رد فعل مسؤولي الاحتلال على العملية التي وقعت الأحد الفائت بالمنطقة الصناعية في المجمع الاستيطاني «بركان» وقتل فيها مستوطنان وأصيب آخر، ونجاح منفذ العملية بالانسحاب من المكان، كما ذكرت سلطات الاحتلال، كان كصعقة صادمة وخوف وارتجاف من عواقبها التي لم تكن منذ فترة طويلة في الحسبان بأن الأمن في الضفة هو سيد الموقف والتعويل على التنسيق الأمني وغيره من الإجراءات الأمنية التي أصبحت لا جدوى منها.
اليوم اختلفت الصورة كلية لدى أجهزة أمن الاحتلال ولدى الخبراء والمحللين الإسرائيليين، فباتوا يخشون من تدحرج كرة النار فعلًا، وأخذوا يحذّرون من أنَّ عملية بركان قنبلة موقوتة، بسبب العقوبات الجماعية وإجراءات الاحتلال قد تؤدي إلى انفجار الوضع في الضفة الغربية المحتلة، وأن يؤدي "القمع المفرط" من الاحتلال للفلسطينيين إلى تصعيد التوتر، وهو ما يدفع إلى التساؤل: هل كانت هذه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنتظر عملية كهذه لتعلن مثل هذا التحذير على الرغم من أنها تدرك طبيعة الإجراءات التعسفية والقمعية التي يتخذها الاحتلال ضد أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة.
فالأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تبشر بخير والتهديد وزيادة التصعيد الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا سواء في غزة أو الضفة من أعمال قتل وجرح واعتقال ومصادرات أراضٍ واستيطان وتهويد للقدس إلخ من الممارسات مع ما يرافقها كل يوم من تهديد ووعيد لشن عدوان جديد على غزة، خاصة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه أفيغدور ليبرمان، هذا إذا لم نضِف إليها المواقف العدائية لشعبنا وحقوقه التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ربما لا يدرك مسؤولو الاحتلال خطورة نصائح هؤلاء المحللين أو قد يتجاهل الضوء الأحمر الذي أشعلته عملية بركان، لكنه سيكون أول النادمين على هذا، فإن ما يجري اليوم من عدوان الاحتلال السافر على الشعب الفلسطيني وحقوقه وبدعم أميركي وسط انسداد الطريق تمامًا نحو أي حل للقضية الفلسطينية يشكل تصعيدًا خطيرًا يدفع بالمنطقة بأسرها إلى حافة الانفجار وهو ما تتحمل مسؤوليته الإدارة الأميركية التي تشجع هذا الاحتلال على ارتكاب مثل هذه الفظاعات والانتهاكات، كما تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي انتهجت منذ وقت كل ما من شأنه تصفية القضية الفلسطينية، وبدأت تصعيدها الأخطر منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
فبدلًا من التهديد المستمر لغزة، يجب على الاحتلال أن يرفع الحصار عنها ويفتح الحدود، ويجب عليه أنيعترف بفشل مختلف أساليب القمع ومحاولات القفز عن الشعب الفلسطيني وقضيته، وفشل محاولات كسر إرادة الشعب الفلسطيني. ومن الأجدر به أيضًا العودة إلى التمعن في دروس وعبر صمود الشعب الفلسطيني عبر مختلف مراحل نضاله العادل، والعودة إلى دراسة تجارب كل الشعوب التي ناضلت ضد مستعمريها وانتصرت رغم جبروت القوة العسكرية.
لعل عملية بركان اسم على مسمى، فقد أشعلت في وجه مسؤولي الاحتلال الضوء الأحمر في اللحظة الأخيرة ما قبل الانفجار القادم، فإن من الأحرى بمسؤولي الاحتلال أن تفهم بأن الضغط والقمع والتعسف لا يولد سوى الانفجار، وأن جرَّ المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف وسفك الدماء لن يلغي القضية الفلسطينية ولن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني.