فلسطين أون لاين

الخط الفاصل بين الخزان الجوفي والبحر يقترب من آبار غزة

البنا:الاحتلال تسبب بـ"تعطيش" سكان قطاع غزة

...
الزميل يحيى اليعقوبي خلال محاورته مازن البنا
غزة - يحيى اليعقوبي

حذّر نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة مازن البنا من أن مصادر المياه في القطاع الساحلي المكتظ بالسكان، باتت محدودة ولا تكفي أقل من ثلث المواطنين وهم يعيشون على عمر الموارد الطبيعية، التي أصبحت مستنزفة .

وذكر البنا في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن ما يغذي الخزان الجوفي لا يزيد عن 60 مليون متر مكعب سنويا، وهي كمية لا تكفي إلا نحو 600 ألف نسمة، وهذا يعني أن الاحتلال -بسيطرته على مصادر المياه وإعاقة تنفيذ المشاريع الدولية- أدى إلى تعطيش الناس بعد أن وصلوا لمليوني نسمة، يشكلون 17% من الشعب الفلسطيني في العالم، ويعيشون بمساحة لا تزيد عن 1.4% من مساحة فلسطين التاريخية.

ووصف البنا ما صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن 90% من سكان قطاع غزة بلا مصدر آمن للشرب بـ"غير الدقيق"، وأن المعايير التي استند إليها الإحصاء والمتمثلة (بشبكات وآبار البلديات وآبار المياه وشبكات تجميع الأمطار) لا يمكن إسقاطها على قطاع غزة.

وفسّر ذلك بأن المواطنين يستخدمون مياه آبار البلديات للاستخدام المنزلي وليس للشرب لعدم توافقها مع المعايير الدولية، ويلجؤون لشراء المياه من محطات التحلية.

واقع مستنزف

وحول واقع المياه في القطاع اليوم، أوضح أن هناك 180 بئر مياه تابعة للبلديات، تنتج 79 مليون متر مكعب من المياه، فضلا عن آبار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" التي تنتج 3 ملايين متر مكعب، و11 مليونا تصل من شركة "ميكروت" الإسرائيلية، ليكون الإجمالي 93 مليون متر مكعب تستخدم للأغراض المنزلية فقط.

ويصل المواطن منها 57 مليونا (لعدم كفاية الشبكات الناقلة) بالإضافة لوجود وصلات مياه غير قانونية من قبل مواطنين وقِدَم بعض الشبكات، بالتالي تكون نسبة الفاقد 33%، بحسب البنا.

وأفاد بأن 40% من المياه التي تضخ للأغراض المنزلية في قطاع غزة تذهب لمدينة غزة وحدها، مما يشكل استنزافا كبيرا يزيد ملوحة المياه الجوفية لعدم استفادة المدينة من مياه الأمطار.

ولفت إلى أن المواطن في قطاع غزة يحصل يوميا على 90 لترا من المياه، فيما يبلغ متوسط المعايير الدولية لحصة الفرد من 100-150 لترا.

وعن مشكلة عدم وصول المياه لمنازل المواطنين لعدة أيام بمناطق مختلفة، فسّر البنا بأن المشكلة تتعلق بأزمة الكهرباء وعدم وجود توافق بين جدول وصل الكهرباء مع جدول تشغيل آبار المياه، وأن حل المشكلة يتم بالتنسيق بين البلديات وشركة التوزيع.

ولدى سؤاله عن تحذير سابق للأمم المتحدة باستنزاف مصدر المياه في القطاع بحلول 2020م، رد بالقول، إن الاستنزاف حاصل منذ عقدين من الزمن للخزان الجوفي، نتيجة عدم توفير مصادر مياه إضافية كما وعدت سلطة المياه برام الله وفق خطة وضعتها لإنشاء مشاريع لتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي لتكون بديلا عن المياه الجوفية.

مؤشرات خطيرة

وحول مستقبل المياه في قطاع غزة، استعرض البنا مدينة غزة كمؤشر –كونها الأكثر استنزافا لمياه الخزان– مبينا أن لدى المدينة 80 بئر مياه تابعة لبلدية غزة، لكن عملية تغذية الأمطار للخزان الجوفي أسفل المدينة "شبه معدومة" نتيجة الامتداد العمراني الكبير وعدم وجود مساحات زراعية، مما يزيد ملوحة الآبار التي وصلت لمستويات لا يمكن تحملها.

ونبه إلى أن معايير منظمة الصحة العالمية بأن لا يزيد تركيز مركب "الكلورايد" عن 250 ملغم في اللتر، كاشفا أن هناك آبارا في المدينة تبدأ بالتضاعف من ألف كتركيز الكلورايد بدءًا من شارع الجلاء ثم تزيد وترتفع النسبة في مناطق النصر ومخيم الشاطئ التي تتدرج حتى تصل إلى 4 آلاف، حيث أدى ذلك لإغلاق عدة آبار نتيجة ملوحتها التي وصلت للرقم السابق.

ونبه إلى أن ما سبق يؤشر لخطورة وضع مدينة غزة ذات الكثافة الأعلى، مستدركا أن الخزان الجوفي "لن يجف لأن هناك خزانا آخر وهو البحر (..) ستبقى المياه الجوفية لكن ستكون مالحة ولن تكون صالحة مستقبلا لا للاستخدام الآدمي ولا للمنزلي، وسيزيد عدد الآبار التي تُغلق".

وحذر من أن الخط الفاصل ( خط تخيلي) بين البحر المتوسط والخزان الجوفي ينحصر نحو الخزان وتقل مساحته ووصل لمرحلة صعبة وخطيرة، مما يؤدي لزيادة الملوحة ونسبة "الكلورايد"، خاصة بمدينة غزة التي سيقترب فيها الخط الفاصل من حدود الخزان وتكون عرضة لارتفاعات مفاجئة في الملوحة، بالتالي لا يمكن استعمال المياه حينها لأي شيء، وستؤدي لمشكلة بيئية وصحية تؤثر على نمط الحياة، في ظل عدم وجود تحسين في نوعية الخزان.

وعن حل المشكلة، أشار إلى وجود محطة (أنشئت مؤخرا) لتحلية مياه البحر تنتج سنويا 4 ملايين متر مكعب، لكنها تغطي فقط 10% من احتياج مدينة غزة، وأن هناك محطة أخرى يفترض أن تكون جاهزة العام المقبل.

وفي السياق، قال البنا، إنه لم يطبق أكثر من 20% من المشاريع الدولية لإنشاء محطات معالجة وتحلية مياه البحر والصرف الصحي والاستفادة من مياه الأمطار، لإصلاح الخزان الجوفي.

وفيما يتعلق بتأثير مياه البحر الملوثة على الخزان الجوفي، حذر من خطورة ذلك على جودة المياه لكن يرى أن "التأثير حاليا ما زال جزئيا".

وبخصوص جهوزية القطاع للاستفادة من مياه الأمطار في فصل الشتاء القادم، أكد وجود عجز في الاستفادة من مياه الأمطار، وأن البنية التحتية الموجودة غير قادرة على استيعاب نسبة كبيرة منها، مبينا أن متوسط كمية الأمطار التي تسقط على القطاع سنويا تتراوح ما بين 120-130 مليون متر مكعب، ما يتم الاستفادة منها يتراوح ما بين 40-50 مليونا، وهو ما يحتاج لإعادة دراسة شبكات المياه وتجميع الأمطار وتطويرها.