مع كل موسم قطاف لثمار الزيتون بالضفة الغربية المحتلة، ينشط المستوطنون بعربدتهم أكثر من ذي قبل، متسلحين بدعم حكومة الاحتلال الإسرائيلي وما يحمله بعضهم من أسلحة نارية على أكتافهم، فيستبيحون ممتلكات الفلسطينيين وأراضيهم ومزارعهم وأشجارهم.
المسن فوزي غانم من قرية "اماتين" شرق قلقيلية، والمجاورة لبؤرة "جلعاد" الاستيطانية يقول: "غاب عن موسم الزيتون طقوسه التراثية الأصيلة، فكل من يذهب لقطف ثماره في الأراضي القريبة من المستوطنات، يكون همه الأول السرعة القصوى في قطف الثمار والعودة للمنزل، فإرهاب المستوطنين يسكن المنطقة وجرائمهم على مدى السنوات الماضية شاخصة أمامنا".
وأضاف غانم لصحيفة "فلسطين": "نكون في أرضنا بحالة ترقب وانتظار المجهول، ومن يعيش هذه اللحظات لا يكونقادراً على التغني بمواويل تراثية كما كنا في السابق، فالفرحة مسلوبة من قلوبنا".
المزارع إسماعيل أبو هنية يقول: "أتذكر الأيام الخوالي كيف كان موسم الزيتون فيه الفرحة والطقوس الجميلة واللمات العائلية، وبعد أن اكتست الأراضي بـ"القرميد الأحمر" أصبحت حياتنا في خطر، فهذه المستوطنات لا تترك لنا فسحة حتى في موسم الزيتون، وعندما أحدث أبنائي عن موسم الزيتون الماضي يتحسرون كما أتحسر اليوم على ما مضى من أيام كنا نعيش فيها دون منغصات".
أما المزارع عبد الله زيد الذي يتنقل بين منزله وأرضه خلف جدار الفصل العنصري في قلقيلية على ظهر دابته قاطعاً مسافة طويلة عبر بوابة أمنية، يقول: "ساق الله على أيام زمان، عندما كنت أنام في أرضي آمنا مطمئنا، أما اليوم فلا نوم ولا اطمئنان ولا موّال، فكل شيء أصبح صامتا بعد أن جاءت هذه الأسلاك والبوابات والخنازير البرية وغيرها من المنغصات".
وفي قرية كفر قدوم المغلق مدخلها الرئيس منذ عام 2000، يقول منسق المسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان مراد اشتيوي، إن الاستيطان خطف مضمون وجوهر موسم الزيتون وأصبح هذا الموسم بجماله ورونقه موسم خطر على حياة المواطنين الذين يتعرضون لمضايقات المستوطنين وجنود الاحتلال".
وأضاف اشتيوي لـ"فلسطين"، أن أراضي المواطنين أصبحت مسرحاً لجرائم منظمة من الاحتلال ومستوطنيه بحق المزارعين، وأن كل ما يرافق موسم الزيتون من تراث غاب ولم يعد إلا بالحد الأدنى، "فالفلسطيني يقاوم على أرضه مسلحاً بالإيمان والصبر في مقابل مستوطنين مسلحين بالإجرام والسلاح والحقد الدفين".
وتابع أن قرية كفر قدوم التي تخوض معركة فتح الشريان الرئيس مثخنة بالجراح، "ففي كل أسبوع قمع واعتداء واعتقال، وهذه الحالة تنعكس على حياة الأهالي الذين لا يجدون متسعا للفرح في موسم الزيتون الفلسطيني".
المؤرخ من قلقيلية سمير الصوص أوضح أن موسم الزيتون الفلسطيني بعد النكبة والنكسة وإقامة الجدار العنصري والمستوطنات تغيرت طقوسه، مشيراً إلى أنه "قبل كل ذلك كانت حقول الزيتون في أراضينا المحتلة عام 1948 في موسمها محطةً جميلة في كل تفاصيلها، وبعد ذلك تقطعت إرباً للمستوطنين وطرقهم، وضاعت كل التفاصيل الجميلة لهذا الموسم التاريخي".