فلسطين أون لاين

​حكومات رام الله ساهمت في تراجع دور المساجد بنسبة 90%

خبير:تراجع أداء"السلطة"سبب احتقاناًاجتماعياًبالضفة

...
صورة تعبيرية
نابلس / غزة - طلال النبيه

مع توالي حالات الوفاة غير الطبيعية، وانتشار جرائم القتل والسرقات في عدد من محافظات الضفة الغربية، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة النجاح الوطنية، مصطفى الشنار، أن هذه الظاهرة جاءت نتيجة تراجع الأداء الوطني للسلطة الفلسطينية.

واتهم الشنار في حديث لصحيفة "فلسطين"، السلطة ودوائرها الرسمية بعدم بذل جهود كافية للحد من الظواهر المسببة لحالات القتل والوفاة غير الطبيعية، أو علاجها بالشكل الصحيح.

وقال الخبير الاجتماعي، إن حكومات رام الله منذ تولي سلام فياض رئاستها عام 2007م، عملت على إغراق الشباب الفلسطيني بالديون مع البنوك، عبر الإقراض السهل؛ ومواجهة ثقافة الصمود في المجتمع الفلسطيني، بإشاعة القيم الحياتية اليومية التي تخدم ما وصفه بـ"عالم الشهوات".

ووفق إحصائية رسمية، نشرتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" فإن عدد الوفيات غير الطبيعية في الضفة الغربية لعام 2017م، بلغ (61) حالة، فيما بلغ عدد الوفيات في ظروف غامضة (17).

تأثير خطير

وحول أبرز الظواهر التي عملت على زيادة حالات القتل والوفاة غير الطبيعية، أوضح الشنار أن "ظاهرة التجارة في المخدرات بشكل فردي ومنظم، وتوفر المعدات التكنولوجية لها لإنجاز مخططاتها، أديا لزيادة خطرها الشديد على المجتمع".

وقال: "هذه الفئة الصغيرة –تجار المخدرات- أطلقت يدها في المجتمع كالخلايا السرطانية للبحث عن الغنى وزيادة المال، عبر الاتجار في المخدرات"، محذراً من تجاوزها للسلوك الفلسطيني المحافظ.

وأضاف: "سلوك تجار المخدرات، سبب زيادة القتل والجرائم، وحالات الوفاة الغامضة"، مشيراً إلى أن حيز الجريمة المنظمة في الضفة الغربية له علاقة مع أطراف في الداخل الفلسطيني (المحتل منذ العام 1948)، سواء كانت عربية أو صهيونية"، لافتًا الانتباه إلى أن أبرز الجرائم اللصيقة في عالم المخدرات هي جريمة القتل، وهذا سبب انتشارها.

ووفق تقرير رسمي، فقد بلغت القيمة المالية للمخدرات المضبوطة في الضفة الغربية، نحو 15 مليون شيكل، منذ بداية 2018م، إذ توزعت ما بين حبوب وأشتال ومستنبتات للحشيش.

الاحتقان الاجتماعي

ومن الأسباب الأخرى التي أدت لزيادة انتشار حالات القتل، ذكر الشنار أن طبيعة المجتمع الفلسطيني المحافظ، وفي بيئته العشائرية، أثار الانفتاح الكبير في مواقع التواصل الاجتماعي حفيظته، الأمر الذي أدى لزيادة ما يعرف بـ"القتل على خلفية الشرف".

وعزا أسباب انتشار الجرائم إلى صراعات وتوترات اجتماعية، أطلق عليها "الاحتقان الاجتماعي"، "والتي تتعلق في المزاج العام للحياة في الضفة الغربية، المرتبط بالاحتلال الإسرائيلي، وحالة اليأس الوطني من أداء السلطة الفلسطينية".

وقال: "تراجع الأداء الوطني للسلطة الفلسطينية ووصول المواطن والمجتمع في الضفة الغربية إلى حافة اليأس من أدائها الوطني، أدى لإشغال الناس في حياتهم اليومية المادية، التي أنتجت التوتر الشديد لديهم والضغط العام من الحياة، مقابل تراجع الثقافة الوطنية وقيم الصمود".

وأوضح أن انتشار ظاهرة طبقات المجتمع، وظهور المناكفة غير المتكافئة بين الطبقات الغنية التي تزداد غنى في كل يوم، والطبقة الفقيرة تتسع كل يوم وتزداد فقراً، قدّ وفّرت بيئة خصبة للاحتقان الاجتماعي الذي يؤدي إلى التوتر في أعصاب المواطن وبالتالي يسهل عليه القتل، وفق قوله.

تراجع دور المؤسسة الدينية

ونوه أستاذ علم الاجتماع، إلى خطورة تراجع دور المسجد والمؤسسة الدينية منذ تولي حكومة سلام فياض مسؤولياتها في الضفة عام 2007م ، موضحاً أن نسبة تراجع دور المنابر ازدادت مع توالي الحكومات في الضفة لتصل إلى أكثر من 90%.

وقال: "المسجد والمؤسسة الدينية يعدّان صاحبي أكبر رصيد اجتماعي في التواصل مع الناس، إذ إن التواصل بين الغني والفقير يتم من خلال المسجد، لكن دوره تراجع بدور كبير جداً ضمن سياسة تجفيف منابع الإرهاب والتطرف على حد زعمهم"، بحسب تعبيره.

وأضاف: "المجتمع خسر خسارة كبيرة جداً، في تجفيف التوجيه الديني للسلوك الفردي والمجتمعي وخسر المسجد دوره إلى حد كبير نتيجة التوجيه الرسمي والسيطرة على المساجد، والتوجيه الأمني لها".

وحول الآلية المناسبة، لمواجهة هذه الظاهرة، شدد الشنار على ضرورة "وجود عملية إصلاح شاملة للمنظومة الفلسطينية تشريعياً وإعلامياً ووطنياً وقيمياً ودينياً".