قائمة الموقع

​مسيحيو القدس... "أقلية" توشك على الرحيل

2017-01-23T08:01:08+02:00
جانب من كنيسة القيامة (الأناضول)

تضاءل عدد الفلسطينيين المسيحيين بشكل ملحوظ في مدينة القدس خلال السنوات الماضية، ليصل إلى 3.3%، بعد أن كانوا يشكلون نحو نصف السكان قبل عام 1948.

ويصل عدد المسيحيين في القدس حالياً لنحو 10-12 ألف نسمة، من اجمالي عدد السكان البالغ 300 ألف فلسطيني.

وبحسب، حنا عيسى، رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية (تجمع أهلي) فإن عدد المسيحيين في القدس، وفق إحصاء 1922 (أجراه الانتداب البريطاني) كان يفوق عدد المسلمين بقليل.

وأضاف عيسى :" كان عدد المسيحيين في ذلك الاستطلاع نحو 14700 نسمة، والمسلمون 13400 نسمة".

وتابع:" في إحصاء عام 1945 (أجراه الانتداب البريطاني أيضاً)، بلغوا نحو 29350 نسمة، والمسلمون 30600 نسمة".

وذكر أن عدد المسيحيين في القدس هبط عام 1947 إلى 27 ألفاً، بسبب "الأوضاع الحربية" التي نشأت، عشية صدور قرار التقسيم عام 1947.

وأوضح أن أعداد المسيحيين في القدس، كان يفترض أن تصل إلى نحو مائة ألف نسمة، عام 2000، لولا "الاحتلال الإسرائيلي"، وممارساته.

وكشف عيسى أن 50% من مسيحيي القدس، فقدوا منازلهم في غرب القدس المحتلة عام 1948، عقب إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار أيضاً إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي صادرت 30% من الأراضي التي يملكها مسيحيو شرق القدس المحتلةبعد احتلال المدينة عام 1967.

ويشير حنا إلى أن قضية المسيحيين في القدس، هي جزء من إشكالية انخفاض أعدادهم في فلسطين بشكل عام.

ويؤكد أن جذور المسيحيين العرب "تضرب عميقاً في أرض فلسطين".

ويشير عيسى ، إلى أن أعداد المسيحيين الفلسطينيين بشكل عام، تقدر بنحو 600 ألف نسمة، غالبيتهم تقطن خارج فلسطين في الوقت الحالي.

وأضاف:" 70% من مسيحيي فلسطين، خارج الوطن، بينما بقي 50 ألف مسيحي موزعين بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح أن عدد المسيحيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس، يبلغ نحو 47 ألفاً، وثلاثة آلاف في قطاع غزة".

وأوضح أن نسبة المسيحيين في أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة والقطاع) لا تتجاوز 1.25% في الوقت الحالي.

ويبلغ إجمالي عدد الفلسطينيين في الضفة وغزة نحو 4.81 مليون نسمة، بحسب مركز الإحصاء الحكومي، لعام 2016.

ويتبع نحو 51% من المسيحيين الفلسطينيين لكنيسة الروم الأرثوذكس، وتتوزع البقية على نحو 7 كنائس أخرى، أهمها اللاتين (الكاثوليك) 33%، والروم الكاثوليك 6%، والبروتستانت 5%.

كما يقطن نحو 117 ألف مسيحي فلسطيني، داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.

من جانبه، يشير الناشط والباحث الاجتماعي في القدس، نبيل إيميل عبد الله (مسيحي الديانة)، إلى أن عدد المسيحيين في القدس وصل إلى "منحى كارثي".

وأضاف عبد الله:" اندثارهم (مسيحيو القدس) يعني تغيير هوية المجتمع والفيسفساء التي تشكل جميع الطوائف في القدس".

وتابع:" المسيحيون جزء أساسي من النسيج الاجتماعي الفلسطيني بشكل عام والمقدسي بشكل خاص، لكن هناك تخوف من اندثار الوجود المسيحي بالقدس في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وسيصبح من الصعب أن تجد مسيحياً فيها".

