أثار إعلان المندوبة الأمريكية الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هيلي استقالتها وقبول الرئيس دونالد ترامب لها، أمس الثلاثاء، ردود فعل في (إسرائيل)، غلب عليها الحسرة على مغادرة المسؤولة الأمريكية لمنصبها خاصة أنها برزت كمدافعة شرسة عن الدولة العبرية على مدار أكثر من عامين ونصف العام.
التعبير عن تلك الحسرة يمكن تتبعه عبر عشرات البيانات والتغريدات في "تويتر" من كبار المسؤولين في الحكومة والمعارضة وحتى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
كانت هيلي استهلت توليها منصبها بالإعلان، خلال مؤتمر لمنظمة يهودية في الولايات المتحدة، استعدادها لاستخدام حذائها ضد كل من يتطاول على (إسرائيل) في الأمم المتحدة.
ففي التاسع والعشرين من مارس/آذار 2017، قالت هيلي في المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) في واشنطن: "زمن تقريع (إسرائيل) قد ولى، وأنا أرتدي حذاءً ذا كعب عال، ليس من أجل الموضة، ولكن لركل أي شخص يوجه انتقاداً لها".
ومنذ ذلك الحين، برزت هيلي كمدافع شرس عن (إسرائيل) في مؤسسات الأمم المتحدة.
ومنذ إعلانها استقالتها، مساء الثلاثاء، لم تتوقف بيانات الشكر الإسرائيلية لهيلي على دعمها لـ(إسرائيل)، والتي امتزجت مع الحسرة على غيابها عن منبر الأمم المتحدة.
وقال رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تصريح مكتوب : "أشكر السفيرة نيكي هيلي التي قادت نضالاً غير قابل للمساومة ضد النفاق الذي تمارسه الأمم المتحدة".
نتنياهو أضاف مخاطباً هيلي: "كما أن شعبنا ممتن للدعم الراسخ من قبل الرئيس ترامب لصالح (إسرائيل) في المكتب البيضاوي، فإننا ممتنون للدعم الراسخ الذي قدمتيه لـ(إسرائيل) في الأمم المتحدة".
أما رئيس دولة الاحتلال رؤوبين ريفلين فقال في تصريح مكتوب: "كانت السفيرة هيلي مناصرة قوية للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط و(إسرائيل)، ولم تتراجع أبداً عن دعمها لحقنا الواضح في الحفاظ على أمن منطقتنا"، على حد تعبيره.
وأضاف: "لقد قامت هيلي، أكثر من مرة، من خلال التحدث بوضوح، بتمزيق ستار دخان السخرية الذي كان يخفي ما تفعله الأمم المتحدة والمنظمات الدولية".
وكتب سفير الاحتلال في الأمم المتحدة، داني دانون، مقالاً على شكل رسالة في صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من الحزب الحاكم في (إسرائيل)، موجهة لهيلي.
وقال دانون: "لسنوات طويلة اعتدنا على اعتبار الأمم المتحدة منظمة لا تضم إلا الأكاذيب والتضليل وأنصاف الحقائق (...) لكن دخول السفيرة هيلي جاء بعهد جديد في أروقة المنظمة".
وأضاف دانون أن "التغيير الذي قادته هيلي في مجلس الأمن في مواجهة مشاريع قرارات إدانة (إسرائيل) أوقف عملية الدعم التلقائي للخطوات أحادية الجانب من قبل أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس). كما كان نداؤها للاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، جزءاً من نشاطها المكثف لصالحها ".
وانضم إلى نتنياهو وريفلين ودانون في توجيه الشكر لهيلي والحسرة على مغادرتها منصبها عدد من الشخصيات السياسية الأكثر يمينية في (إسرائيل).
وكتب وزير تعليم الاحتلال وزعيم حزب "البيت اليهودي" اليميني الاستيطاني، نفتالي بنيت، في تغريدة عبر "تويتر": "العزيزة السيفرة نيكي هيلي: نيابة عن شعب (إسرائيل): شكرا على كل ما فعلتيه من أجل (إسرائيل)، نحن لن ننسى".
