يتغاضى مسؤولو السلطة وحركة فتح عن فشل اتفاق أوسلو في تحقيق أي تقدم لمصلحة القضية الفلسطينية، رغم تنازله عن 78% من أرض فلسطين التاريخية، ومراهنة رئيس السلطة محمود عباس خلال لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ما سمّاه "صفقة العصر"، وينشغلون بفرض إجراءات عقابية على غزة.
وفي خطوة يبدو أن أحد أهدافها التغطية على هذا الفشل الذريع الذي منيت به السلطة رغم تنازلاتها، يستمر مسؤولو السلطة وفتح في كيل الاتهامات لحركة حماس، التي اكتسحت نتائج الانتخابات التشريعية في 2006م، بحصولها على 76 مقعدا من أصل مقاعد المجلس التشريعي البالغة 132.
وعلى هذا المنوال، يهاجم قادة السلطة وفتح أي محاولة لفك الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة –دون أثمان سياسية كما يؤكد قادة المقاومة- بادعاء أن ذلك يساهم في تطبيق "الصفقة"، فمن وجهة نظرهم أن التخفيف من معاناة المواطن في غزة يرمي "لتصفية القضية الفلسطينية"، أما وجود سلطة بلا سلطة في الضفة وملاحقة المقاومين والتنسيق في 99% من القضايا، كما قال عباس، فلا يضر بالقضية من منظوره.
وعباس الذي سبق أن تنازل عن حقه في العيش بمدينته صفد، التي هجرت العصابات الصهيونية أسرته منها، ردد في مناسبات عدة أقواله الشهيرة: "أنا ضد المقاومة.. أنا علنا بحكي، أنا ضد المقاومة علنا"، "نحن نشتغل عند الاحتلال"، "أنا عايش تحت البساطير الإسرائيلية"، "التنسيق الأمني مقدس".
وترفض حماس الاعتراف بـ(إسرائيل)، وتؤكد بصفة مستمرة حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال، وفي مقدمتها المقاومة المسلحة.
ويقول الباحث في قضايا الإعلام السياسي والدعاية حيدر المصدر: "إن جل ما تقوم به حركة فتح هو ممارسة التشويه بالدرجة الأولى بربط حماس في قضايا معينة تحاول من خلالها فض الجماهير من حولها أو تحريضهم عليها"، لافتا إلى أن ضعف فتح الظاهر بعشوائية الدعاية الممارسة ضد حماس ما يعني أنها لا تملك استراتيجية واضحة.
ويضيف لصحيفة "فلسطين" أن فتح لا تعتمد إلا على "أنشطة مؤيديها بالتحديد في قطاع غزة لتشويه حماس".
ويتابع: "إذا ما نظرنا إلى وسائل حركة فتح نجدها غير ذات تأثير دعائي، إلا من مسألة تبني مؤيديها أطروحاتها ونشرها على مواقع التواصل، وهذا لا يمكن التعامل معه كممارسة دعائية منظمة بقدر ما يمكن النظر إليه بوصفه ممارسة فردية دعائية".
وبشأن الاتهامات المستمرة من مسؤولي فتح والسلطة، يوضح المصدر أن هذا جزء من الممارسة العشوائية التي تحاول إقناع الآخر سواء المواطن الفلسطيني أو القاعدة الشعبية لحماس بمزاعم أن ما ستحققه الأخير هو ذاته ما حققته فتح سابقا "وبالتالي يحاول صاحب الخطاب التقليل من شأن استراتيجيات حماس في المواجهة سواء بشكلها العسكري أو السلمي، على قاعدة أن ما سيتحصل هو ذاته ما تحصل سابقا"، واصفا هذا النوع من الأطروحات بأنه "خبيث".
ويبين المصدر، أن فتح قد تسعى لإبقاء حالة "العداء" مع حماس، وهو ما يستجيب وينصهر مع سياسة (إسرائيل)، وكنتيجة تعزز فرص بقائها في الضفة الغربية لكونها تتبنى المفاوضات كخيار بعكس حماس، مشيرًا إلى أن هذه الحالة تستجلب تنسيقًا دائمًا مع (إسرائيل) ما يحفظ استمرارية وظيفة السلطة الأمنية التي هي السر الحقيقي لبقائها.
مسألة دعائية
من جهته يؤكد أستاذ الإعلام د. فريد أبو ضهير، أن تضخيم مسألة إدخال وقود قطري لغزة والترويج لادعاءات لكونه "في سياق صفقة القرن" هو مسألة دعائية بالدرجة الأولى.
ويقول أبو ضهير لصحيفة "فلسطين": "السلطة استغلت حل اللجنة الإدارية والاستعداد لتسليم غزة إليها وتشكيل حكومة وفاق وطني حتى تفرض وجودها وسيطرتها في قضية المصالحة، وتعد ذلك كأنه اعتراف ضمني بأن السلطة ورئيسها الممثل الوحيد للقضية الفلسطينية".
ويضيف أبو ضهير: "السلطة عدت إدخال وقود قطري لغزة دون تنسيق معها كسرا للحصار والعقوبات المفروضة على القطاع".
وتشمل الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة على القطاع منذ مارس/ آذار 2017 الخصم من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، كما تمس مجالات حيوية كالصحة والكهرباء والوقود، وغيرها.