ويُرجع الباحث الاجتماعي أسباب التناقص في عدد المسيحيين بالقدس لأسباب داخلية وأخرى خارجية.

وعدّ الباحث إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين بالقدس، من أبرز العوامل الخارجية، وقال:" الإجراءات تطال جميع الفلسطينيين المقدسيين، من هدم لمنازلهم وتهجير وتهويد، ومنغصات يعيشها جميع الفلسطينيين في المدينة".

وتابع:" لا أفضل وصف المسيحيين بالقدس بالأقلية، لكن هذا هو الواقع الآن".

وتلعب البطالة، وقلة فرص العمل المتوفرة والأوضاع الاقتصادية الصعبة في المدينة، دوراً مهماً في هجرة المسيحيين للخارج، بحسب عبد الله.

ويتركز الوجود المسيحي في القدس بالبلدة القديمة، وبلدة بيت حنينا (شمال)، وبلدة بيت صفافا (جنوب)، وفي منطقة الشياح قرب بلدة الطور وسط المدينة.

أما الطوائف المسيحية الأساسية في مدينة القدس، فهي بحسب الباحث الاجتماعي تتكون من اللاتين، والروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، والسريان، والطائفة الأرمنية، وطوائف أخرى.

ونوه عبد الله، إلى أن الطائفة الأرمنية هي الوحيدة التي لا يعتبر المنتمون إليها من أصول عربية، إذ أنهم مهاجرون من أرمينيا جاؤوا إلى القدس خلال الـ 150 عامًا الأخيرة.

وقال:" المسيحيون في القدس، كما في فلسطين وبلاد الشام بشكل عام، مكوّن أساسي من التاريخ والحضارة العربية، والمجتمع العربي لا يمكن أن يكون عربيًا دون المسيحيين".

من ناحيته، أشار رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في القدس، الأب عطا الله حنا، إلى أن العامل الأساسي الذي أدى إلى تراجع أعداد المسيحيين في فلسطين عامة، والقدس خاصة هو "الاحتلال الذي استهدف كل الشعب الفلسطيني، منذ عام النكبة الفلسطينية ١٩٤٨ وحتى يومنا هذا".

ولفت إلى دور الكنيسة في مواجهة هجرة الفلسطينيين المسيحيين من القدس.

وقال:" تقوم الكنيسة بدور أساسي بتوجيه المسيحي توجيهاً سليماً، حتى يبقى في المدينة ويصمد ويستمر وجوده في هذه الأرض المقدسة، وتسعى بطوائفها كافة للتأكيد لرعاياها أن الفلسطيني المسيحي هو مكوِّنٌ أساسي من مكونات الشعب الفلسطيني، هو جزء من تاريخه ونضاله وهويته".

وأشار الأب حنا إلى أنه بعد "النكبة" في العام ١٩٤٨، وهجرة أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى القدس، فتحت الأديرة أبوابها لكل اللاجئين من المسيحيين وغير المسيحيين، تعبيراً عن التضامن والوقوف معهم في بقائهم وثباتهم في فلسطين.

وعن ارتباط المسيحيين بالمدينة المقدسة يقول:" لا يمكن الحديث عن المسيحية دون الحديث عن القدس، إذا ما كانت القدس بالنسبة للمسلمين القبلة الأولى وثالث الحرمين الشريفين، فهي بالنسبة للمسيحيين القبلة الأولى والوحيدة".

ومضى الأب حنا قائلاً:" لا يوجد هناك ما هو أهم في التاريخ المسيحي وتراثه من القدس، وفلسطين مهد المسيحية والأرض المقدسة التي منها انطلقت الرسالة المسيحية إلى مشارق الأرض ومغاربها".

وتابع:" كنيسة القيامة في القدس هي المكان المقدس والأهم الذي يكرمه المسيحيون، حيث أهم المواقع المقدسة المرتبطة بالمراحل الأخيرة بحياة السيد المسيح على الأرض، وبالتالي تعد القدس المركز الأعرق والأهم، مع احترامنا للمراكز الروحية المسيحية الأخرى شرقاً وغرباً".

اخبار ذات صلة