قائمة الموقع

​بين صاحب العمل والعامل حقٌ وواجب

2018-10-06T08:12:00+03:00
صورة أرشيفية

حرص الإسلام على توجيه المسلمين والناس جميعًا على العمل الذي عظم من شأنه، وعلى قدر العمل والإخلاص به يكون جزاء الإنسان، فقال الله تعالى في القرآن الكريم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).

ومن هنا فإن للعامل والموظف حقوقًا وعليه واجبات وكذلك صاحب العمل أيضًا، فما هي تلك الحقوق والواجبات لكلا الطرفين، وما العلاقة التي يجب أن تحكم كليهما تفاديًا لأي ظلم أو مضرة تلحق بأحد الطرفين.

يحاسب عليه

الأستاذ المشارك في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. زياد مقداد، قال: "حث الإسلام المسلمين وغيرهم على العمل كل في مجاله وميدانه، قال تعالى : "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".

وأضاف د. مقداد لـ"فلسطين": "وهذه الآية تدلل على أن الله لم يكتفِ بالأمر بالعمل بل بين أن الأعمال معروضة عليه سبحانه وتعالى، وأن الله ناظر إليها، أي أن أعمال الإنسان ليست متروكة فهو مطلع عليها ويجازي عليه، فمن عمل وأخلص في عمله يؤجر".

وأشار إلى أنه من لا يخلص في عمله أو يقصر أو يغش فإنه يحاسب عند الله، حتى لو لم تتم مراجعته أو محاسبته عند صاحب العمل.

وعن الأسس التي يجب أن يراعيها العامل أو الموظف في عمله، بين أن الإخلاص في العمل هي السمة الأساسية، وعليه أن يعمل كأنه يؤدي عملاً لنفسه أو لشخص عزيز عليه، وألا يكون مقصرًا أو مخادعًا.

الالتزام بالاتفاق

وأكد د. مقداد أن عليه الالتزام بشروط عمله، فلكل عمل شروط ومتطلبات والتي تم الاتفاق بين صاحب العمل والعامل عليها والعقد شريعة المتعاقدين، سواء من حيث الجودة والحقيقة، ومن حيث مدة العمل أو الدوام.

ونبه إلى أن بعض العاملين يحرقون وقت العمل بحجج مقبولة أو غير مقبولة، وتكون حقيقة العمل الذي أدوه في اليوم الواحد أقل وهذا يعني أنهم أخذوا أجورهم بغير وجه حق، لأن من واجباهم أن يلتزموا حسب ما هو متعارف عليه.

ولفت د. مقداد إلى أن التهرب من ساعات العمل يؤدي إلى مضار كبيرة للمؤسسة سواء عامة أو خاصة.

وفي المقابل على صاحب العمل واجبات والتزامات نحو العامل، أوضح أنها تبدأ بالرحمة بأن يكون رحيمًا بالعاملين لديه أو الموظفين، فلا يستغل حاجتهم بزيادة عدد الساعات أو نقصان الأجر، أو التحكم فيهم بما هو غير معهود.

وقال د. مقداد: "هناك كثير من أصحاب العمل يستغلون العاملين استغلالًا مشينًا، سيما أننا نعيش في زمن قل فيه العمل، ويعرضون عليهم أجورًا بخسة لا تعطي العامل حقه ولا تفي بأبسط ضرورياته".

ودعا أرباب العمل إعطاء العمال حقوقهم القانونية مثل نهاية الخدمة كما ينص القانون، أو فيما يتعلق بإجازاتهم الأسبوعية والسنوية، مؤكدا أن منح العامل حقوقه مع معاملته برحمة وعدل سيبارك الله له في ماله وأولاده، وسيجعل العامل أكثر حبًا وإخلاصًا للعمل والتفاني فيه.

وحذر د. مقداد من أن القسوة والتجاوز في معاملة العامل والموظف، يجعله يبحث عن طرق يخلص بها حقه ربما يسرق صاحب العمل أو يخادعه ويفعل كل ما يعود بالضرر على العمل كلما سنحت له الفرصة.

التدرج في المعالجة

ونبه الأستاذ المشارك في كلية الشريعة والقانون إلى أن العاملين بشر يصيبون ويخطئون ويتعرضون لمتغيرات في حياتهم على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، ويهذا ينعكس بالفعل على أدائهم في العمل مما قد يتسبب بأخطاء وتقصير فيه.

وحث أصحاب العمل أن يتدرجوا في علاج مشاكلهم مع العامل أو الموظف، وليس فصله أو طرده أو الخصم عليه من مجرد خطأ أول، بل توجيهه بالكلمة الطيبة وبالموعظة الحسنة.

ولفت د. مقداد إلى أن تكرار التقصير من جانب العامل أو الموظف مرات ومرات ووجد صاحب العمل أن التقصير مقصود أو لا يمكن إصلاحه، يمكنه أن يتخذ من الطرق والوسائل التي يكون فيها نوع من قسوة ولكن بالتدرج أيضًا، وإن لم يستجب لذلك لا بأس أن أقوم بخصم بعض الأيام عليه، لعله يكون سببًا لاعتداله أو عودته.

وأشار إلى أنه لا يعقل استمرار عامل أو موظف يتكرر منه الخطأ ولا يستجب لكل المعالجات، لأنه ذلك يعود بالمفسدة على العمل.

وشدد د. مقداد على أن تقوى الله ومخافته يجب أن يحكم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسأل خادمه يومًا عما فعل أو يفعل، قائلا: "لا نطلب أن يكون رسولا بل يقتدي بما يفعل الرسول ما استطاع إليه سبيلاً".

حينما يشعر العامل أو الموظف بظلم صاحب العمل له، قال: "لا يعني ذلك أن يقصر العامل في عمله أو يتعمد بارتكاب أخطاء، بل عليه أن يكون جريئًا ويذهب لصاحب العمل ويبين هذا الظلم، أو أن يتخذ قرارا بأن الرزق على الله".

وتابع د. مقداد: "ربما يكون بمزيد من الانسجام أن يقابل الظلم أو المعاملة السيئة بمزيد من الإخلاص أو التفاني ربما بسلوكه الإيجابي يغير من تعامل رب العمل معه ويحسن من معاملته، وقد يكون اختبارا له، لذا يجب أن نصبر وألا نتسرع في ارتكاب الأخطاء".

زاوية

اخبار ذات صلة