رغم التنسيق الأمني الحثيث بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، نجح فلسطينيون بتنفيذ أعمال مقاومة، كان آخرها، أول من أمس، عندما قتل مستوطنان اثنان وأصيب آخر في عملية إطلاق نار في منطقة "بركان" الصناعية قرب مستوطنة "أريئيل" المقامة على أراضٍ فلسطينية بمدينة سلفيت شمال الضفة المحتلة.
ونجح منفذ العملية الفدائية بالانسحاب من المكان، بينما سادت مخاوف احتلالية من مواصلة طريقه في قتل مستوطنين آخرين.
ويعد رئيس السلطة، مهندس اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993، الثمانيني محمود عباس، التنسيق الأمني "مقدسا"، كما تباهى مسؤول مخابرات السلطة ماجد فرج في 2016، بإحباط 200 عملية فدائية ضد (إسرائيل)، واعتقال 100 مواطن على خلفية ذلك بالضفة الغربية.
ويرتبط بالتنسيق الأمني اسم الضابط الأمريكي كيث دايتون، الذي تم تعيينه منسقا أمنيا بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي في الضفة سنة 2005 من قبل الإدارة الأمريكية.
لكن فلسطينيين في الضفة الغربية اجتازوا حواجز التنسيق الأمني، ونجحوا في تنفيذ عمليات فدائية.
ونقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" أمس، عن مصادر أمنية قولها: إن منفذ العملية الفدائية الأخيرة "كسر حاجز الخوف".
وبحسب تقرير للدائرة الإعلامية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، شهد سبتمبر/أيلول الماضي 431 عملا مقاوما في الضفة الغربية والقدس، نفذها الشباب الثائر ردا على الانتهاكات الاحتلالية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.
وتنوعت أساليب المقاومة بين عمليات إطلاق نار وطعن وإلقاء حجارة وزجاجات حارقة وعبوات ناسفة محلية الصنع.
ونفذت المقاومة خلال الشهر المذكور، أربع عمليات إطلاق نار، وثلاث محاولات لعمليات طعن، كما شهدت مناطق الضفة والقدس 165 مواجهة، أدت في مجملها إلى مقتل إسرائيلي وإصابة أكثر من 10 آخرين.
بينما شهد أغسطس/آب الماضي 388 عملا مقاوما ألقى خلالها شبان فلسطينيون 11 زجاجة حارقة وفجروا عبوات ناسفة عدة.
وازدادت وتيرة المقاومة في الضفة والقدس بالتزامن مع اشتداد وتيرة انتهاكات الاحتلال بحق المسجد الأقصى وتجمع الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة.
وشهدت القدس ورام الله والخليل، أعلى معدل في عدد المواجهات والأعمال المقاومة بنسبة قاربت 53% من مجموع محافظات الضفة، فيما شكلت المواجهات وإلقاء الحجارة نسبة 79% من مجموع الأعمال المقاومة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015، اندلعت انتفاضة القدس ردا على تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ومحاولة حكومة الاحتلال تنفيذ مخططاتها الرامية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا.
وعي بمواجهة "التدجين"
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية د. عبد الستار قاسم، أن الشبان الذين ينفذون عمليات فدائية بالضفة الغربية المحتلة يمتلكون جرأة، في وجه الملاحقة الأمنية.
ويدعو قاسم في حديث مع صحيفة "فلسطين" إلى زيادة الوعي الأمني لدى هؤلاء الشباب حتى لا يقعوا بسهولة في أيدي مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أهمية وضع الخطط المسبقة في كيفية الإفلات من الأجهزة الأمنية هناك.
وبالرغم من التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة، يرى قاسم أن من يريد تنفيذ عملية في الضفة الغربية يستطيع القيام بذلك، قائلا: "المخاطر أكبر بوجود أجهزة أمنية متنوعة تلاحق الأفراد، لكن من يعزم على شيء يستطيع أن ينفذه".
ويوضح قاسم أن السلطة تمثل "الجزء الأكبر" فيما أسماه "عملية تدجين" الفلسطينيين في الضفة الغربية، لتغييب الثقافة الوطنية وإشغال الشباب بثقافة غربية ورفاهية وخروج عن المألوف، مبينا أن السلطة تقوم بما فشل فيه الاحتلال.
ويتمم بأن "السلطة خربت شيئا كثيرا في الضفة الغربية"، متابعا منفذي العمليات الفدائية بالضفة يمتلكون ما وصفه "بالوعي غير الاعتيادي" بالقضية الفلسطينية.