فلسطين أون لاين

جني الزيتون في الضفة .. سباق الزمن من أجل إنقاذ المحصول

...
صورة تعبيرية
نابلس- فلسطين أون لاين

مع ساعات الفجر الأولى، يحزم المزارع الفلسطيني محمد الزبن، عتاد عمله، ليتوجه نحو حقول الزيتون ببلدته "بورين" قضاء نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.

عشرات من أشجار الزيتون تصطف مثقلة بثمارها بانتظار أصحابها لجنيها في مثل هذه المدة من كل عام، قبل أن تمتد إليها أيادي المستوطنين وتستولي عليها.

اعتداءات متكررة باتت تشكل هاجسا بالنسبة "للزبن" وغيره من أصحاب شجر الزيتون في حقول "بورين"، ما يدفعه وغيره من سكان بلدته، لمسابقة الزمن لقطف ثمارهم قبل سرقتها من المستوطنين.

وتحيط بـ"بورين" ثلاث مستوطنات إسرائيلية، ويمر عبر أراضيها شارع استيطاني، ما يجعل الحقول الموجودة فيها معرضة لغزو المستوطنين ممن يسرقون المحاصيل ويستولون عليها في غفلة من أصحابها.

ولتلافي اعتداءات المستوطنين، يسارع "الزبن" - كغيره من سكان بلدته-، لجني ثمار أشجاره.

وقال الزبن (57 عاما)، وهو يجني حبات الزيتون مع أفراد عائلته: "نسابق الزمن، ونسعى لجني الثمار قبل سرقتها من قبل المستوطنين".

ومشيرا بسبابته إلى مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي البلدة، أضاف: "يسكن هناك مستوطنون يشنون أعمال عربدة واعتداءات متكررة على السكان والمزارعين".

وفي الواقع، تعرضت مزارع الزبن في العديد من المرات، للحرق والتخريب من قبل المستوطنين.

ووفق الزبن، فإن المستوطنين "يريدون تهجيرنا من الأرض للسيطرة عليها"، خصوصا وأن مداخل معظم سكان البلدة تعتمد بشكل حصري على مردود عملهم الزراعي.

وكغيره من المزارعين الفلسطينيين، يشتكي "الزبن" من ضعف موسم جني الزيتون لهذا العام.

وقال بلهجته العامية "الزيتون السنة شلتونة، ما في عليه النصف"، أي أن "محصول هذا الموسم ضعيف جدا".

غير بعيد من الزبن، وقفت زوجته رحاب وعدد من أطفاله الصغار، ممن كانوا يساعدونه في جني الزيتون.

وقالت رحاب: "طوال العام، تتعرض المزارع والمساكن لاعتداءات المستوطنين، وتزداد بشكل ملحوظ خلال موسم جني الزيتون".

وتابعت: "لا نخافهم رغم أنهم يحتمون بأسلحتهم وبالجيش الذي يوفر لهم الحماية".

وتعدّ رحاب الطعام، وتطهو الشاي على نار الحطب، ثم تنضم لأطفالها وزوجها لاستكمال عملية الجني.

وعن ذلك تقول: "موسم الزيتون مميز، تجتمع فيه كل العائلة، نأكل طعاما تقليديا، ونصنع الشاي على الحطب، ولا يعكر الموسم سوى اعتداءات المستوطنين".

وبجوار حقل الزبن، تتراءى عائلات فلسطينية تجني بدورها أشجار زيتونها، في موسم عادة ما يتميّز بمشاركة أفراد العائلة فيه.

تصاعد الاعتداءات

ورأى الناشط في مقاومة الاستيطان غسان النجار، أن "موسم قطف ثمار الزيتون هو موسم أيضا لتصعيد المواجهة مع المستوطنين".

وأوضح النجار أنه "غالبا ما تتعرض العائلات خلال قطف الثمار للاعتداءات، بالضرب وإطلاق النار من قبل مستوطنين بحماية من الجيش الإسرائيلي".

ولفت إلى أن الأهالي وثقوا بالتصوير (فيديو) عملية سرقة محاصيل الزيتون من قبل مجموعة من "مستوطني يتسهار".

وأشار النجار بإصبعه إلى المستوطنة الواقعة في الجهة الجنوبية للبلدة، قائلا: "يسكنها أكثر المستوطنين تطرفا، ويشنون أعمال عربدة واعتداءات على المركبات والمساكن والسكان".

وقال: "يعتقدون أن الزيتون شجرة مباركة للشعب اليهودي، وتحرّم على غيرهم، كما أن هناك دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين المستوطنين، لسرقة المحاصيل ومنع المزارع الفلسطيني من قطف ثمار أشجار الزيتون".

من جهته، أشار مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة الغربية، غسان دغلس، إلى تصاعد اعتداءات المستوطنين على الممتلكات والمزارعين الفلسطينيين خلال موسم قطف الثمار.

وقال دغلس: "هناك حملة منظمة ومتواصلة من المستوطنين لسرقة ثمار الزيتون في محافظات الضفة الغربية، وتتركز في شمالها".

ولفت إلى أن مؤسسات فلسطينية، حكومية وأهلية، أطلقت حملة لمساعدة المزارع الفلسطيني في جني ثمار الزيتون في الحقول المجاورة للمستوطنات.

واعتبر دغلس أن المستوطنين "يريدون طرد الفلسطيني من أرضه للسيطرة عليها"، مشددا على أن "هذه أرضنا وسنبقى فيها وندافع عنها، ووجود المزارع فيها تحدّ وتأكيد على تمسكه بها".

ولا يختلف الوضع في عشرات البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، عما هو عليه في "بورين"، بحسب دغلس.

وانطلق موسم قطف ثمار الزيتون في الضفة الغربية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وتوقع فياض فياض، رئيس مجلس الزيت والزيتون، إنتاج نحو 10 آلاف طن من زيت الزيتون لهذا العام.

ولفت إلى وجود تراجع في الإنتاج عن العام الماضي، حيث وصل نحو 17 آلف طن، فيما تحتاج السوق الفلسطينية من 12 إلى 13 ألف طن تقريبا من الزيت سنويا.

ويبلغ عدد أشجار الزيتون المثمرة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، نحو 8.5 ملايين شجرة مثمرة، إضافة إلى 2.5 مليون شجرة غير مثمرة، بحسب وزارة الزراعة الفلسطينية.

وتشكل مبيعات الزيتون والزيت 1 بالمائة من الدخل القومي العام الفلسطيني.