كانت بداية القصة قبل ثلاثة أعوام عندما قُصف منزل العائلة في غارةٍ جوية في الحرب الأخيرة على غزة، ليتدمر المنزل جزئيًّا، ولكنه من قبل ذلك لم يكن صالحًا للسكن، ولم تكن العائلة تستطيع إصلاحه أو هدمه وبناء منزلٍ جديد، واضطرت العائلة إلى إزالته كليًّا، ولكنها لم تحصل على سوى مساعدات بسيطة تمكنت بها من بناء أساسات المنزل فقط، وكانت تعيش ليلها ونهارها في بيت مكون من أحجار مصفوفة فقط.
معاناة كبيرة
هذه العائلة التي تقطن في مخيم البريج بدأت معاناتها بعد إصابة "رب الأسرة" بالغضروف في ظهره، وضعف في النظر، ولم يستطع العمل لسد حاجات عائلته.
عائلة (ر. م) عائلةٌ معدمة تعيش على ما تحصل عليه من مساعدات من أهل الخير، وبعد هدم منزلها لم تتمكن من إيجاد مأوى لها إلا بين الحجارة المصطفة، فكانت تعيش بين الزواحف والقوارض إلى أن تواصلت معهم إحدى المؤسسات الخيرية لتساعدهم على إكمال بناء المنزل.
تقول (ر. م) عن أوضاعها المادية: "بعد أن توقف زوجي عن العمل لم نجد مصدر دخلٍ آخر سوى مساعدة الشئون الاجتماعية التي نحصل عليها كل أربعة أشهر، إلى أن تواصل معنا أهل الخير وساعدونا على إكمال أساسيات المنزل".
أشبه بالعدم
وتضيف: "اضطررنا هذه المدة إلى استدانة مبالغ كبيرة لنتمكن من إكمال بناء المنزل، والحمد لله الآن قطعنا جزءًا كبيرًا من المعاناة، ولم يتبق سوى النوافذ والأبواب والبلاط، وهذه لا نستطيع توفيرها في ظل تراكم الديون علينا".
وتتابع حديثها: "وضعنا المادي سيئ، ولا يوجد دخل نعتمد عليه، حتى الطعام الذي أصنعه للعمال استدنته من أهل الخير كي نستر أنفسنا، كل ما نريده أن نعيش في "بيتٍ مِلك" بعيدًا عن الزواحف والأمطار التي كانت تملأ المنزل القديم".
وتكمل قولها: "حياتنا أشبه بالعدم؛ فلا يوجد لدينا ثلاجة ولا غسالة، سوى موقد غاز قديم أصنع عليه الطعام، الآن أفكر عندما نسكن في البيت من أين سأوفر الأثاث، الحمد لله، لولا أهل الخير لما كان وضعنا على ما هو عليه الآن".
تحلم هذه الأم أن تكمل بناء بيتها الجديد لتعيش في راحةٍ، بعيدًا عن الحالة السيئة التي قضتها في منزلها القديم مدة عامين.
وتقول (ر.م): "الآن نعيش في غرفة واحدة داخل المنزل غير المشطب أساسًا، وننام بعضنا بجانب بعض، ونفكر كيف سنستطيع سداد الديون المتراكمة علينا، وأتساءل: أي الأبواب سيفتح الله لنا لاشتراء النوافذ والأبواب والبلاط؟، أملنا في الله كبير".
من العيد للعيد
وتزيد: "ينقصنا الكثير من الأشياء؛ فمثلًا لا توجد خزانة أضع فيها ملابس أبنائي، ولا فِراش جيد ينام عليه أبنائي، حتى ملابس أطفالي بصعوبة أستطيع تدبيرها من أهل الخير، دائمًا أحصل على الملابس القديمة من الأقارب أو الجيران، ولا نشتري ملابس إلا في العيد فقط ليفرح بها أبنائي".
تعتمد هذه العائلة غالبًا على أظهر أو أجنحة الدجاج المثلجة فقط لتطعم أبنائها في بعض الأحيان، وغالبًا تضطر إلى طهي ما هو متوافر لديها مما تحصل عليه من أهل الخير، وهي لا تتمنى سوى أن تجد من يساعدها على إكمال بناء منزلها الذي هدم منذ ثلاث سنوات، ولم تستطع إتمام بنائه حتى الآن.