واعتبر عضو "الكنيست" من حزب "الليكود" اليميني، الحاخام يهودا غليك، إن قرار هيلي بالاستقالة من منصبها "يفطر القلب".
وفي خطوة فريدة كتب جيش الاحتلال في حسابه على "تويتر": "شكراً لك نيكي هيلي على خدمتك في الأمم المتحدة ودعمك الثابت الذي لا يتزعزع لـ(إسرائيل ) والحقيقة، إن جنود الجيشيوجهون لك التحية".
لكن أيضاً في المعارضة الاسرائيلية تم إطلاق عبارات الثناء لهيلي على دعمها لـ(إسرائيل) في الأمم المتحدة.
وكتب زعيم حزب "هناك مستقبل" المعارض في حسابه على "تويتر": "نيكي هيلي هي صديق عظيم لـ(إسرائيل) وصوت مهم في الأمم المتحدة، لقد رفضت النفاق والانحياز في الأمم المتحدة من خلال الإقناع والوضوح، شكراً لك نيكي هيلي".
وسائل الإعلام العبرية اعتبرت أيضاً استقالة هيلي خسارة لـ(إسرائيل).
إذ قالت صحيفة" هآرتس" العبرية، الأربعاء: "بمغادرة هيلي للأمم المتحدة خسرت الجماعات المؤيدة لـ(إسرائيل) أكثر مسؤول يفضلونه في إدارة دونالد ترامب".
ولفتت في هذا الصدد إلى 13 موقفاً مسانداً لـ(إسرائيل) في الأمم المتحدة اتخذتها هيلي منذ توليها لمنصبها في الأمم المتحدة.
وركزت الصحف العبرية على تبعات استقالة هيلي على الحزب الجمهوري قبل شهر من موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الولايات المتحدة.
وقالت "هآرتس"، في هذا الصدد، إن استقالة هيلي في هذا التوقيت "تركت ترامب في أزمة؛ فهي مؤشر على صعوبة بقاء الحزب الجمهوري مسيطراً في مجلسيْ النواب والشيوخ، خاصة في ظل تعيين بريت كافانو قاضياً في المحكمة العليا الأمريكية رغم التهم التي وجهتها له سيدات بالاعتداء الجنسي عليهن".
أما "يديعوت أحرونوت" فتناول استقالة هيلي بالتحليل وقالت إن قرارها جاءت نتيجة لتهميشها من قبل إدارة ترامب بعد تعيين مايك بومبيو وزيراً للخارجية وجون بولتون مستشاراً للأمن القومي قبل ستة شهور تقريباً.
وأضافت الصحيفة العبرية أن العلاقة بين هيلي من جهة وبومبيو وبولتون كانت متوترة لدرجة أنها لم تبلغ أياً منهما نيتها الاستقالة.
وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع هيلي في البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، أن هيلي أبلغته قبل 6 شهور برغبتها في "أخذ قسط من الراحة مع نهاية هذا العام".
ونفت هيلي تقارير إعلامية تحدثت عن رغبتها في خوض انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة 2020.
وهيلي ذات أصول الهندية، وُلدت لعائلة من السيخ عام 1972 باسم نيمراتا رانداوا، قبل أن تغير اسمها إلى نيكي هيلي.
ودخلت عالم السياسة في سن مبكرة، وعملت في مجلس النواب الأمريكي عدة سنوات، قبل أن تصبح حاكمة لولاية كارولينا الجنوبية.
وكانت هيلي من أشد منتقدي ترامب، خلال حملته الانتخابية.
واعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن تعيينها مندوبة لواشنطن في الأمم المتحدة رغم مواقفها الناقد لترامب كان محاولة من الرئيس المنتخب حديثاً للتصالح معها.