قائمة الموقع

غابت الممثلية.. لكن فلسطين لن تغيب!

2018-10-14T18:12:52+03:00

مع غروب شمس الأربعاء الماضي العاشر من شهر تشرين الأول، أغلقت البعثة الفلسطينية في واشنطن أبوابها مع انتهاء المهلة التي حددتها الجهات الأميركية تنفيذًا لقرار الرئيس دونالد ترامب إغلاق المقر. يأتي ذلك بعد سبع سنوات على افتتاح البعثة رسميًا، ورفع العلم الفلسطيني لأول مرة فوق مبناها المجاور آنذاك للحي الدبلوماسي في واشنطن.

وعلى نقيض المشهد الذي استقطب الأضواء والاهتمام حينذاك، تمَّ الإغلاق في غياب دبلوماسي فلسطيني تام، حيث اقتصر الأمر على مغادرة الموظفين المحليين المبنى، بحضور عدد من أبناء الجالية، ومن دون إنزال العلم عملًا بقرار السلطة الفلسطينية وبموافقة مالك المبنى الفلسطيني الأصل، باعتبار أن من حقه الاحتفاظ بالعلم في أملاكه الخاصة.

الخارجية الأميركية أعلنت، في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، أن الإدارة الأميركية "قررت بعد مراجعة دقيقة إغلاق مكتب البعثة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن". وأضافت: "يتفق هذا القرار مع قلق الإدارة الأميركية والكونغرس بشأن المحاولات الفلسطينية الرامية إلى فتح تحقيق ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية".

إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سجلت خطوة عملية إضافية هي الرابعة من نوعها، في إطار مشروع تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية تحت عنوان عريض هو إرغام القيادة الفلسطينية على "العودة إلى طاولة المفاوضات"، وهو العنوان الكاذب لمشروع إرغامها على التوقيع على إملاءات "صفقة القرن". فبعدما وفّى ترامب بوعوده لـ(إسرائيل) عبر نقل السفارة الأميركية في القدس المحتلة في مايو/أيار الماضي، وبعدما أمر الشهر الماضي بوقف التمويل الأميركي لوكالة "أونروا"، وهو ما أرفقه قبل يومين بوقف التمويل الأميركي السنوي للمستشفيات الفلسطينية في القدس، ووقف تمويل كل ما كان يصل إليه الدعم الأميركي في قطاعات التعليم والصحة، قرر إنهاء عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والذي يؤدي دورًا شبيهًا بمقر البعثة الفلسطينية هناك.

تأتي الخطوة تنفيذًا لقرار إدارة ترامب الصادر قبل نحو عشرة أشهر والذي قضى بعدم تمديد فتح المكتب. وبموجبه، أبلغت السلطة الفلسطينية بإغلاق مكتب المنظمة يوم 13 سبتمبر، بالتالي، يبدو الإغلاق نهائيًا، لا مجرد تعليق عمل المكتب، الذي لم تعدّه واشنطن يومًا سفارة لكونها لا تعترف بدولة فلسطين طبعًا. وظلت الإدارات الأميركية المتعاقبة تجدد الإذن لبعثة منظمة التحرير في واشنطن، للبقاء، كل ستة أشهر، علمًا أن القرار الأميركي الجديد تزامن مع الذكرى الـ25 لاتفاق أوسلو الموقع في أميركا.

الرد الفلسطيني على الخطوة الأميركية، لا يزال هزيلًا ومتواضعًا فحتى الآن اقتصر الأمر على ما قيل أنه تسريع الانضمام إلى المنظمات والوكالات الدولية المختلفة، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية. فالتفاهم الذي جرى بين محمود عباس والإدارة الأميركية بعهد الرئيس باراك أوباما، قضى بعدم انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية و22 منظمة دولية، لكن السلطة الفلسطينية انضمت إلى أربع من هذه المنظمات أهمها منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية والإنتربول.

تبدو إدارة ترامب مستمرة في تنفيذ قائمة طلبات الحكومة الإسرائيلية وكان أولها إغلاق بعثة فلسطين لدى الولايات المتحدة لنسف العلاقة الثنائية بين البلدين حتى ما بعد فترة إدارة ترامب من جهة، ومن جهة أخرى هذا الإغلاق يأتي في سياق تعهد الإدارة الأميركية بحماية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة وضد الشعب الفلسطيني.

أغلقت البعثة الفلسطينية في واشنطن لكن علم فلسطين ظل مرفرفًا على المبنى الذي احتضنها خلال السنوات الماضية، إدارة ترامب واللوبي الصهيوني الذي يتحكم بقراراته تدرك جيدًا أن تصفية التمثيل الفلسطيني الرسمي لن يمنع زوال القضية الفلسطينية من ضمائر المتعاطفين معها أو نسيانها من أبنائها، لكن ذلك بالمقابل يتطلب جهدًا فلسطينيًا حثيثًا للبحث عن حلفاء جدد وتقوية الموقف الفلسطيني في مواجهة الهجمة الإسرائيلية الأمريكية الشرسة لتصفية ما تبقى من قضية فلسطين، وهو ما يستدعي بداية توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الممارسات التعسفية والمواقف الاستعلائية من السلطة تجاه غزة، لتأمين موقف فلسطيني موحد في مواجهة القادم من التحديات والعواصف التي قد لا تكون سياسية فحسب!

اخبار ذات صلة