حالة وطنية وثورية ممتدة ومتصاعدة مع مرور الأيام تجسدها مسيرات العودة وكسر الحصار تعكس رغبة الفلسطينيين من أهل القطاع على فرض واقع جديد على الاحتلال بإمكانات متواضعة وإرادة صلبة لا تعرف التردد أو الاستسلام، تترجمها بسواعد الأبطال وسط ميدان الاشتباك.
فلا يخفى على أحد طبيعة الأدوات والوسائل التي يستخدمها شعبنا في قطاع غزة، أثناء المسيرات القائمة على الحدود، في ظل حالة الاشتباك المستمرة منذ عدة أشهر والتي تنطلق نحو العودة وكسر الحصار، في كل يوم نجد وسائل وأدوات جديدة يبدع في إيجادها واستخدامها هؤلاء الأبطال.
وذلك لزيادة الضغط الحاصل على الاحتلال واستنزاف قواته بشكل متصاعد، وتحقيق أكبر قدر من الخوف والإزعاج لمستوطنيه الذين يغتصبون الأراضي الفلسطينية بقوة واقع الاحتلال، ظن العدو الصهيوني أن حالة الاشتباك ستكون لأسبوع فقط، ثم رجح أن تنتهى الأحداث في غضون أسبوعين، ثم عاد ليقول المسيرات قائمة لكن هناك عدم إقبال من أهالي القطاع، لم يكن يتوقع أن يزداد زخم المسيرات بهذا الشكل، أو إدخال وسائل جديدة، واتساع مساحة المواجهة، وتفعيل أيام أخرى من الأسبوع.
لكن أصبحت معظم الأيام فيها حشد يصاحبه فعاليات مختلفة، إذن المواجهة مستمرة ومتصاعدة وتم إضافة نقاط اشتباك جديدة، فلم يعد الأمر مقتصراً على عدد النقاط الموجودة بل تعدى الأمر ذلك، ولم يعد كذلك مقتصراً على المواجهة البرية عبر الحدود الزائلة، بل امتدت حرارة الأحداث لتنضم مناطق بحرية إلى المواجهة والاشتباك، فالفلسطينيون عازمون على إشعال كل الحدود البحرية والبرية وإشغال الاحتلال واستنزاف قواته بكل الأشكال وفى كل أماكن تواجده على حدود غزة.
كما أن الفلسطينيين تنظر أعينهم إلى باقي الأرض الفلسطينية المحتلة ويتأثرون بما يحدث في غزة، فهذه الحرارة ربما تمتد أيضاً إلى مناطق أخرى خارج قطاع غزة، إلى الضفة الفلسطينية والقدس والثمانية وأربعين، وكذلك في الشتات لأن من يقيم أيضاً خارج فلسطين يمكنه تنفيذ فعاليات وأنشطة واحتجاجات أمام السفارات والقنصليات والمؤسسات والمراكز والمحافل الدولية ليشكل إضافة جديدة وعاملاً ضاغطاً على كيان الاحتلال.
المتابع لحقيقة الأحداث يجد أن هناك مماطلة من الاحتلال وتسويف متعمد وتأجيل مقصود تجاه المطالبات بكسر الحصار، لأنه يعتقد خاطئاً أن انتهاء فصل الصيف يمكن أن يحد من حرارة الاشتباك ويطفئ لهيب الثورة ويخمد هذه المسيرات ويفقدها أهم وسيلة وهى البالونات المزعجة التي تحدث إرباكاً وتتسبب في حرق الأراضي المغتصبة،
لكن الحقيقة أن الشعب الفلسطيني شعب لديه من الإبداع ما يكفى ومن الهمة العالية والعزيمة نحو تقديم التضحيات ما يفوق تصور هذا العدو المجرم، وفى كل لحظة يبتكر وسائل سلمية جديدة يمكن استخدامها بشكل فاعل في مواجهة هذا العدو العنصري البربري المجرم.
ولكن شيئاً فشيئاً، سيسقط الرهان على انقضاء فصل الصيف، لانتهاء الحرائق في الغلاف، و ربما الشتاء يكشف لهم تفاصيل يجعلهم يتمنون أن يعود الصيف مجدداً، إنها حقيقة سيجدونها واقعاً، فغزة وأبطال المسيرات جاهزون وينتظرون فقط دخول الشتاء، ليفعلوا بهم الأفاعيل، لذلك لا تسوفوا ولا تعطلوا ولا تراهنوا كثيراً على انخفاض وتيرة تأثير أدوات المسيرات، فالأيام ستكشف ما في جعبتها.
ورسالتي إلى كل الذين حاولوا نشر الأكاذيب والإشاعات أن المسيرات ستتوقف بمجرد تحسين الوضع الإنساني في غزة، ما يحدث على الأرض من فعاليات وما تلاحظون من حرائق مستمرة ومن حشود غاضبة وملتهبة وثائرة على الحدود الزائلة يكفي للرد على نواياكم وتصريحاتكم وموادكم التي لا تجد رواجاً لدى شعبنا البطل، فنحن عازمون على مواصلة الكفاح والنضال وإبقاء حالة الاشتباك لان غزة تتطلع لانتزاع الحقوق الفلسطينية، والمسيرات متواصلة ولن تتوقف مادام فينا رمق من حياة.