال في عملية المطاردة يستنزف قدراته العسكرية، لأنه يسخر إمكانات ضخمة لعمليات الاقتحام المتواصلة في أنحاء متفرقة من الضفة.
ويضيف: "القاعدة العامة هي كلما زادت عمليات المقاومة تتشتت جهود جيش الاحتلال والمخابرات في ملاحقة المقاومين"، مستدركا أن الأمور تحت السيطرة فحجم العمليات ما زال محدودًا.