لا تتوقف الأزمات الحياتية التي يعاني منها سكان مخيم شعفاط للاجئين شرق مدينة القدس المحتلة عند حد معين، فهي سلسلة تتداخل مع بعضها، وذلك على وقع إهمال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" مسؤولياتها، ومضايقات الاحتلال الإسرائيلي الساعية لطرد المقدسيين من أرجاء المدينة كافة.
وتعد أزمة تهالك البنية التحتية وشبكة الصرف الصحي من أبرز الأزمات التي تواجه المخيم، الذي يقدر عدد سكانه بـ 120 ألف نسمة، إلى جانب أزمة الانقطاع شبه الدوري للمياه الصالحة للشرب، إضافة للحصار الذي تفرضه المستوطنات والحواجز الإسرائيلية على سكان شعفاط من الجهات الأربع.
ويقع مخيم شعفاط، الذي شيدته الأونروا عام 1964، بين قريتي شعفاط وعناتا، ليكون الوحيد داخل حدود ما تسمى "بلدية القدس" التي تديرها سلطات الاحتلال.
ويقطن المخيم فلسطينيون هُجروا من حارة الشرف وباب المغاربة بعد احتلال كامل مدينة القدس عام 67، وبلغت مساحته بداية إنشائه مئة دونم قبل أن تتمدد لاحقا إلى 203 دونمات.
وقال الناشط في اللجان الشعبية بالمخيم عبد الله علقم: "إن الأزمات المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها المخيم ضائعة بين تقصير وكالة الغوث وإجراءات الاحتلال التعسفية التي تتنوع بين فرض الضرائب الباهظة على السكان ومصادرة الأراضي وتقييد مشاريع الإعمار".
وأوضح علقم لصحيفة "فلسطين"، أن أولى الأزمات مرتبطة بتكدس السكان، فبعدما شيدت وكالة الغوث المخيم، منحت كل عائلة هجرت إليه وحدة سكنية لا تتجاوز مساحتها تسعين مترا مربعا كانت تكفي لعائلة واحدة قليلة العدد، ولكن مع تقدم السنوات تضاعفت أعداد السكان على مساحة محدودة.
وأشار علقم إلى أن سلطات الاحتلال تمنع منذ سنوات طويلة تنفيذ مشاريع إصلاح وتأهيل للبنية التحتية في المخيم (شبكات الصرف الصحي، خطوط توزيع المياه)، إضافة لمشكلة تراكم النفايات في أزقته وشوارعه دون جمعها بطريقة منتظمة من بلدية القدس الاحتلالية، مما يتسبب بانتشار الحشرات والروائح الكريهة.
بدوره ذكر الناشط المقدسي محمد أبو حمص أن الاحتلال يستهدف مخيم شعفاط منذ بسط سيطرته الكاملة على مدينة القدس المحتلة عام 1967، وتصاعدت حدة الهجوم في السنوات الماضية في سبيل تطبيق ما تسمى "خطة القدس الكبرى"، الرامية لفصل القدس عن محيطها الفلسطيني الإسلامي بالكامل.
وأوضح أبو حمص في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الأونروا، المسؤولة الأولى عن المخيم، تسوغ تقصيرها في تقديم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وإغاثات طارئة بنقص التمويل الخارجي والإجراءات الأمريكية الأخيرة، الأمر الذي يرفضه السكان ويعدونه يتماشى مع مخططات الاحتلال الساعية لإلغاء عمل الأونروا وتصفيتها بالكامل.
ويتحكم الاحتلال بحركة الدخول والخروج من المخيم كاملا، إذ تحيط بشعفاط مجموعة من المستوطنات الإسرائيلية؛ فـ"عناتوت" جاثمة شرقي المخيم، و"بسجات زئيف" شمالا، و"ريخس شعفاط" في الجهة الغربية و"التلة الفرنسية" جنوبا، كما يحاصره كذلك بالجدار العازل الذي يحيط بالمخيم من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة فقد نصب الاحتلال عندها حاجزا عسكريا.